(مازلتُ مع عبد الله خليفة المبدع والإنسان، أفتح تلك السنين الجميلة من تلك الحكايات التي لا تزال تقرع أذني وتفتح أمامي طريقا طويلا من التجربة التي بدأتها منذ كنت في العاشرة من العمر، حيث كانت تلك (الخربشات) تحديا صعبا بيني وبين الحرف وبين واقع كنتُ أحفر فيه لعلني أحظى بالدانة.
كانت التجربة بداية الشرارة الأولى نحو حلم طويل قادني نحو الكتابة ونحو (الشعر) خصوصاً وعندما تعرفتُ بعبدالله كان لي سنداً قوياً نحو دفع تجربتي وصقلها على ما هي عليه الآن).
الروائي والكاتب المشاكس والإنسان المحب للآخرين ستمر علينا ذكرى رحيله العاشرة التي تصادف الحادي والعشرين من أكتوبر القادم 2024،
حيث غيَّبه الموت في ذلك التاريخ من أكتوبر عام 2014 في يوم (الثلاثاء)، أذكر ذلك اليوم المحزن الذي شيعنا فيه حبيبنا عبدالله وكانت الجموع من محبيه تتسابق على حمل نعشه.
من هو عبد الله خليفة: «وُلد عبد الله خليفة بو فلاسة في عام 1948 في منطقة القضيبية بالعاصمة البحرينية المنامة، درس في معهد المعلمين، وعمل معلم بعد التخرج، كتب القصة القصيرة والرواية منذ أواخر الستينيات وله مساهمات متنوعة في النقد الأدبي، كذلك عمل كاتب عمود في صحيفة «أخبار الخليج»، يحمل عضوية أسرة الأدباء والكتاب في البحرين وجمعية القصة والرواية، كتب مقالات ودراسات سياسية واجتماعية عن تاريخ البحرين وتطور القصة القصيرة.
توفي البوفلاسة في العاصمة البحرينية المنامة عن عمر ناهز 66 عاما ووري الثرى في نفس اليوم في مقبرة المنامة، وقد نعته رابطة الصحافة البحرينية في ذلك اليوم عبر بيان: «إن رحيل عبدالله خليفة يمثل خسارة كبيرة للحركة الثقافية والأدبية في البحرين والخليج؛ حيث أمدها بأكثر من 25 مؤلفاً ما بين القصة والرواية والفكر النقدي، إضافة إلى إسهاماته المنتظمة في الكتابة بالصحافة الورقية والإلكترونية كموقع «الحوار المتمدن»، وكذلك صحيفة «أخبار الخليج» التي أشرف على صفحتها الثقافية لغاية وفاته، كما واظب على كتابة عمود يومي فيها.
وقالت أسرة الأدباء والكتاب عن رحيله: «حظينا بكثير من العطاء من قبل الراحل على المستوى الإداري والعمل الثقافي، فكان دائما موجوداً في الأوقات التي نحتاجه فيها، فكان يتحمل أي مسؤولية توكل إليه سواء في تحرير بعض الأعداد لمجلة كلمات..».
هذه السيرة الغنية من حياة أديبنا عبدالله خليفة، هي ذاكرة وطن خصبة العطاء، كثيرة الثمر باخضرار أشجارها المعطاء.
فعبد الله، حينما نقف في تأبين سيرته الإنسانية والأدبية، تجرنا السنين نحو التفاف عبدالله بكل محبيه، يغدق عليهم من دون أن يسألوا، ومن دون أن تمد رقابهم، يتقدمهم بموائده الشهية التي تحمل في ملحقاتها كل جديد في عالم السرد وفنون الكتابة.
فالدافع نحو سيرته للتذكير، بأن هذا المبدع لا يزال بيننا، ومازالت إبداعاته مخزنا كبيرا من المعرفة والإبداعات الرصينة، فهو من جيل الرواد أمثال الشاعر قاسم حداد والشاعر عبدالله خليفة والدكتور إبراهيم عبدالله غلوم، محمد عبدالملك والكثيرين من مبدعي ورواد الوطن – البحرين، وهو من شجرة من سبقوه أمثال علي سيار والشاعر أحمد بن محمد الخليفة وآخرين من الرواد الذين تقدمت إبداعاتهم لتكون رسائل لأجيال تلاحقت بعضها ببعض ومازالت تلد المبدعين في الأدب والحياة.
وكنت أتمنى أن تكون لنا جائزة باسم عبدالله خليفة في كل عام نتدارس فيها تجربته الأدبية ونرسم معها تجارب الآخرين من مبدعي وطننا الحبيب.
فالذكرى باقية ما بقي العمر دم آخر في العروق، تقرع أبواب من هم عمالقة الأدب وسيرته الطيبة لوطن نحبه ونعمل جميعاً لأجل الرقي به.
a.astrawi@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك