أكد رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين والباحث التاريخي، د. عيسى أمين أن البحرين كانت مركزا رئيسيا للمسيحية النسطورية حتى عام 926 ميلادي، وبقيت حافلة بالكنائس والأديرة ودعاة الدين.
وذكر أمين خلال محاضرة «تاريخ المسيحية في الجزيرة العربية والخليج العربي» «أعلنت هيئة الثقافة والآثار في عام 2019 كشفا أثريا يتعلق بحقبة تاريخية مهمة في البحرين، بحضور بعثة التنقيب البريطانية. وتم إعلان كل من: سماهيج والدير وقلالي مواقع أثرية مسيحية».
وقال أمين: «كشف عن أسقفية نسطورية في سماهيج. وتؤكد المعثورات الأثرية على وجود النساطرة في القرية في الفترة ما بين القرن الخامس والسابع الميلادي».
وتحدث عن بدايات ظهور المسيح، وأوضح «بحسب التعاليم المسيحية، ولد يسوع المسيح في مدينة بيت لحم، وانطلقت بشارته من الجليل، شمال فلسطين وانتشرت في أنطاكيا التركية وإلى كل العالم، بما فيها الشام، التي هاجرت إليها القبائل العربية من الجزيرة العربية، منها قبيلة قضاعة والقبائل التابعة لها، واعتنقت المسيحية».
وبيَّن: «دخلت المسيحية النسطورية إلى منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية، والنسطورية مذهب روج له نسطوريوس بطريرك القسطنطينية عندما اعترض على تسمية مريم بأم الإله وادعى أن شخصية المسيحي، روحية وهي يسوع وإنسانية وهي المسيح».
وتطرق إلى سبل تسرب النسطورية للمنطقة في القرن الخامس عبر مدينة نجران جنوب الجزيرة العربية، وبواسطة تاجر نجراني اسمه حيان أو حنان تنصر في مملكة الحيرة في العراق، والذي عاد إلى موطنه مبشرا بالمسيحية النسطورية من بادية الشام. وبدأت تتسرب إلى الجزيرة العربية في الشمال والجنوب والغرب وأواسطها عن طريق المبشرين من التجار النصارى.
وأضاف «انتشرت النسطورية في مناطق عديدة مثل سماهيج وقطر وهجر وأجزاء من جزر الخليج وبني ياس وتاروت وفيلكا. وانتشرت في المنطقة كنائس نسطورية تسربت من العراق وإيران».
وأشار في محاضرته عن تحول البحرين إلى مركز رئيسي للنسطورية، «ففي عام 570 ميلادية، أسست كنيسة مار أشعيا في مدينة الموصل التي اهتدت إلى المسيحية منذ عهد الرسل، وزارها 3 من الرسل الاثنى عشر، وهم بطرس وتوما وبرتلامس. وكانت الكنيسة تابعة للكنيسة الرسولية الأشورية الشرطية «النسطورية». وقبل أن تصبح كذلك، باتت البحرين مركزا رئيسيا للمسيحية النسطورية حتى عام 926 ميلادية، وقتها كان السكان يتحدثون اللغات الآرامية والسريانية والفارسية والعربية. وكانت عبدالقيس في شرق الجزيرة نسطورية قبل القرن السابع الميلادي».
وتابع بالقول «اتبع المبشرون النساطرة في إقليم البحرين نظم إدارية ودينية متعارف عليها في العرف الكنسي، فقد أقاموا في قطر مطرنة أسموها بالآرامية بيت قطرايا، وهي كرسي للمطران مطر أبوليطي يقيم فيه ويشرف على إدارة 5 أساقفة يقيمون في دارين وسماهيج وهجر وعمان وحطا. وللمطرنة صلاحيات واسعة في عدد الأسقفيات المجاورة، ويرأسها رئيس أساقفة فارس».
وأردف د. عيسى قائلا: «يذكر نص في مجمع نسطوري عقد في عام 670 ميلادية أن البحرين حافلة بالكنائس والأديرة ودعاة الدين. وفي بعض النصوص الأجنبية، تعتبر أسقفية سماهيج هي أول وأقدم أسقفية تابعة لبيت قطرايا. وتولى أمورها الأسقف بطاي وتم عزله في المجمع الكنسي الذي عقد في عام 410 ميلادية وعين مكانه الأسقف إيليا».
ويلقي أمين بظلاله على عدد من الكتب التي تطرق للمسيحية في المنطقة والبحرين، إذ يقول: «يشير عبدالرحيم مبارك آل الشيخ في كتابه قبيلة عبدالقيس نقلا عن رسائل الجاحظ وابن حزم أن المسيحية تغلغلت في البحرين وانتشرت فيها وغلبت على قبائل قضاعة وطي ثم ظهرت في ربيعة، فغلبت على تغلب وعبدالقيس وبكر بن وائل. ويستنتج أن قبيلة عبدالقيس وثنية لها معبودات مثل ذو اللبى والمحرق واعتنقوا المسيحية جميعهم».
واستطرد بالقول: «ذكر د. جواد علي في كتابه المسيحية في الجزيرة العربية أن شرق الجزيرة دخلت لها -المسيحية- من الشام. ولكن بعض الروم وجدوا سبيلهم إليها فدخلوها من البحر، فانتشرت مواضع لهم مثل البحرين وقطر وهجر. وغالبيتهم على مذهب نسطور».
وأكد أن بني تميم أحد أكبر القبائل العربية التي اعتنقت المسيحية، يرأسهم المنذر بن ساوى، ومن بينهم أيضا الشاعر طرفة بن العبد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك