الرباط - (أ ف ب): يقوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيارة دولة الى المغرب من 28 أكتوبر إلى الثلاثين منه، بدعوة من الملك محمد السادس، وفق ما أعلن القصر الملكي المغربي أمس الاثنين، في خطوة لترسيخ عودة العلاقات الثنائية بين البلدين بعد فترة فتور طويلة. وقالت وزارة القصور الملكية في بيان إن هذه الزيارة «تعكس عمق العلاقات الثنائية، القائمة على شراكة راسخة وقوية، بفضل الإرادة المشتركة لقائدي البلدين لتوطيد الروابط المتعددة الأبعاد التي تجمع البلدين».
وتعد هذه الزيارة تتويجا لتحسن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد إعلان ماكرون نهاية يوليو عن تأييد بلاده لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، الذي قدمته الرباط للصحراء الغربية المتنازع عليها. وأبلغ ماكرون العاهل محمد السادس في رسالة وجهها اليه في 30 يوليو أن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط هو «الأساس الوحيد» للتوصل إلى تسوية للنزاع المستمر منذ حوالي خمسين عاما مع جبهة البوليساريو بشأن مصير الصحراء الغربية، وأن «حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية».
ووضع هذا الموقف الفرنسي حدا لفترة فتور في علاقات البلدين الدبلوماسية خلال الأعوام الماضية، عندما ضغطت الرباط على فرنسا لتحذو حذو واشنطن التي اعترفت بسيادة المملكة على هذا الإقليم أواخر العام 2020، في مقابل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل. ودعا الملك محمد السادس في خطاب عام 2022 «بعض الدول من شركاء المغرب التقليديين» إلى أن «توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل» بخصوص نزاع الصحراء الغربية.
يسيطر المغرب على 80% من مساحة هذا الإقليم الذي تعتبره الأمم المتحدة من «الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي»، فيما تطالب جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر والتي تخوض نزاعا مع الرباط منذ 1975، بالسيادة عليه. بالتزامن مع الضغوط المغربية، سعى ماكرون إلى التقارب مع الجزائر، في حين قطعت الأخيرة علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط في عام 2021، وهو ما أثار غضبا شديدا في المغرب.
وتوترت علاقات الرباط وباريس أيضا بعد قرار فرنسا في عام 2021 بتخفيض عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة إلى النصف، ما أثار انتقادات حادة في المغرب، قبل أن تتراجع باريس عن هذا الإجراء بعد عام ونصف العام. في الجانب الفرنسي، أبدت السلطات امتعاضها بعدما كشف تحقيق صحفي استقصائي استهداف المغرب أرقام هواتف ماكرون ووزراء في عام 2019 ببرنامج التجسس الإسرائيلي «بيغاسوس»، وهي اتهامات نفتها الرباط.
تسببت هذه التوترات في تأجيل زيارة ماكرون إلى المغرب عدة مرات منذ عام 2022، علما أنه لم يزر المملكة منذ عام 2018. وسبق لقصر الإليزيه أن أعلن في نهاية سبتمبر أن ماكرون تلقى رسالة دعوة من الملك محمد السادس للقيام بزيارة دولة إلى المغرب. يرتبط البلدان تاريخيا بعلاقات اقتصادية متينة، لكن عودة الدفء لعلاقاتهما الدبلوماسية يفتح آفاقا اقتصادية وتجارية جديدة أمام الشركات الفرنسية التي تأثرت في السنوات الأخيرة جراء التوترات الأخيرة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك