يعد سرطان الثدي هو السبب الرئيسي للإصابة بالسرطان لدى الإناث، وأصبحت السيدات تعي ضرورة الفحص المبكر للوقاية من سرطان الثدي وإذا كان هناك تاريخ عائلي فهناك إجراءات أخرى لكي نسبق المرض ونتجنبه. في الحوار التالي سنتعرف مع الدكتورة أمل الريس استشاري الجراحة العامة وجراحة الأورام والثدي بمستشفى الكندي على طرق التشخيص الآمنة وأحدث طرق العلاج.
*هل يظهر سرطان الثدي فجأة؟
- تنتبه المريضة لسرطان الثدي فجأة في معظم الأحيان ولكن كمراحل لحدوث ورم في الثدي فإنه يبدأ تدريجيا، بتغيرات سواء كانت داخل القنوات الحليبية والغدد الحليبية. أحيانا لا يظهر أي تغيير يذكر حتى على صور الأشعة، ثم يتطور أحيانا في شكل تكلسات وبعدها إلى ورم.
في بدايته يكون حجم الورم مليمترات صغيرة ثم مع تكاثر الخلية السرطانية يكون كتلة محسوسة ومن بعد تطورها في الحجم تتوغل في المنطقة المحيطة سواء كان الجلد أو الحلمة أو العضلة العميقة المحيطة بنسيج الثدي، وبالتالي تنتبه المصابة لحدوث تغيرات في الثدي.
وبما أن الورم لا يحدث فجأة، ويمر بمراحل تطور يمكن أن تصل إلى عدة أشهر. دائما نستخدم مثال المريضة التي تتنبه لغدة في الثدي بحجم حبة الحمص وكانت معتادة أن تمارس الكشف الذاتي الدوري فيعتقد أن مدة إصابتها بالورم مدة عام تقريبا.
أما إذا كان حجم الورم أكبر، يعني ذلك أن عمره أطول. مثال على ذلك إذا ما وصل حجمه ليكون كتلة كبيرة في معظم الثدي مع تقرحات في الجلد وغدد ليمفاوية تحت الإبط فيعني ذلك أن الإصابة بالورم حدثت منذ فترة طويلة.
تتفاوت الأعراض بحسب حجم الورم. تكتشف السيدة وجود ورم مع الفحص الدوري الذاتي شهريا، لأنها تعي المتغيرات في الثدي وأي جديد يطرأ لديها في الثدي يكون واضحا بالنسبة لها.
الكشف المبكر يكون عن طريق الفحص السريري عند الطبيب المعالج، يتبعه فحص الماموجرام الذي يبدأ مع سن الأربعين. النساء اللاتي لديهن تاريخ عائلي يجب عليهن الفحص في عمر مبكر. وينصح أن يكون عشر سنوات أقل من أصغر مصابة في العائلة بسرطان الثدي.
*هل أصبحنا معرضين للإصابة بسرطان الثدي في سن مبكرة؟
- نعم، وهناك عدة عوامل وراء انتقال السرطان من الأعمار الكبيرة إلى السن الصغيرة منها
1-وجود طفرات جينية عديدة أصبحنا عرضة لها بسبب التطور الحضاري والصناعات وكلما زاد التطور الحضاري زادت مصادر التلوث وبالتالي إمكانية التعرض إلى مواد مسرطنة صارت أعلى.
2-تحسن العناية الطبية الصحية عالميا جعلت الأعمار أعلى. والكثافة السكانية في دول متطورة كدول الشرق الأوسط، صارت الكثافة السكانية الأعلى من فئة الشباب، وبالتالي يعتقد علميا حدوث انتقال للأورام من العمر المتأخر إلى العمر المبكر، بسبب التغير في التوزيع الديموغرافي.
3-العادات الدخيلة التي لم تكن تمارس في السابق، منها التدخين بجميع أنواعه، شرب الكحوليات، استخدام أدوية غير معلومة المصدر، استخدام الوصفات والخلطات العشبية المجهولة التي توصف على مواقع التواصل الاجتماعي، كل ذلك ممارسات غير صحية ترفع إمكانية حدوث سرطان الثدي.
وترتفع في البحرين نسب تشخيص سرطان الثدي في الفئات العمرية المبكرة
وبحسب آخر إحصائية تقع الإصابة الأعلى بين عمر 45 و55عاما إلا إننا نلاحظ ارتفاع نسب التشخيص في العقد الثالث من العمر في البحرين
بشكل عام وصلت عدد حالات الإصابة في البحرين 54إلى 60 حالة لكل 100 ألف نسمة وتعد نسبة عالية.
*هل أشعة الماموجرام صديق أم عدو؟
- بالتأكيد الماموجرام صديق، لأنه يساعد في اكتشاف أورام من دونه ليس بالإمكان اكتشافها في مراحلها الأولى، الماموجرام قادر على اكتشاف أورام في مراحل مبكرة جدا في مرحلة التكلسات التي لا تظهر مع الفحص السريري ولا تظهر في الأشعة التلفزيونية (التراسوند) وبالتالي نكون أنقذنا حياة المريضة إذا استطعنا أن نسبق بالتشخيص في مرحلة الصفر أو في المرحلة الأولى للأورام. فكلما كان التشخيص مبكرا ارتفعت نسب التغلب على الورم.
كما يمكن أن يكون عدوا في حالات معينة، إذا استخدم بالطريقة الخاطئة، لذا يجب توظيفه في الفئة العمرية المناسبة، وتكون مع بداية عمر الأربعين ككشف دوري دون أي عرض أو شكوى. ولكن أن تخضع في مرحلة العشرين عاما لفحص الماموجرام من دون أعراض أو مبرر هنا أصبح عدوا.
نلفت إلى أن نسبة الإشعاع في الماموجرام لا تتجاوز (0.7-0.4 MSV) ما يعتبر نسبة منخفضة، أقل من نسب الإشعاع التي تتعرض لها السيدة من البيئة المحيطة يوميا.
استخدام الماموجرام بطريقة غير مقننة وبتكرار فحص على فترات متقاربة يمثل خطورة.
تعدد فحص الماموجرام في مدة زمنية قصيرة يصبح الماموجرام عدوا، لأن نسبة الإشعاع المتعرضة لها المريضة تزداد بنسب تراكمية.
بالنهاية الماموجرام يظل صديقا مع الاستخدام الصحيح تحت إرشاد طبي صحيح.
*ما أفضل وسيلة معتمدة للتشخيص الصحيح؟
- هناك عدة طرق معتمدة لتشخيص سرطان الثدي، ونلفت إلى أن التشخيص يختلف عن الكشف المبكر.
تبقى أشعة الماموجرام هي القاعدة الذهبية للكشف المبكر عن سرطان الثدي بدءا من سن الأربعين عاما. ومن ثم مرة سنويا أو مرة كل سنتين بحسب الحالة الصحية للمريضة وتاريخها الشخصي والعائلي ومن بعد سن الخمسين مرة كل سنتين طالما المريضة لا تزال في حالة صحية جيدة.
أما بالنسبة لتشخيص سرطان الثدي فلا نستطيع أن نعتمد على وسيلة واحدة لتشخيصه، الفحص السريري مهم كخطوة أولى، وأشعة الماموجرام والأشعة التليفزيونية كلاهما يخدم ما أنشئ له.
الماموجرام قادر على كشف التكلسات في مراحل مبكرة.
وتغيرات في الأنسجة التي لا يمكن أن تظهر بطرق التشخيص الأخرى.
الالتراساوند يبقى الأفضل لتشخيص التغيرات التي تحدث في الثدي الصغير سنا، يعني تلك الكتل المحسوسة سواء الأكياس أو الأورام السرطانية والغدد الليمفاوية تحت الإبط، فهو الأفضل لتحديد الأورام المحسوسة.
الرنين المغناطيسي يلعب دورا كبيرا في تحديد امتداد الورم داخل الثدي لأنه يدرس الثدي بطريقة أفضل.
من الطرق الواعدة للكشف عن سرطان الثدي بدقة عالية وتستخدم مع طبيعة الثدي ذات الأنسجة عالية الكثافة هي
(PET Mammogram) (AI assisted mammogram)
نتائجهم واعدة للكشف المبكر وخصوصا مع المريضات صغار السن أو حاملات الجين الوراثي أو في حالة وجود كثافة أنسجة عالية في الثدي كما ذكرنا ونتطلع إلى جلب إحدى هذه الوسائل لمملكة البحرين في القريب العاجل.
*هل يمكن أن يمر المريض بكل الفحوصات السابقة أثناء التشخيص؟
- نعم، ويبقى في النهاية الدور الرئيسي الذي تلعبه الخزعة ومن دونها لا يتأكد التشخيص.
وهنا أنوه أن الاعتقاد السائد بأن الخزعة تنشر الورم أو تتسبب في تغير خواص ورم، هو من ضمن الشائعات المرتبطة بسرطان الثدي التي لم يثبت لها أي صحة علميا.
وبالتالي عينة إبرة الخزعة التي نعتمد عليها اعتمادا تاما في تشخيص نوع الورم وخواصه الجزيئية كما يتطلب تشخيص وعلاج أورام الثدي الحديثة، أو عينة الإبرة الرفيعة التي نلجأ لها أحيانا إذا كان الورم حميدا أو لوجود أكياس مائية تحتاج إلى سحب.
كلا هذين النوعين يعتبرا من الأعمدة الأساسية للتشخيص ولا يمكن الاستغناء عنهما. وعلى المريضة أن تدرك أن اختيار الطبيب المختص أساس لنجاح العلاج.
دائما ما نسمع عن العلاجات الواعدة لسرطان الثدي.. ما الجديد في علاج سرطان الثدي؟
سرطان الثدي من أكثر السرطانات تشخيصا لأنه هو الأعلى نسبا وشيوعا في النساء. وعندما يكون هناك مرض شائع يكون لدينا عدد كبير من المرضى مطروح للدراسة’
وهناك دراسات كثيرة تجرى للحاجة إلى علاج السرطان الشائع.
سرطان الثدي من أكثر السرطانات التي يحدث عليها تغيير مضطرد في العلاجات المقدمة.
تنقسم إلى قسمين هما العلاجات الجراحية والعلاجات الطبية،
العلاجات الجراحية سابقا كانت تطبق علاجا واحدا على جميع الحالات والمراحل والأعمار وهو الاستئصال الكامل مع تنظيف الغدد تحت الإبط وذلك منذ فترة زمنية قريبة حتى بدايات التسعينيات.
بعدها تغيرت صورة العلاجات المقدمة أصبح هناك دور للاستئصال الجزئي مع ضرورة العلاج الإشعاعي ودور فحص الغدد الحارسة في حال عدم وجود إصابة مثبتة للغدد الليمفاوية للأورام المبكرة وكلها علاجات فعالة. أسهمت في خفض نسب حدوث مضاعفات متعلقة بالوذمة اللمفاوية في الذراع.
وحاليا عند اللجوء إلى استئصال كلي بسبب كبر حجم الورم أو لوجود تاريخ عائلي أو لثبوت وجود جين مصاب يرفع نسب الإصابة في المريضة، نستطيع أن نقدم علاجات جراحية متقدمة وهي استئصال مع المحافظة على النتيجة الجمالية.
ويتم ذلك باستئصال نسيج الثدي وتفريغ الثدي من الداخل مع المحافظة على الحلمة والجلد والاستعاضة عن نسيج الثدي بحشوات السليكون أو الأنسجة الذاتية.
حشوات السيليكون تعتبر العملية الأمثل حيث إن مضاعفاتها أقل، فترة التعافي أسرع. أما إذا خضعت المريضة إلى ترميم عن طريق الأنسجة الذاتية وكانت الحالة لا تصلح إلى استخدام حشوات السيليكون فهناك تطورات كبيرة في العلاجات الجراحية المقدمة.
وأصبحنا نقوم بالترميم الفوري لمعظم الحالات. سابقا في بعض الحالات يتم ترميمها متأخرا نتعامل مع الورم أولا ويترك الترميم بعد استكمال العلاج، الآن معظم الحالات تعطى خيار الترميم الفوري.
كلما تم تشخيص الورم في مرحلة مبكرة كانت النتائج العلاجية والجمالية أفضل.
ومن التدخلات الجراحية الحديثة محاولة المحافظة على أحد الأعصاب المغذية للحلمة وبالتالي يتم إعادة زرعها في الحلمة للمحافظة على الشعور الطبيعي وهي أحد الأشياء المتقدمة التي مازلنا نعمل على دخولها في المملكة وهي تأخذ وقتا طويلا كإجراء جراحي ومن العلاجات الواعدة جدا.
مع التحسن الكبير في الحشوات تظل فترات تتجاوز حاجز العشر سنوات ولكن تحتاج إلى تبديل في حالة حدوث مضاعفات مثل مشكلة في كيس الحشو كانفجار وتسريب أو حدوث تحجر في ملمس الحشوة، في هذه الحالة يتم إزالة الكيس والكبسول وتبديل كيس السيليكون.
أما بالنسبة إلى العلاجات الطبية، تشهد علاجات سرطان الثدي تطورا كبيرا يعتمد على العلاجات الذكية (الموجهة) والتي تمثل مستقبل علاجات السرطان بالمطلق، نطمح إلى أن تكون هذه العلاجات بديلا للعلاجات التقليدية كالعلاج الكيميائي يوما ما. لما لها من تأثيرات فعالة على الأورام مع مضاعفات جانبية أقل، أهمها عدم مصاحبتها لفقدان الشعر (الصلع) المعتاد مع العلاجات الكيميائية. كما نترقب نتائج التطعيم (لقاح سرطان الثدي) وكذلك السرطانات الأخرى التي بدأت على مستويات الدراسات الإكلينيكية والسريرية تحقق نتائج مبهرة ومبشرة جدا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك