العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الثقافي

نبض: الأديب الروائي عبد الله خليفة في الحكاية:
إنسان لا يمكن نسيانه ولا ضياع أدبياته في السرد والحياة

بقلم: علي الستراوي

السبت ٣١ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

‭(‬مازلتُ‭ ‬مع‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬خليفة‭ ‬المبدع‭ ‬والإنسان،‭ ‬أفتح‭ ‬تلك‭ ‬السنين‭ ‬الجميلة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الحكايات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تقرع‭ ‬أذني‭ ‬وتفتح‭ ‬أمامي‭ ‬طريقا‭ ‬طويلا‭ ‬من‭ ‬التجربة‭ ‬التي‭ ‬بدأتها‭ ‬منذ‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬العاشرة‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ (‬الخربشات‭) ‬تحديا‭ ‬صعبا‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬الحرف‭ ‬وبين‭ ‬واقع‭ ‬كنتُ‭ ‬أحفر‭ ‬فيه‭ ‬لعلني‭ ‬أحظى‭ ‬بالدانة‭.‬

كانت‭ ‬التجربة‭ ‬بداية‭ ‬الشرارة‭ ‬الأولى‭ ‬نحو‭ ‬حلم‭ ‬طويل‭ ‬قادني‭ ‬نحو‭ ‬الكتابة‭ ‬ونحو‭ (‬الشعر‭) ‬خصوصاً‭ ‬وعندما‭ ‬تعرفتُ‭ ‬بعبدالله‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬سنداً‭ ‬قوياً‭ ‬نحو‭ ‬دفع‭ ‬تجربتي‭ ‬وصقلها‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬الآن‭).‬

الروائي‭ ‬والكاتب‭ ‬المشاكس‭ ‬والإنسان‭ ‬المحب‭ ‬للآخرين‭ ‬ستمر‭ ‬علينا‭ ‬ذكرى‭ ‬رحيله‭ ‬العاشرة‭ ‬التي‭ ‬تصادف‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬القادم‭ ‬2024،

حيث‭ ‬غيَّبه‭ ‬الموت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬في‭ ‬يوم‭ (‬الثلاثاء‭)‬،‭ ‬أذكر‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬المحزن‭ ‬الذي‭ ‬شيعنا‭ ‬فيه‭ ‬حبيبنا‭ ‬عبدالله‭ ‬وكانت‭ ‬الجموع‭ ‬من‭ ‬محبيه‭ ‬تتسابق‭ ‬على‭ ‬حمل‭ ‬نعشه‭.‬

من‭ ‬هو‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬خليفة‭: ‬‮«‬وُلد‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬خليفة‭ ‬بو‭ ‬فلاسة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬في‭ ‬منطقة القضيبية بالعاصمة‭ ‬البحرينية المنامة،‭ ‬درس‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬المعلمين،‭ ‬وعمل معلم بعد‭ ‬التخرج،‭ ‬كتب‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬والرواية‭ ‬منذ‭ ‬أواخر‭ ‬الستينيات‭ ‬وله‭ ‬مساهمات‭ ‬متنوعة‭ ‬في‭ ‬النقد‭ ‬الأدبي،‮ ‬كذلك‭ ‬عمل‭ ‬كاتب‭ ‬عمود‭ ‬في‭ ‬صحيفة‮ «‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬،‮ ‬يحمل‭ ‬عضوية‭ ‬أسرة‭ ‬الأدباء‭ ‬والكتاب‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وجمعية‭ ‬القصة‭ ‬والرواية،‭ ‬كتب‭ ‬مقالات‭ ‬ودراسات‭ ‬سياسية‭ ‬واجتماعية‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬البحرين‭ ‬وتطور‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭.‬

توفي‭ ‬البوفلاسة في‭ ‬العاصمة‭ ‬البحرينية المنامة عن‭ ‬عمر‭ ‬ناهز‭ ‬66‭ ‬عاما‭ ‬ووري‭ ‬الثرى‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬اليوم‭ ‬في‮ ‬مقبرة‭ ‬المنامة،‮ ‬وقد‭ ‬نعته‭ ‬رابطة‭ ‬الصحافة‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬عبر‭ ‬بيان‭: ‬‮«‬إن‭ ‬رحيل‭ ‬عبدالله‭ ‬خليفة‭ ‬يمثل‭ ‬خسارة‭ ‬كبيرة‭ ‬للحركة‭ ‬الثقافية‭ ‬والأدبية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والخليج؛‭ ‬حيث‭ ‬أمدها‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬مؤلفاً‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬القصة‭ ‬والرواية‭ ‬والفكر‭ ‬النقدي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إسهاماته‭ ‬المنتظمة‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬بالصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬والإلكترونية‭ ‬كموقع‭ ‬‮«‬الحوار‭ ‬المتمدن‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أشرف‭ ‬على‭ ‬صفحتها‭ ‬الثقافية‭ ‬لغاية‭ ‬وفاته،‭ ‬كما‭ ‬واظب‭ ‬على‭ ‬كتابة‭ ‬عمود‭ ‬يومي‭ ‬فيها‭. ‬‮ ‬

وقالت‭ ‬أسرة‭ ‬الأدباء‭ ‬والكتاب‭ ‬عن‭ ‬رحيله‭: ‬‮«‬حظينا‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الراحل‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإداري‭ ‬والعمل‭ ‬الثقافي،‭ ‬فكان‭ ‬دائما‭ ‬موجوداً‭ ‬في‭ ‬الأوقات‭ ‬التي‭ ‬نحتاجه‭ ‬فيها،‭ ‬فكان‭ ‬يتحمل‭ ‬أي‭ ‬مسؤولية‭ ‬توكل‭ ‬إليه‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬تحرير‭ ‬بعض‭ ‬الأعداد‭ ‬لمجلة‭ ‬كلمات‭..‬‮»‬‭.‬

هذه‭ ‬السيرة‭ ‬الغنية‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬أديبنا‭ ‬عبدالله‭ ‬خليفة،‭ ‬هي‭ ‬ذاكرة‭ ‬وطن‭ ‬خصبة‭ ‬العطاء،‭ ‬كثيرة‭ ‬الثمر‭ ‬باخضرار‭ ‬أشجارها‭ ‬المعطاء‭.‬

فعبد‭ ‬الله،‭ ‬حينما‭ ‬نقف‭ ‬في‭ ‬تأبين‭ ‬سيرته‭ ‬الإنسانية‭ ‬والأدبية،‭ ‬تجرنا‭ ‬السنين‭ ‬نحو‭ ‬التفاف‭ ‬عبدالله‭ ‬بكل‭ ‬محبيه،‭ ‬يغدق‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يسألوا،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تمد‭ ‬رقابهم،‭ ‬يتقدمهم‭ ‬بموائده‭ ‬الشهية‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬ملحقاتها‭ ‬كل‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬السرد‭ ‬وفنون‭ ‬الكتابة‭.‬

فالدافع‭ ‬نحو‭ ‬سيرته‭ ‬للتذكير،‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬المبدع‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬بيننا،‭ ‬ومازالت‭ ‬إبداعاته‭ ‬مخزنا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬المعرفة‭ ‬والإبداعات‭ ‬الرصينة،‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬الرواد‭ ‬أمثال‭ ‬الشاعر‭ ‬قاسم‭ ‬حداد‭ ‬والشاعر‭ ‬عبدالله‭ ‬خليفة‭ ‬والدكتور‭ ‬إبراهيم‭ ‬عبدالله‭ ‬غلوم،‭ ‬محمد‭ ‬عبدالملك‭ ‬والكثيرين‭ ‬من‭ ‬مبدعي‭ ‬ورواد‭ ‬الوطن‭ ‬‭ ‬البحرين،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬شجرة‭ ‬من‭ ‬سبقوه‭ ‬أمثال‭ ‬علي‭ ‬سيار‭ ‬والشاعر‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬الخليفة‭ ‬وآخرين‭ ‬من‭ ‬الرواد‭ ‬الذين‭ ‬تقدمت‭ ‬إبداعاتهم‭ ‬لتكون‭ ‬رسائل‭ ‬لأجيال‭ ‬تلاحقت‭ ‬بعضها‭ ‬ببعض‭ ‬ومازالت‭ ‬تلد‭ ‬المبدعين‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬والحياة‭.‬

وكنت‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لنا‭ ‬جائزة‭ ‬باسم‭ ‬عبدالله‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬نتدارس‭ ‬فيها‭ ‬تجربته‭ ‬الأدبية‭ ‬ونرسم‭ ‬معها‭ ‬تجارب‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬مبدعي‭ ‬وطننا‭ ‬الحبيب‭.‬

فالذكرى‭ ‬باقية‭ ‬ما‭ ‬بقي‭ ‬العمر‭ ‬دم‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬العروق،‭ ‬تقرع‭ ‬أبواب‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬عمالقة‭ ‬الأدب‭ ‬وسيرته‭ ‬الطيبة‭ ‬لوطن‭ ‬نحبه‭ ‬ونعمل‭ ‬جميعاً‭ ‬لأجل‭ ‬الرقي‭ ‬به‭.‬

 

a.astrawi@gmail.com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا