باريس - (أ ف ب): بناء على طلب بغداد يُنهي فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن جرائم تنظيم الدولة الاسلامية (يونيتاد) مهمته ويغادر العراق في 17 سبتمبر مع ترقب إعلان إنجازاته وإن أبدى أسفه على «سوء تفاهم» مع السلطات. وفي مقابلة هاتفية حصرية مع وكالة فرانس برس أشادت آنا بييرو يوبيس رئيسة الفريق المكلف المساعدة على جعل تنظيم الدولة الإسلامية «يحاسب على جرائمه» بتعاون السلطات العراقية في هذه المهمة، معتبرة أن عمل الفريق كان يمكن أن يستمر لو حدث تواصل أفضل بين الطرفين.
وقالت: «يمكن أن نقرّ علنا وبشكل أوضح أن العمل الجيد الذي تمكنّا من إنجازه ما كان ممكنا لولا دعوتنا وذلك أمر فريد»، موضحة أن فريقها هو بعثة التحقيق الدولية الوحيدة التي وجدت في البلد المكلفة التحقيق فيه. وتضيف: «لا يحدث أبدا أن تدعو دولة ما هيئةً دولية للعمل على ملفّ خاص كهذا مثل التحقيق في جرائم (...). قلة هم من يمكن أن يفتحوا لنا أبوابهم بمثل هذا السخاء». وفي العاشر من يونيو 2014 سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل في محافظة نينوى في شمال العراق. وأعلن منها بعد 19 يوما إقامة «الخلافة الإسلامية» على مساحات واسعة من العراق وسوريا.
وأطلّ الزعيم الأسبق للتنظيم أبوبكر البغدادي للمرّة الأولى من جامع النوري الكبير في الموصل، ليعلن نفسه «أميرا للمؤمنين»، في لحظة لا تزال محفورة في ذاكرة كثيرين. وخلال سنوات بثّوا فيها الرعب وحولوا حياة الناس إلى جحيم نفّذ عناصر التنظيم إعدامات بقطع الرأس وفرضوا عقوبات بقطع أصابع المدخنين أو أيدي السارقين وخطفوا نساء حولوهن إلى «سبايا» ودمّروا كنائس وجوامع ومتاحف وأحرقوا الكتب والمخطوطات. وبعد معارك عنيفة، استعاد الجيش العراقي، بدعم من تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، الموصل معلنًا في ديسمبر 2017 هزيمة التنظيم في العراق.
وطلبت الحكومة العراقية من المجتمع الدولي في أغسطس من ذلك العام المساعدة في ضمان محاسبة مقاتلي التنظيم الإرهابي. واستجابة لهذا الطلب تبنى مجلس الأمن الدولي في الشهر التالي بالإجماع القرار 2379 الذي شُكل بموجبه فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب تنظيم الدولة الاسلامية (يونيتاد).
وعلى مدى سبعة أعوام أعدّ الفريق 19 تقريرا بعضها حول جرائم محددة كتلك المرتكبة بحق الشيعة والإيزيديين وفي سجن بادوش، وأخرى حول الهيكلية التراتبية لتنظيم الدولة الإسلامية.
وعمل كذلك على رقمنة ملايين الوثائق وتدريب مكوّنات النظام القضائي العراقي، بالإضافة إلى «التنقيب عن المقابر الجماعية». وتوضح المسؤولة الأممية: «استخرجنا من 68 مقبرة رفات ألف ضحية تقريباً، تم التعرف على 200 منهم». وعملا بتفويضه، درس الفريق وثائق قدمها العراق بالإضافة إلى وثائق أخرى تضمّ شهادات جمعتها الأمم المتحدة ولم تنقلها إلى السلطات العراقية. وتوضح يوبيس أن سبب ذلك هو أن «الأمم المتحدة لديها قواعد صارمة بشأن السرية واحترام الموافقة التي يعطيها الأشخاص الذين يدلون بشهاداتهم».
ووجّهت المحاكم الوطنية 18 لائحة اتهام أسفرت 15 منها عن إدانات معظمها في أوروبا، في قضايا بين ما استندت إليه وثائق أنجزها فيق يونيتاد. لكن حين «رأى العراقيون نتائج ملموسة في محكمات أجنبية، نشأ انطباع بأن يونيتاد يتعاون مع الدول الأجنبية أكثر مما يتعاون مع العراق». وتتابع المسؤولة بأسف: «كان من الممكن شرح كل شيء على نحو أفضل». وتحدثت وسائل إعلام عراقية عن توتر بين الفريق الأممي والسلطات العراقية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك