كتبت: فاطمة اليوسف
هل الفن رسالة كما يقول أهل الفن دائمًا؟
كثيرًا ما نتساءل عن الرسائل الفنية التي يقدمها الفن والجملة المعهودة التي يكررها النجوم، (الفن رسالة)، أنا أمتلك رسالة.
من منا لم يستمع الى تلك العبارة يومًا؟ ودائما ما يظن كثير منا أن دور الفنانين مقتصر على الرسالة التي يقدمونها عبر الشاشات والمسارح ودور الأوبرا في العلاقات اليومية والاجتماعية فقط وهناك من يظن أن الفن مجال للترفيه.
والحقيقة أن الرسالة الفنية أعظم من مجرد الاكتفاء بهذا الحد، فهناك فنانون تجاوز عطاؤهم حدود الأعمال الفنية والغناء والتمثيل، فشاركوا بأرواحهم ودمائهم وأجسادهم لنصرة أوطانهم ليقدموا لنا مثالاً عظيما نفخر به ما حيينا.
شهدت حرب أكتوبر 1973م الكثير من التضحيات التي أرّخها التاريخ وأرّختها أيدي بعض أصحابها ممن عاصروا تلك الأحداث.
لا تمر الأحداث في حياتنا عبثًا فالحروب والانتصارات والانكسارات، جميعها فترات تاريخية تؤثر في المشهد الأدبي، التاريخي والفني وتحتل الحروب في المنطقة العربية مكانة بارزة في السينما، خاصة تلك الناتجة عن الصراع العربي – الإسرائيلي المستمر.
وفي الذكرى السنوية لنصف قرن على بدء حرب أكتوبر 1973، التي استمرت لثلاثة أسابيع، نستطلع أهمية العودة إلى الأفلام التي وثقت هذا النصر العربي على إسرائيل.
هذه الأعمال السينمائية لم تسجل فقط أحداث الحرب، بل أبدعت في تصوير مشاعر الفخر والبطولة التي عاشها الجنود والمدنيون، ما يعكس التأثير العميق لهذه الحرب على الهوية العربية.
كثيرة هي الأفلام المصرية التي ناقشت حرب أكتوبر مثل:
«الوفاء العظيم»:
أُنتج هذا الفيلم عام (1974)، من إخراج حلمي رفلة، يروي قصة ضابط جيش يتقدم لخطبة حبيبته، لكن والدها يرفضه بسبب خلافات سابقة، وتتزوج الحبيبة من ضابط آخر، ليجد الزوج نفسه تحت قيادة حبيب زوجته في الحرب، تتطور الأحداث عندما يُصاب الزوج، فيعرض حبيب الزوجة السابق أن ينفصل عنها تقديرًا لمن أنقذ حياته، الفيلم يبرز كيف يمكن للحب والوطنية تجاوز الخلافات.
الفيلم بطولة كمال الشناوي ومحمود ياسين ونجلاء فتحي وسمير صبري.
«أبناء الصمت»:
أُنتج هذا الفيلم عام (1974) لمحمد راضي، يتناول قصة مجموعة من الجنود من خلفيات اجتماعية مختلفة، يجتمعون في خندق واحد خلال حرب الحرب ورغم تجارب الهزيمة السابقة، يسعون للتصدي للعدو.
يصور الفيلم ملحمة النضال حتى عبور قناة السويس في 6 أكتوبر 1973، مع التركيز على العلاقات الإنسانية وتأثير الحرب على حياتهم.
الفيلم بطولة محمود مرسي وميرفت أمين ونور الشريف.
«العمر لحظة»:
هذا الفيلم الذي أُنتج عام (1978) لمحمد راضي، يعد من أبرز أفلام حرب أكتوبر، ويظهر مشاهد حقيقية عن الأحداث، تدور القصة حول صحفية متزوجة من رئيس تحرير يكتب بنبرة انهزامية بعد نكسة 67، بينما تسعى هي لرفع المعنويات. تنتقل إلى الجبهة لتشهد معاناة الجنود، وتقع في حب ضابط مصاب، ما يجعل الفيلم يبرز الصراع من خلال قصة عاطفية واجتماعية بعيدًا عن السياسة.
شارك في تمثيله ماجدة وأحمد مظهر وناهد شريف وأحمد زكي، وهو أحد أشهر الأفلام عن حرب أكتوبر، إذ يتضمن مشاهد حقيقية عنها.
«حكايات الغريب»:
أما هذا الفيلم الذي أُنتج عام (1992)، للمخرجة إنعام محمد علي، تم تجسيد صراع الإنسان المصري والعربي فيه بعد نكسة 67 من خلال شخصية مندوب صحف يعيش الإحباط، رغم مشاركته في نصر 6 أكتوبر، يختفي بعد ذلك، ما يدفع السلطات الى تشكيل لجنة للتحقيق في مصيره. الفيلم يبرز الصراع من دون مشاهد حرب.
الفيلم من بطولة: محمد منير ومحمود الجندي وشريف منير.
«الصعود إلى الهاوية»:
أما هذا الفيلم الذي أُنتج عام (1978) لكمال الشيخ، فيتناول قصة جاسوسة إسرائيلية خلال حرب الاستنزاف، حيث تكتشفها السلطات المصرية وتحكم عليها بالإعدام، الفيلم مستوحى من قصة حقيقية ويعكس سرعة نقل الواقع إلى الشاشة في تلك الفترة.
الفيلم من بطولة، مديحة كامل وجميل راتب ومحمود ياسين.
«الرصاصة لا تزال في جيبي»:
يُعد هذا الفيلم الذي أُنتج عام (1974) لحسام الدين مصطفى، بطولة محمود ياسين ونجوى إبراهيم، من أهم الأفلام التي تناولت حرب أكتوبر.
يبدأ الفيلم مع نكسة 67 ويغطي حرب الاستنزاف وصولاً إلى أكتوبر، ليروي لنا قصة مجند نجا من نيران الطائرات في سيناء، بمساعدة بدوي، وشاهد مقتل رفاقه وجرائم إسرائيل ضد الأسرى، الرصاصة التي يشير إليها العنوان هي تلك التي يحتفظ بها في جيبه، كي لا ينسى استرداد ما خسره، وهذا ما يحدث، على رغم كل المآسي والنكبات التي ستحيط به.
تجدر الإشارة إلى أن أفلامًا عديدة تم انتاجها قبل الحرب أيضًا.
الآن وبعد مرور نصف قرن على حرب أكتوبر 1973، أثبتت لنا السينما المصرية خلالها أن الفن رسالة حقيقية هادفة، إذ استطاعت أن تتعامل مع الحرب بقبضات مرفوعة، عارضة بطولات جنودها لبث شعور القومية والوطنية في الوطن العربي، لتوثق لنا لحظات النصر العربي على إسرائيل.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك