العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

المال و الاقتصاد

ضمان العيوب في تطبيقات الذكاء الاصطناعي

بقلم: د. أحمد أسعد

الأحد ٠٦ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬عصر‭ ‬تتسارع‭ ‬فيه‭ ‬وتيرة‭ ‬التقدّم‭ ‬التكنولوجيّ،‭ ‬تلعب‭ ‬تطبيقات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعيّ‭ ‬أدوارًا‭ ‬محوريّة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬الذاتيّة‭ ‬للسيارات‭ ‬وانتهاء‭ ‬بالتجارة‭ ‬الإلكترونيّة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يثير‭ ‬استخدامها‭ ‬تساؤلات‭ ‬جوهريّة‭ ‬حول‭ ‬المسؤوليّة‭ ‬عن‭ ‬الأخطاء‭ ‬والأضرار‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تنجم‭ ‬عنها،‭ ‬وخاصّة‭ ‬في‭ ‬ظلّ‭ ‬وجود‭ ‬عيوب‭ ‬قد‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬سلامة‭ ‬المستخدمين‭ ‬وأمانهم‭.‬

وتواجه‭ ‬تطبيقات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعيّ‭ ‬تحدّيات‭ ‬فريدة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلّق‭ ‬بضمان‭ ‬العيوب،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنشأ‭ ‬فيها‭ ‬أخطاء‭ ‬في‭ ‬التصميم‭ ‬أو‭ ‬البرمجة‭ ‬قد‭ ‬تلحق‭ ‬الضرر‭ ‬بالمستخدمين‭. ‬ففي‭ ‬حال‭ ‬وقوع‭ ‬حادث‭ ‬بوساطة‭ ‬مركبة‭ ‬ذاتيّة‭ ‬القيادة،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬تبرز‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬من‭ ‬يتحمّل‭ ‬المسؤوليّة،‭ ‬أهو‭ ‬مالك‭ ‬المركبة،‭ ‬أم‭ ‬الشركة‭ ‬المصنِّعة،‭ ‬أم‭ ‬المطوّرون‭ ‬المسؤولون‭ ‬عن‭ ‬برمجيّات‭ ‬القيادة‭ ‬الذاتيّة؟

وتمتدّ‭ ‬هذه‭ ‬التساؤلات‭ ‬إلى‭ ‬المجال‭ ‬الماليّ؛‭ ‬إذْ‭ ‬قد‭ ‬يؤدّي‭ ‬خطأ‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونيّة‭ ‬أو‭ ‬تجارة‭ ‬الروبوت‭ ‬إلى‭ ‬اختيار‭ ‬الفائز‭ ‬الخطأ‭ ‬في‭ ‬مزاد،‭ ‬أو‭ ‬إجراء‭ ‬عمليّات‭ ‬شراء‭ ‬أو‭ ‬بيع‭ ‬بأسعار‭ ‬غير‭ ‬صحيحة‭ ‬تلحق‭ ‬غبنًا‭ ‬بالمستثمر‭. ‬فمن‭ ‬يتحمّل‭ ‬المسؤوليّة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات؟

من‭ ‬الممكن‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬التساؤلات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستكشاف‭ ‬الفقهيّ‭ ‬لمفهوم‭ ‬‮«‬جنايات‭ ‬العَجْمَاءُ‭ ‬جُبارٌ‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬الضرر‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬كائن‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬عقليًّا‭ ‬على‭ ‬تحّمل‭ ‬المسؤوليّة،‭ ‬كالحيوانات‭ ‬أو‭ ‬الآلات‭ ‬أو‭ ‬التطبيقات‭. ‬فوفقًا‭ ‬لهذا‭ ‬المفهوم،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحميل‭ ‬الآلة‭ ‬أو‭ ‬تطبيق‭ ‬المسؤولية‭ ‬مباشرة،‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬تحدّيات‭ ‬حول‭ ‬كيفيّة‭ ‬تعويض‭ ‬الضرر‭ ‬الناتج‭ ‬عنها‭.‬

وتختلف‭ ‬المدارس‭ ‬الفقهيّة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬من‭ ‬يتحمّل‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬وجود‭ ‬عيوب‭ ‬تؤدّي‭ ‬إلى‭ ‬الضرر‭. ‬كما‭ ‬يرى‭ ‬بعضها‭ ‬أنّ‭ ‬وجود‭ ‬العيب‭ ‬وحده‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬لإلغاء‭ ‬العقد‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يصاحبه‭ ‬تغرير،‭ ‬بينما‭ ‬ترى‭ ‬مدارس‭ ‬أخرى‭ ‬أنّ‭ ‬وجود‭ ‬العيب‭ ‬يعطي‭ ‬المتضرّرَ‭ ‬الحقَّ‭ ‬في‭ ‬إلغاء‭ ‬العقد،‭ ‬سواء‭ ‬صاحبه‭ ‬تغرير‭ ‬أم‭ ‬لا‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬التقدّم‭ ‬المتسارع‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعيّ،‭ ‬تبرز‭ ‬الحاجة‭ ‬الماسّة‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬إطار‭ ‬قانونيّ‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬تأصيل‭ ‬فقهيّ،‭ ‬يتناول‭ ‬مسألةَ‭ ‬العيوبِ‭ ‬والمسؤوليّة‭ ‬بشكلٍ‭ ‬يضمن‭ ‬حقوقَ‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنيّة‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬تحديدات‭ ‬واضحةً‭ ‬للمسؤوليّات‭ ‬وآليّاتٍ‭ ‬فعّالة‭ ‬للتعويض‭ ‬عن‭ ‬الأضرار،‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬مبادئ‭ ‬العدالة‭ ‬والإنصاف‭ ‬ويعزّز‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعيّ‭.‬

 

محاضر‭ ‬رئيس‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬البحرين‭ ‬للدراسات‭ ‬الماليّة‭ ‬والمصرفيّة‭ ‬BIBF

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا