العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

عربية ودولية

سكان قطاع غزة يتشاركون الأحذية ويرتدون الملابس ذاتها منذ أشهر

الاثنين ١٩ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

قطاع‭ ‬غزة‭ - (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭): ‬اضطرت‭ ‬صفا‭ ‬ياسين‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تُلبس‭ ‬طفلتها‭ ‬طقم‭ ‬الملابس‭ ‬الأبيض‭ ‬ذاته‭ ‬لأشهر،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬اعتاده‭ ‬سكان‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الغاشم‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭.‬

تقول‭ ‬ياسين‭ ‬التي‭ ‬نزحت‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬القطاع‭: ‬‮«‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬حاملا،‭ ‬كنت‭ ‬أحلم‭ ‬باللحظة‭ ‬التي‭ ‬سأحتضنها‭ ‬فيها‭ ‬وألبسها‭ ‬ملابس‭ ‬جميلة‭... ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬العدوان‭ ‬لم‭ ‬أجد‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬للأطفال‭ ‬المواليد‭ ‬كي‭ ‬ألبسها‭ ‬إياه‮»‬‭. ‬

وتضيف‭ ‬السيدة‭ ‬البالغة‭ ‬38‭ ‬عاما‭ ‬وتقيم‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬المواصي‭ ‬بخان‭ ‬يونس‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬القطاع‭: ‬‮«‬لم‭ ‬أتخيل‭ ‬يوما‭ ‬أنني‭ ‬سأعجز‭ ‬عن‭ ‬إيجاد‭ ‬ملابس‭ ‬لطفلتي‮»‬‭.‬

وتوضح‭ ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬تخبز‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حرارة‭ ‬الصيف‭ ‬المرتفعة‭ ‬‮«‬وجدت‭ ‬بعض‭ ‬الملابس‭ ‬قبل‭ ‬نزوحنا،‭ ‬لكن‭ ‬أغلبها‭ ‬كان‭ ‬غير‭ ‬مناسب‭ ‬لحجم‭ ‬المواليد‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬لحالة‭ ‬الطقس‭ ‬الحالي‮»‬‭.‬

بات‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬ملابس‭ ‬ملائمة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الأمور‭ ‬تعقيدا‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬المحاصر،‭ ‬حيث‭ ‬يواجه‭ ‬السكان‭ ‬البالغ‭ ‬عددهم‭ ‬2‭,‬4‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬ظروفا‭ ‬انسانية‭ ‬كارثية‭. ‬

وشددت‭ ‬إسرائيل‭ ‬حصارها‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬بعد‭ ‬بدء‭ ‬عدوانها‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭. ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬بات‭ ‬دخول‭ ‬السلع‭ ‬مقيدا‭ ‬ولم‭ ‬يسمح‭ ‬بوصول‭ ‬إلا‭ ‬القليل‭ ‬منها‭. ‬

تبذل‭ ‬فاتن‭ ‬جودة‭ ‬بدورها‭ ‬جهدا‭ ‬كبيرا‭ ‬لتوفير‭ ‬ملابس‭ ‬لطفلها‭ ‬آدم‭ (‬15‭ ‬شهرا‭) ‬الذي‭ ‬يرتدي‭ ‬طقما‭ ‬ضيقا‭ ‬للنوم،‭ ‬لا‭ ‬يتناسب‭ ‬وحجمه‭ ‬الحالي،‭ ‬ولا‭ ‬يغطي‭ ‬ذراعيه‭ ‬وساقيه‭.‬

وتقول‭ ‬جودة‭ (‬30‭ ‬عاما‭) ‬لفرانس‭ ‬برس‭: ‬إن‭ ‬طفلها‭ ‬‮«‬ينمو‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬وملابسه‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يرتديها‭ ‬خلال‭ ‬أشهره‭ ‬الأولى‭ ‬صغرت‭ ‬عليه‭. ‬لذا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مقاسات‭ ‬أكبر‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬متوافرا‮»‬‭.‬

كانت‭ ‬صناعة‭ ‬النسيج‭ ‬مزدهرة‭ ‬قبل‭ ‬العدوان‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وعرفت‭ ‬ذروتها‭ ‬مطلع‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الفائت‭ ‬مع‭ ‬نحو‭ ‬900‭ ‬مصنع‭.‬

وكان‭ ‬قطاع‭ ‬النسيج‭ ‬يوظّف‭ ‬35‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬وينتج‭ ‬أربعة‭ ‬ملايين‭ ‬قطعة‭ ‬ملابس‭ ‬ترسل‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬شهريا‭. ‬وتراجعت‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬حين‭ ‬فرضت‭ ‬إسرائيل‭ ‬حصارا‭ ‬عليه‭.‬

وطال‭ ‬التراجع‭ ‬أيضا‭ ‬ورش‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬بحيث‭ ‬تضاءلت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬100‭ ‬يعمل‭ ‬فيها‭ ‬حوالى‭ ‬أربعة‭ ‬آلاف‭ ‬شخص‭ ‬وتصدّر‭ ‬شهريا‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬30‭-‬40‭ ‬ألف‭ ‬قطعة‭ ‬ملابس‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬تحتلها‭ ‬الدولة‭ ‬العبرية‭. ‬

ومع‭ ‬حلول‭ ‬يناير،‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬اندلاع‭ ‬العدوان،‭ ‬قّدر‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬أن‭ ‬79‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬منشآت‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬قد‭ ‬دمرت‭ ‬جزئيا‭ ‬أو‭ ‬كليا‭.‬

وتسبّب‭ ‬انقطاع‭ ‬الكهرباء‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬توقف‭ ‬المصانع‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قائمة‭.  ‬

أما‭ ‬كميات‭ ‬الوقود‭ ‬الشحيحة‭ ‬فتستخدم‭ ‬لتوفير‭ ‬احتياجات‭ ‬المستشفيات‭ ‬ومرافق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مثل‭ ‬المستودعات،‭ ‬ونقاط‭ ‬إمداد‭ ‬المساعدات‭.  ‬

بالتالي،‭ ‬بات‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬ملابس‭ ‬جديدة‭ ‬أمرا‭ ‬متعذرا‭. ‬

وكتب‭ ‬المفوض‭ ‬العام‭ ‬لوكالة‭ ‬غوث‭ ‬وتشغيل‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ (‬أونروا‭) ‬فيليب‭ ‬لازاريني‭ ‬عبر‭ ‬منصة‭ ‬إكس‭ ‬‮«‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬العشرة‭ ‬الماضية،‭ ‬بعض‭ ‬النساء‭ ‬يضعن‭ ‬الحجاب‭ ‬ذاته‮»‬‭. ‬

ارتداء‭ ‬الملابس‭ ‬ذاتها‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬ليس‭ ‬مزعجا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يشكّل‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬الصحة‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬شحّ‭ ‬المياه‭ ‬اللازمة‭ ‬لغسلها،‭ ‬يسجّل‭ ‬انتشار‭ ‬للقمل‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬النساء‭. ‬

ويقول‭ ‬أحمد‭ ‬المصري‭ ‬الذي‭ ‬نزح‭ ‬من‭ ‬شمال‭ ‬القطاع‭ ‬نحو‭ ‬جنوبه‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭: ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬‮«‬حذاء‭ ‬ولا‭ ‬ملابس‭ ‬ولا‭ ‬مأوى‮»‬‭. ‬

ويضيف‭ ‬الشاب‭ ‬البالغ‭ ‬29‭ ‬عاما‭ ‬‮«‬صلّحت‭ ‬حذائي‭ ‬30‭ ‬مرة‭... ‬دفعت‭ ‬ثمن‭ ‬تصليحه‭ ‬عشرة‭ ‬أضعاف‭ ‬سعره‮»‬‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭. ‬

ويوضح‭: ‬‮«‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬أشتري‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬أجد‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا