تلعب الغدة الدرقية دورا مهما في تنظيم عمل الأعضاء المختلفة في الجسم، أما في حالة قصور الغدة فقد يكون لها تأثير على القلب والأوعية الدموية، وهذا ما سوف يوضحه في المقال التالي الدكتور وئام حسين استشاري أمراض الغدد الصماء والسكري بمستشفى رويال البحرين أمين عام الجمعية العربية للغدة الدرقية ومؤسس الجمعية الأمريكية للغدد الصماء فرع الخليج.
أكد الدكتور وئام أن اضطرابات الغدة الدرقية تحدث في نسبة كبيرة من عامة السكان ويتم تشخيصها بشكل متزايد ولكن لا يزال أكثر من نصف الحالات غير مشخصة. ويزداد انتشارها بين النساء مع تقدم العمر.
في المسح الوطني الثالث للصحة والتغذية (NHANES III)، الذي أجري بين عامي 1988 و1994، في الولايات المتحدة الأمريكية، تم العثور على قصور الغدة الدرقية دون السريري أو الصريح في حوالي 10.3% يعانون من درجة ما من قصور الغدة الدرقية، كما يتضح من مستويات TSH المرتفعة(>5 uIU / mL).
أيضا في أكبر دراسة مقطعية حتى الآن، فحص كاناريس وآخرون اختبارات وظائف الغدة الدرقية من 25862 مشاركًا في معرض صحي على مستوى الولاية في كولورادو بالولايات المتحدة الأمريكية، وكشفوا أن حوالي 10% من السكان يعانون من قصور الغدة الدرقية و3% يعانون من فرط نشاط الغدة الدرقية.
أما بالنسبة إلى تضخم الغدة أو وجود عقيدات في الغدة، تعتبر شائعة جدًا وقد وجدت دراسات متعددة أنها تصل إلى 50% تقريبا من الأشخاص الذين ليس لديهم تاريخ من أمراض الغدة الدرقية التي يمكن اكتشافها سريريًا.
ويتطور التاريخ الطبيعي لأمراض الغدة الدرقية عادةً ولكن مع التشخيص المبكر والإدارة المناسبة من قبل أخصائي الغدد الصماء المتخصص، يمكن علاج معظم اضطرابات الغدة.
قصور الغدة الدرقية
قصور الغدة الدرقية هو متلازمة سريرية ناتجة عن نقص هرمونات الغدة الدرقية ما يؤدي بدوره إلى تباطؤ عام في عملية التمثيل الغذائي سواء كان قصور الغدة الدرقية ناتجًا عن مرض الغدة النخامية أو مرض الغدة الدرقية، فإن أعراض وعلامات المرض تختلف فيما يتعلق بحجم نقص هرمون الغدة الدرقية، والحدة والسرعة التي يتطور بها النقص. يكون قصور الغدة الدرقية أقل بروزًا سريريًا وأفضل تحملًا عندما يكون هناك فقدان تدريجي لوظيفة الغدة الدرقية (كما هو الحال في معظم حالات قصور الغدة الدرقية) مقارنة بتطوره الحاد بعد استئصال الغدة الدرقية أو الانسحاب المفاجئ للهرمون الدرقي الخارجي. وترتبط الأعراض في الغالب بالتباطؤ العام للعمليات الأيضية. وقد يؤدي هذا إلى حدوث خلل مثل التعب، وبطء الحركة، وبطء الكلام، وعدم تحمل البرد، والإمساك، وزيادة الوزن، وتأخر استرخاء ردود الفعل الأوتارية العميقة، وبطء القلب. ومع ذلك، فإن تراكم جليكوز أمينوغليكان المصفوفة في الأنسجة يمكن أن يؤدي إلى خشونة الشعر والجلد، وانتفاخ الوجه، وتضخم اللسان، وبحة الصوت. وغالبًا ما يتم التعرف على هذه التغييرات بسهولة أكبر لدى المرضى الصغار، وقد تُعزى إلى الشيخوخة لدى المرضى الأكبر سنًا.
ويعد الجهاز القلبي الوعائي أحد الأهداف الرئيسية لعمل هرمونات الغدة الدرقية. ويؤدي نقص التمثيل الغذائي المرتبط بقصور الغدة الدرقية إلى انخفاض في الناتج القلبي الذي يتوسطه انخفاض في معدل ضربات القلب وانقباضه ما قد يؤدي إلى تفاقم فشل القلب. ومع ذلك، هناك أدلة قوية على أن قصور الغدة الدرقية يغير العديد من عوامل الخطر لأمراض القلب والأوعية الدموية ويسبب تصلب الشرايين بشكل كبير.
دراسات متعددة
ربما كانت الدراسات الأولى قد جاءت من دراسات تشريح الجثث التي تم توثيقها في وقت مبكر يعود إلى عام 1878 عندما أبلغ الدكتور جرينفيلد عن تصلب الشرايين الشديد كتقرير حالة لسيدة تبلغ من العمر 58 عامًا، لكن الدكتور كوتشر، الحائز جائزة نوبل، أبلغ عنها بشكل أكثر تفصيلاً وأثبت فرضية السبب والنتيجة في عام 1883. ومنذ ذلك الحين، أكدت العديد من دراسات التشريح وجود تصلب الشرايين التاجية الأكثر شدة في حالات قصور الغدة الدرقية مقارنة بحالات الغدة الدرقية السليمة التي تتطابق مع أعمارها.
وعلاوة على ذلك، فحصت العديد من الدراسات حالات حية تعاني من قصور الغدة الدرقية وأثبتت ارتباطها بمرض الشريان التاجي أكثر من الاشخاص المطابقة للعمر. كشفت دراسة تصوير الأوعية التاجية في حالات قصور الغدة الدرقية عن معدل تقدم أعلى في أولئك الذين لم يتلقوا علاجًا كافيًا مقارنة بأولئك الذين تلقوا علاجًا كافيًا.
كما أظهرت دراسة روتردام المشهورة التي أجريت على 1149 امرأة زيادة كبيرة في تصلب الشرايين الأبهرية بنسبة احتمالات 1.9 وزيادة في احتشاء عضلة القلب بنسبة احتمالات 2.3 في قصور الغدة الدرقية مقارنة بالنساء السليمات، بعد التعديل بحسب العمر وعوامل الخطر وحالة التدخين.
وأظهرت العديد من الدراسات أسبابًا متعددة لمثل هذه الزيادة في أمراض القلب والأوعية الدموية التصلبية في قصور الغدة الدرقية مثل الزيادة في الكوليسترول الضار LDL المسبب لتصلب الشرايين، والبروتين الدهني (أ)، وخلل البطين الأيسر، وارتفاع ضغط الدم الانبساطي، وفرط الهوموسيستين، وتغير قابلية التخثر، وخلل في وظائف الخلايا البطانية، وتغير العضلات الملساء الوعائية ومقاومة الأنسولين.
عوامل الخطر الأخرى بين حالة الغدة الدرقية وعامل خطر آخر لمرض تصلب الشرايين، هو البروتين المتفاعل (C)، وهو بروتين في المرحلة الحادة يدور بتركيزات أعلى في مجموعة متنوعة من حالات المرض الحادة والمزمنة. وفي إحدى الدراسات تم قياس البروتين التفاعلي سي في 61 مريضًا يعانون من قصور الغدة الدرقية الواضح و63 مريضًا يعانون من قصور الغدة الدرقية دون السريرية وقارنوهم بـ40 مريضًا سليمًا من الغدة الدرقية. كانت مستويات البروتين التفاعلي سي أعلى بشكل ملحوظ في كلتا المجموعتين المصابتين بقصور الغدة الدرقية، مقارنة بالأشخاص الاخرون.
وكما هو معروف للجميع زيادة الوزن عند الاشخاص المصابين بخمول الغده الدرقية وما يتبعه من زيادة عوامل الخطورة لأمراض القلب والشرايين.
كما تم ملاحظة تأثيرات تآزرية بين التدخين وقصور الغدة الدرقية.
المدخنون كانوا أكثر عرضة لمضاعفات خمول الغدة الدرقية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك