زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
كاذبات ووفيّات
يحلو لي بين الحين والحين أن افتعل مشاكسات مع النساء، في لغة قد توحي بالاستعلاء، مما يجعل البعض يسألني: هل أنت مع المرأة أم ضدها؟ وكأنما المرأة كيان او شخص مثل داعش أو نادي برشلونة أو نتنياهو، ويا أبيض يا أسود، بمعنى أنه لا بد أن تكون معها او ضدها، ويمكن أن أفهم أن يكون شخص ما «مع» المرأة من حيث المناداة بإنصافها وحمايتها من العنف والظلم وكل أشكال التمييز السلبي، ولكن «ضدها» لماذا؟ هل هي في خندق معاد للرجل في سياق حرب بدأت منذ آلاف السنين؟ أي هل هي خصم لا بد من تحديد موقف منه؟ وهذا السؤال لا يختلف في تقديري عن السؤال: هل ما زلت تضرب زوجتك؟ فإن أجبت بنعم، فأنت جلف وفظ قاسي القلب، وإن قلت لا، فمعنى ذلك أنك كنت تضربها وكنت جلفًا وفظًا قاسي القلب، ولكنك توقفت عن ذلك أخيرا! وعلى كل حال، فإن تكرار طرح ذلك السؤال لن يرهبني أو يرعبني، بل سأواصل بين الحين والآخر التصدي للمحاولات النسائية اليائسة للحاق بركب الرجال الظافر، بكشف ألاعيبهن وعيوبهن التي أثبتتها التحاليل المختبرية، والدراسات المنهجية الموثقة، وكان من بينها استطلاع للرأي اقتصر على النساء في بريطانيا، قالت خلاله 94% منهن إنهن يكذبن بانتظام كذبا منه النوع الثقيل، ومنه النوع الذي يسميه البريطانيون «فيب»fib ، وهي الكذبة الزغننة الكتكوتة التي نسميها نحن «بيضاء»، كدليل على عنصريتنا، بجعل الكذبة الكبيرة «سوداء»، مع أن الكذب «كذب وخلاص»، ومن مقتضيات الإنصاف أن أقول إن اعتراف 94% من أولئك النسوة بأنهن يكذبن يعني ضمنا أن تلك النسبة نفسها تتحلى بقدر من الأمانة، ولم يكذبن على الأقل في شأن أنهن يكذبن. (وكشخص أسود لا بد أن أعرب للمرة الـ57784 عن استنكاري لعبارات مثل مصيرك/ نهارك/ مستقبلك/ قلبك أسود، أو زي – مثل الزفت لأن الزفت/ القار أسود).
ونعود إلى ذلك الاستطلاع الذي يفيد أيضا أن نحو 80% من النساء يكذبن في أمور اجتماعية تتعلق بأوضاع عائلاتهن، ومداخيلهن الشهرية، والتباهي مستشرٍ في أوساط النساء، خاصة ذوات «الهم الفاضي والبال الرايق» اللواتي ليس وراءهن شغل ولا مشغلة غير السوالف ولوك سيرة هذه وتلك، ويكون التباهي الكاذب حول الأصل والفصل غالبا بصيغة الماضي: أبوي الله يرحمه، كان عنده عشرة بيوت في بارك لين في لندن في السبعينيات. بس كان كريما ووزعهم على الجيران «الفقارى» في الحي!
جدي كان تاجر سجاد في المدينة المنورة في زمن الأتراك، وهاجر إلى كندا وترك عمارات في تورنتو وتورينو... بس الحكومة الكندية صادرتها بعد تطبيق الاشتراكية! (لا تجعل هذه السيدة تضحك على عقلك: تورينو في إيطاليا، وكندا ليس فيها حزب اشتراكي، دعك من أن تكون حكومتها اشتراكية).
وبالمقابل فإن الرجل لا يكذب إلا في ساعة الزنقة: أين كنت حتى الرابعة فجرًا وقد خرجت في الخامسة عصرًا؟ الحل الوحيد في هذه الحال هو أن «تقتل» صديقا وهميا: عبد الفتاح مات... مسكين كان جالسا ويانا، وشاف زعيم داعش يذبح معمر القذافي وطاح ميت! فتقول له بس القذافي مات قبل ظهور داعش، فيرد صاحبنا: مو القذافي اللي كان حاكم ليبيا، بل حفيده الذي يحمل اسمه.
ولا بأس في أن يكذب مثل هذا الرجل، لأن حياته العائلية نفسها أكذوبة، وإلا لما غاب عن البيت 11 ساعة متواصلة لسبب لا تعرفه زوجته! ولكن استطلاعا بريطانيا آخر «فشَّلني» حيث أثبت أن عدد الرجال «الخونة» ضعف عدد النساء «الخائنات»... يعني هن أكثر كذبا و... وفاء من الرجال! والكذب مباح في ظروف معينة، ولكن الخيانة لالالالالالا، فهي مرفوضة في كل المذاهب والمجتمعات. ومن ثم فمن مقتضيات الإنصاف أن نعترف نحن الرجال بأن النساء أرفع منا شأنا في مجال فضيلة كبرى هي «الوفاء» والتي لا تقوم إلا على الحب الصادق.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك