صيدا - (أ ف ب): في مدينة صيدا في جنوب لبنان، لم تخرج المراكب فجر أمس الثلاثاء إلى البحر لجلب السمك الذي يشكل مصدر رزق مئات العائلات، بعدما أنذر الجيش الإسرائيلي السكان بالابتعاد عن المنطقة البحرية «حتى إشعار آخر». من سوق السمك في المدينة المطلة على البحر الأبيض المتوسط، قال محمّد بيضاوي، عضو نقابة صيادي الأسماك في صيدا، لوكالة فرانس برس «تبلغنا بشكل رسمي عدم الإبحار من قبل الجيش اللبناني، ممنوع خروج أي بحار»، منذ التاسعة من مساء الاثنين.
وأضاف وسط السوق الذي افتقد زحمته الاعتيادية «نحن ملتزمون بالقرار، والسوق مفتوح لتفريغ ما تبقى من سمك ثم إغلاقه»، مبديا خشيته على مستقبل مئات العائلات التي تؤمّن قوتها اليومي من الصيد إذا ما طالت المحنة. وأفاد صيادون آخرون فرانس برس بأنهم تبلغوا من الجيش اللبناني أن من يريد الإبحار منهم، فسيكون ذلك على مسؤوليته الخاصة.
وفي بلد يشهد انهيارا اقتصاديا غير مسبوق منذ عام 2019، تأتي المحنة لتفاقم معاناة الصيادين. وقال بيضاوي إن «وضع البحارة تعيس حتى قبل إغلاق السوق»، موضحا أن نحو 400 عائلة في المنطقة تعتاش من صيد السمك أي «خمسة آلاف إلى ستة آلاف شخص». وأضاف «سيسوء الوضع إذا توقفنا عن العمل، من سيساعد البحارة؟ ومن سيقدم لهم الطعام والحليب للأطفال؟ لا أحد يهتم لحالنا».
منذ مساء الاثنين، سارع عدد من الصيادين الى نقل مراكبهم من ميناء صيدا إلى مناطق في شمال الأولي، كما أفادت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية، ليتمكنوا من مزاولة عملهم. وقال الجيش الاسرائيلي في بيان مساء الاثنين إنه سيعمل «في الوقت القريب في المنطقة البحرية ضد أنشطة حزب الله». وتوجه للصيادين ورواد الشاطئ بالقول «من أجل سلامتكم، امتنعوا عن التواجد في البحر أو على الشاطئ من الآن وحتى إشعار آخر». وحذّر من أن «التواجد على الشاطئ وتحركات القوارب في منطقة خط نهر الأولي جنوبا يشكلان خطرا على حياتكم». يصب نهر الأولي في مدينة صيدا على مسافة حوالي 60 كيلومترا شمال الحدود بين لبنان وإسرائيل.
في سوق السمك المركزي حيث كانت ترتفع أصوات الباعة وتُعرض أنواع عدة من السمك الطازج، بدت الحركة خفيفة. وقال أحد الباعة إن الجيش أعاد الصيادين الذين أبحروا ليلا مع الغلة التي كانوا قد جمعوها. ويثير هذا التوقّف قلق الصياد عصام حبوش على مصير عائلته. يشاهد الرجل حزينا المراكب الراسية على الشاطئ، الواحد قرب الآخر. وقال الرجل وهو يقف قرب مركبه «أصبحنا مثلنا مثل المهجرين داخل البلد، هناك مساعدات كثيرة تأتي من خارج البلاد، لينظروا في أمرنا قليلا».
تسبّبت الحرب بين إسرائيل وحزب الله وتكثيف اسرائيل قصفها على مناطق واسعة في جنوب وشرق لبنان وعلى الضاحية الجنوبية لبيروت، بتهجير أكثر من 1٫2 مليون شخص من بيوتهم، منهم من فقد منزله، واحتمى في مراكز إيواء، بينما استأجر آخرون بيوتا أو قطنوا لدى أقاربهم، أو لجأوا إلى الشارع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك