العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

بصمات نسائية

ابني المريض -رحمه الله- كان وراء ما حققته اليوم

أجرت الحوار: هالة كمال الدين

الأربعاء ٢٨ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

يقول‭ ‬السياسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬الشهير‭ ‬ثودور‭ ‬روزفلت‭: ‬‮«‬المحن‭ ‬والشدائد‭ ‬تخضع‭ ‬وتروض‭ ‬العقول‭ ‬البسيطة‭.. ‬لكن‭ ‬العقول‭ ‬العظيمة‭ ‬ترتفع‭ ‬فوقها‭!‬‮»‬‭.‬

نعم،‭ ‬فحتى‭ ‬في‭ ‬أسوأ‭ ‬المحن‭ ‬قد‭ ‬تجد‭ ‬خيرا،‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬تتمتع‭ ‬بعقل‭ ‬عظيم،‭ ‬وذلك‭ ‬لقدرتك‭ ‬الذهنية‭ ‬والنفسية‭ ‬على‭ ‬المواجهة،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬القناعة‭ ‬بان‭ ‬الحياة‭ ‬ليست‭ ‬دائما‭ ‬كما‭ ‬تتمنى،‭ ‬وبأن‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يحدث‭ ‬للإنسان‭ ‬إلا‭ ‬وقد‭ ‬منحه‭ ‬الله‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحمله،‭ ‬وبأن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يستلزم‭ ‬منا‭ ‬هو‭ ‬التحلي‭ ‬بمهارات‭ ‬المقاومة‭ ‬كالقوة‭ ‬والصبر‭ ‬والتفاؤل‭ ‬بأن‭ ‬القادم‭ ‬أجمل‭ ‬بمشيئة‭ ‬الخالق‭. ‬

هذا‭ ‬بالفعل‭ ‬ما‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬تجربة‭ ‬هذه‭ ‬السيدة،‭ ‬التي‭ ‬صنعت‭ ‬من‭ ‬محنة‭ ‬مرض‭ ‬وفقدان‭ ‬ابنها‭ ‬منحة‭ ‬وحافزا‭ ‬للعطاء‭ ‬والمواصلة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬وصلابة،‭ ‬حتى‭ ‬تركت‭ ‬بصمة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬النساء‭ ‬تضاف‭ ‬إلى‭ ‬رصيد‭ ‬الإنجازات‭ ‬المشرقة‭ ‬والمشرفة‭ ‬للمرأة‭ ‬البحرينية‭.‬

سوزان‭ ‬عبدالله‭ ‬علي،‭ ‬بطلة‭ ‬قصة‭ ‬عملية‭ ‬وإنسانية‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬خاص،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬أول‭ ‬بحرينية‭ ‬تؤسس‭ ‬وتقود‭ ‬مركز‭ ‬عمليات‭ ‬مطار‭ ‬البحرين‭ ‬الدولي‭ ‬وبكل‭ ‬مهارة،‭ ‬حيث‭ ‬أثبتت‭ ‬قدرة‭ ‬فائقة‭ ‬على‭ ‬العطاء‭ ‬والتميز‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الميدان،‭ ‬ولم‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬بقدر‭ ‬إصرارها‭ ‬على‭ ‬تحدي‭ ‬ذاتها،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الألفة‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬فريق‭ ‬عملها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الإنجاز‭ ‬والإبداع‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الرحلة‭ ‬كانت‭ ‬طويلة‭ ‬وشاقة،‭ ‬ولكن‭ ‬الوصول‭ ‬كان‭ ‬ممتعا‭ ‬للغاية،‭ ‬فما‭ ‬أجمل‭ ‬حصاد‭ ‬السنين‭ ‬بعد‭ ‬التعب‭ ‬والجهد،‭ ‬أما‭ ‬الأجمل‭ ‬فهو‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬المواصلة‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬التقاعد،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليها‭ ‬بداية‭ ‬لحياة‭ ‬جديدة‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬محطة‭ ‬للسكون‭ ‬والراحة‭.‬

‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬توقفت‭ ‬عند‭ ‬محطات‭ ‬المشوار‭ ‬في‭ ‬السطور‭ ‬التالية‭:‬

بداية‭ ‬الرحلة؟

البداية‭ ‬كانت‭ ‬مع‭ ‬أحلام‭ ‬الطفولة،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬حلمي‭ ‬دوما‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬طبيبة‭ ‬أو‭ ‬مهندسة‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬وبالفعل‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الدراسة‭ ‬الثانوية‭ ‬أقدمت‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬تخصص‭ ‬الهندسة،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتماشى‭ ‬كثيرا‭ ‬مع‭ ‬شغفي‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأمور‭ ‬الهندسية،‭ ‬حتى‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬أعشق‭ ‬العمل‭ ‬بيدي،‭ ‬وإصلاح‭ ‬بعض‭ ‬الأشياء‭ ‬المنزلية‭ ‬بنفسي،‭ ‬وقد‭ ‬بدأ‭ ‬مشواري‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬بالدراسة‭ ‬بجامعة‭ ‬البحرين،‭ ‬ثم‭ ‬أكملته‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭.‬

ولماذا‭ ‬بريطانيا؟

لقد‭ ‬أدركت‭ ‬أن‭ ‬إكمال‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬سوف‭ ‬يضيف‭ ‬لي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخبرات‭ ‬الجديدة‭ ‬ويطور‭ ‬من‭ ‬شخصيتي،‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجربة‭ ‬الغربة‭ ‬وتحقيق‭ ‬الاستقلالية‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬ثقافات‭ ‬مغايرة،‭ ‬وعملت‭ ‬أثناء‭ ‬الدراسة‭ ‬كوسيط‭ ‬للتواصل‭ ‬مع‭ ‬الطلبة‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬تمتعي‭ ‬بروح‭ ‬القيادة‭.‬

 

بعد‭ ‬التخرج؟

عقب‭ ‬التخرج‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬وطني،‭ ‬عملت‭ ‬كمتدربة‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الطيران‭ ‬المدني‭ ‬بالبحرين‭ ‬بوزارة‭ ‬المواصلات،‭ ‬وتنقلت‭ ‬بين‭ ‬عدة‭ ‬أقسام‭ ‬منها‭ ‬الهندسة‭ ‬والصيانة‭ ‬بمطار‭ ‬البحرين‭ ‬الدولي،‭ ‬وذلك‭ ‬مدة‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر،‭ ‬ثم‭ ‬التحقت‭ ‬بالعمل‭ ‬لدى‭ ‬أحد‭ ‬المقاولين‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬بعدة‭ ‬مشاريع‭ ‬تخص‭  ‬المطار،‭ ‬وعملت‭ ‬في‭ ‬إحداها‭ ‬الذي‭ ‬يتعلق‭ ‬بساحة‭ ‬المطار،‭ ‬وبقيت‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬ثم‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬بوزارة‭ ‬الكهرباء‭ ‬بقسم‭ ‬التخطيط‭ ‬مدة‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات،‭ ‬بعدها‭ ‬تلقيت‭ ‬عرضا‭ ‬مغريا‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬أجنبية‭ ‬للاستشارات‭ ‬الهندسية‭ ‬وشاركت‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬مشروعا‭ ‬كبيرا‭ ‬ومهما‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

المحطة‭ ‬التالية؟

بعد‭ ‬ذلك‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬بإدارة‭ ‬جزيرة‭ ‬ريس،‭ ‬وتقلدت‭ ‬منصب‭ ‬مدير‭ ‬المشاريع‭ ‬وإدارة‭ ‬المرافق،‭ ‬ثم‭ ‬جاء‭ ‬الوقت‭ ‬كي‭ ‬أحقق‭ ‬شغفي‭ ‬الذي‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬بالمطار‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬بدايات‭ ‬مشواري‭ ‬العملي،‭ ‬فكم‭ ‬تمنيت‭ ‬الرجوع‭ ‬إليه‭ ‬خلال‭ ‬سنوات‭ ‬البعد‭ ‬عنه،‭ ‬وخاصة‭ ‬حين‭ ‬أصبح‭ ‬تحت‭ ‬إدارة‭ ‬شركة‭ ‬مطار‭ ‬البحرين‭ ‬الخاصة،‭ ‬وعينت‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬مدير‭ ‬الهندسة‭ ‬والمرافق،‭ ‬وكنت‭ ‬أول‭ ‬بحرينية‭ ‬تحتل‭ ‬تلك‭ ‬المكانة‭.‬

أهم‭ ‬الإنجازات‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة؟

لقد‭ ‬قضيت‭ ‬ست‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الشركة،‭ ‬استطعت‭ ‬خلالها‭ ‬تحقيق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإنجازات،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بوضع‭ ‬استراتيجيات‭ ‬تخص‭ ‬مجالي‭ ‬الهندسة‭ ‬والصيانة،‭ ‬وقد‭ ‬شجعني‭ ‬كثيرا‭ ‬أحد‭ ‬المديرين‭ ‬التنفيذيين‭ ‬وهو‭ ‬ألماني‭ ‬الجنسية‭ ‬وذلك‭ ‬لإيمانه‭ ‬بقدراتي‭ ‬ومؤهلاتي‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬عرض‭ ‬عليّ‭ ‬فكرة‭ ‬تأسيس‭ ‬مشروع‭ ‬مركز‭ ‬عمليات‭ ‬مطار‭ ‬البحرين‭ ‬الدولي،‭ ‬وكانت‭ ‬أهم‭ ‬نقلة‭ ‬في‭ ‬مشواري‭.‬

حدثينا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬النقلة؟

كم‭ ‬كنت‭ ‬فخورة‭ ‬بأن‭ ‬أكون‭ ‬أول‭ ‬بحرينية‭ ‬تؤسس‭ ‬وتقود‭ ‬مركز‭ ‬عمليات‭ ‬المطار،‭ ‬وهي‭ ‬خطوة‭ ‬غيرت‭ ‬مسار‭ ‬عملي‭ ‬من‭ ‬مجال‭ ‬الهندسة‭ ‬إلى‭ ‬عمليات‭ ‬المطار،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬ربطت‭ ‬الهندسة‭ ‬وإدارة‭ ‬المشاريع‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطيران‭ ‬مع‭ ‬عمليات‭ ‬المطار،‭ ‬وقد‭ ‬أنجزت‭ ‬المشروع‭ ‬من‭ ‬الصفر‭ ‬وبمنتهى‭ ‬الكفاءة،‭ ‬وأذكر‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬المرأة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬العمليات،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭.‬

كيف‭ ‬واجهتِ‭ ‬هذا‭ ‬التحدي؟

لا‭ ‬شك‭ ‬أنني‭ ‬واجهت‭ ‬تحديات‭ ‬كثيرة‭ ‬عبر‭ ‬مشواري،‭ ‬ولكن‭ ‬يبقى‭ ‬أصعبها‭ ‬وأهمها‭ ‬كوني‭ ‬امرأة‭ ‬تسند‭ ‬إليها‭ ‬مهمة‭ ‬تأسيس‭ ‬وإدارة‭ ‬مركز‭ ‬عمليات‭ ‬المطار،‭ ‬ورغم‭ ‬ما‭ ‬واجهته‭ ‬من‭ ‬صعوبات‭ ‬بسبب‭ ‬ذلك‭ ‬فإنني‭ ‬تغلبت‭ ‬عليها‭ ‬بالتحلي‭ ‬بمهارة‭ ‬القيادة،‭ ‬وبقراري‭ ‬بألا‭ ‬تهزني‭ ‬أي‭ ‬ريح،‭ ‬وبشيء‭ ‬من‭ ‬الصبر‭ ‬والمثابرة‭ ‬والاجتهاد‭ ‬استطعت‭ ‬ان‭ ‬أمتص‭ ‬أي‭ ‬غضب‭ ‬ممن‭ ‬حولي،‭ ‬وواصلت‭ ‬مشواري‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬الأجواء‭ ‬غير‭ ‬محفزة‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬العطاء‭ ‬فقررت‭ ‬هنا‭ ‬الانسحاب‭ ‬والتقاعد‭ ‬المبكر‭ ‬الذي‭ ‬مثل‭ ‬لي‭ ‬بداية‭ ‬حياة‭ ‬جديدة‭.‬

ماذا‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬البداية‭ ‬الجديدة؟

كان‭ ‬قرار‭ ‬التقاعد‭ ‬المبكر‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬بداية‭ ‬جديدة‭ ‬لمواصلة‭ ‬العطاء،‭ ‬وتقديم‭ ‬صورة‭ ‬مشرفة‭ ‬للمرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬خارج‭ ‬وطني،‭ ‬فقد‭ ‬حدث‭ ‬أن‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬عروض‭ ‬كثيرة‭ ‬خارج‭ ‬البحرين‭ ‬قبل‭ ‬التقاعد‭ ‬أي‭ ‬أثناء‭ ‬عملي‭ ‬بالمطار،‭ ‬لكني‭ ‬كنت‭ ‬دائما‭ ‬أفضل‭ ‬خدمة‭ ‬وطني‭ ‬والعمل‭ ‬له‭ ‬ومن‭ ‬أجله،‭ ‬ومؤخرا‭ ‬قبلت‭ ‬أحد‭ ‬العروض‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬للعمل‭ ‬بدوام‭ ‬كامل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عملت‭ ‬فترة‭ ‬كاستشارية‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬لشركات‭ ‬خارجية،‭ ‬وكلي‭ ‬حماس‭ ‬وشغف‭ ‬وطاقة‭ ‬لاستكمال‭ ‬المسيرة‭ ‬واستئناف‭ ‬الرحلة‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬آخر‭ ‬لشعوري‭ ‬بأنني‭ ‬مازلت‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬العطاء‭ ‬والتميز‭. ‬

أهم‭ ‬درس‭ ‬تعلمته‭ ‬عبر‭ ‬مشوارك؟

لقد‭ ‬علمتني‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خبراتي‭ ‬المتراكمة‭ ‬عدم‭ ‬التفاني‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬نفسي،‭ ‬فهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬معي‭ ‬بالفعل‭ ‬سابقا،‭ ‬فكثيرا‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬طموحي‭ ‬العملي‭ ‬على‭ ‬حسابي‭ ‬كإنسانة‭ ‬رغم‭ ‬حرصي‭ ‬على‭ ‬الموازنة‭ ‬بين‭ ‬مسؤولياتي‭ ‬كزوجة‭ ‬وأم‭ ‬وامرأة‭ ‬عاملة،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬كنت‭ ‬أحيانا‭ ‬أعمل‭ ‬مدة‭ ‬14‭ ‬ساعة‭ ‬يوميا،‭ ‬وألتزم‭ ‬بالدوام‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كنت‭ ‬مريضة،‭ ‬ولكني‭ ‬كنت‭ ‬محظوظة‭ ‬بزوج‭ ‬داعم‭ ‬لي‭ ‬طوال‭ ‬الوقت،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬ساعدني‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬تلك‭ ‬الموازنة‭ ‬بين‭ ‬مسؤولياتي،‭ ‬وكان‭ ‬لي‭ ‬السند‭ ‬خاصة‭ ‬أثناء‭ ‬مروري‭ ‬بالمواقف‭ ‬الصعبة‭ ‬والمريرة‭.‬

أصعب‭ ‬تجربة؟

بالطبع‭ ‬يمر‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬والتجارب‭ ‬الصعبة‭ ‬عبر‭ ‬مسيرته،‭ ‬ولعل‭ ‬أشدها‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬مرض‭ ‬ووفاة‭ ‬ابني‭ ‬عند‭ ‬عمر‭ ‬عشرين‭ ‬عاما،‭ ‬وذلك‭ ‬أثناء‭ ‬فترة‭ ‬عملي‭ ‬في‭ ‬مبني‭ ‬المطار‭ ‬الجديد،‭ ‬وأستطيع‭ ‬أن‭ ‬أجزم‭ ‬هنا‭ ‬بأنه‭ ‬كان‭ ‬يمثل‭ ‬أكبر‭ ‬حافز‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬بل‭ ‬ومصدر‭ ‬قوتي،‭ ‬ويمكن‭ ‬القول‭ ‬بأنه‭ ‬كان‭ ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حققته‭ ‬اليوم،‭ ‬وأذكر‭ ‬أنني‭ ‬عدت‭ ‬إلى‭ ‬الدوام‭ ‬بعد‭ ‬وفاته‭ ‬بثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬اعتقادا‭ ‬مني‭ ‬بأن‭ ‬العمل‭ ‬سوف‭ ‬يخفف‭ ‬عني‭ ‬مرارة‭ ‬المحنة،‭ ‬ولكني‭ ‬اكتشفت‭ ‬لاحقا‭ ‬أنه‭ ‬اعتقاد‭ ‬خاطئ‭.‬

كيف؟

حين‭ ‬قررت‭ ‬استئناف‭ ‬العمل‭ ‬رغم‭ ‬الحزن‭ ‬والمرارة‭ ‬بهذه‭ ‬السرعة‭ ‬أدركت‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬خطأ،‭ ‬لأنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬أن‭ ‬يأخذ‭ ‬وقته‭ ‬الكافي‭ ‬لعبور‭ ‬أي‭ ‬ظروف‭ ‬صعبة‭ ‬يمر‭ ‬بها،‭ ‬وذلك‭ ‬حرصا‭ ‬على‭ ‬صحته‭ ‬الجسدية‭ ‬والنفسية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تعلمته‭ ‬لاحقا‭ ‬عبر‭ ‬مشواري‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تجاربي‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بي،‭ ‬ولذلك‭ ‬قررت‭ ‬العمل‭ ‬بهذا‭ ‬المنطق‭ ‬بعد‭ ‬التقاعد‭ ‬وأن‭ ‬أضع‭ ‬الاهتمام‭ ‬بنفسي‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬أولوياتي‭. ‬

ما‭ ‬هي‭ ‬تجربتك‭ ‬مع‭ ‬الكوتشينج؟

أثناء‭ ‬عملي‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬البحرين‭ ‬الدولي‭ ‬قررت‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬مدرب‭ ‬محترف‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬وتطوير‭ ‬الأداء،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬تنمية‭ ‬الذات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تعلم‭ ‬مهارات‭ ‬جديدة‭ ‬تفيدني‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشخصي،‭ ‬وكذلك‭ ‬تفيد‭ ‬غيري‭ ‬أثناء‭ ‬تعاملي‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬وقد‭ ‬طبقت‭ ‬ما‭ ‬تعلمته‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحقل‭ ‬عمليا‭ ‬مع‭ ‬فريق‭ ‬العمل،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬عملي‭ ‬بقسم‭ ‬الهندسة‭ ‬والصيانة،‭ ‬وكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬مبهرة،‭ ‬وقد‭ ‬أيقنت‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬والتجربة‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬بشدة‭ ‬أن‭ ‬ينتهج‭ ‬أي‭ ‬قائد‭ ‬القيادة‭ ‬بإنسانية،‭ ‬بمعنى‭ ‬مراعاة‭ ‬ظروف‭ ‬الموظف‭ ‬الخاصة‭ ‬حين‭ ‬تنعكس‭ ‬على‭ ‬أدائه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬بأسلوب‭ ‬العقاب،‭ ‬فقد‭ ‬كنت‭ ‬دوما‭ ‬بمثابة‭ ‬الأم‭ ‬للعاملين‭ ‬معي،‭  ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتحلى‭ ‬به‭ ‬أي‭ ‬قيادي‭ ‬حين‭ ‬يواجه‭ ‬مشكلة‭ ‬تراجع‭ ‬الإنجاز‭ ‬لأي‭ ‬موظف‭. ‬

حلمك‭ ‬القادم؟

أحمد‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحلام‭ ‬والطموحات‭ ‬والإنجازات‭ ‬التي‭ ‬أفخر‭ ‬بها،‭ ‬وجعلت‭ ‬مني‭ ‬مرآة‭ ‬مشرقة‭ ‬لوطني،‭ ‬والدليل‭ ‬هو‭ ‬تلقي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العروض‭ ‬الخارجية‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬خبراتي‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬وللمشاركة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬استراتيجيات‭ ‬تخص‭ ‬مجال‭ ‬عملي‭ ‬هناك،‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬أواصل‭ ‬المسيرة‭ ‬بنفس‭ ‬الحماس‭ ‬والعطاء‭ ‬والتميز،‭ ‬أما‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الإنساني‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬أطمح‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬أرى‭ ‬أحفادي‭ ‬قريبا،‭ ‬وأن‭ ‬يصل‭ ‬أبنائي‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬المناصب،‭ ‬وأن‭ ‬يتخذوا‭ ‬مني‭ ‬قدوة‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬الصبر‭ ‬والمثابرة‭ ‬والقوة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا