الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
وزارة العمل.. ودور «أم العروس»..!!
في الصيف الماضي، تشرفت بلقاء خاص مع سعادة السيد جميل بن محمد علي حميدان وزير العمل.. استمر اللقاء أكثر من ساعتين.. واستمعت إلى شرح مفصل من الوزير حول كيفية احتساب نسبة البطالة والتوظيف، وأثر ذلك وعلاقته بخطط الدولة المستقبلية، وعلى تصنيف مملكة البحرين دوليا.. الأمر ليس مجرد الاكتفاء بعملية توظيف مواطن فحسب.. هي عملية أكبر وأوسع مما نتصور.
قلت لوزير العمل إن ملفات الوزارة متشعبة، ومسؤولياتها متعددة.. وأي وزير للعمل أصبح اليوم وزيرا لأكثر من وزارة.. هي مثقلة بالمهام والواجبات.. لقد أضحت وزارة العمل ذات ارتباط مباشر مع كل بيت بحريني.. الأسرة والعمالة المنزلية.. الشباب الخريجين.. التعطل والقوى العاملة.. بجانب مسؤوليات هيئة تنظيم سوق العمل، التي يترأس مجلس إدارتها وزير العمل.
ومع التركيز العام على عملية التوظيف.. أصبح دور وزارة العمل أقرب إلى دور «أم العروس» التي تبحث لابنتها عن «ولد الحلال»، الذي يوفر لها الوظيفة وسبل المعيشة، والرحمة والمودة.. فرحة الوزارة عند توظيف أي خريج لا توصف، كفرحة «أم العروس» عند تزويج ابنتها.
تزداد مسؤولية وزارة العمل حينما تكتشف أن «ولد الحلال» المتمثل في المؤسسة التي قامت بقبول توظيف «العروس».. قد تعسفت، أو اضطرت لفسخ عقد التوظيف لأسباب عديدة.. مما يجبر الموظف على اللجوء إلى بيت الأسرة «وزارة العمل».. لمحاولة إصلاح ذات البين، وتجنب وصول الأمور إلى ساحة المحاكم.
خاصة حينما يتولد من تلك العلاقة الوظيفية «قروض» أخذها الموظف من البنوك بعد توظيفه.. وتصبح تلك «القروض والالتزامات» بمثابة «الطفل» الذي أنجبته تلك العلاقة التي تعطلت، والآثار والتداعيات التي نشأت، وتثقل كاهل الموظف «العروس» وأهله.
تضطر وزارة العمل لاحتضان الموظف «العروس» مرة أخرى، وتقوم بصرف «بدل التعطل» له، كي يتمكن من العيش ومواجهة الالتزامات التي عليه.. وتبدأ مرحلة البحث عن مؤسسة وظيفية جديدة.. «معرس جديد» تقبل بـ«العروس» التي تعثرت مسيرتها الأولى.
تتعقد تحركات وزارة العمل حينما تزداد مواصفات الموظف «العروس» بنوعية الوظيفة التي توفرها الوزارة.. فالبعض يريد وظيفة مكتبية أو وظيفة حكومية.. مريحة ومضمونة.. لكن الوزارة تمنح الموظف فرصا محددة لقبول الوظيفة، وإلا رفعت اسمه من القائمة، وأوقفت عنه «التعطل».. فالوزارة لديها قائمة طويلة من الباحثين عن العمل، وتحاول أن توفر لهم الوظائف بكل الطرق.. من خلال معارض للتوظيف كـ«العرس الجماعي».. مكاتب للتدريب والتأهيل.. دعم تمكين.. شراكة مع القطاع الخاص.. تنسيق مع الجامعات واحتياجات سوق العمل.. تدشين خطة وبرامج وطنية للتوظيف.
تحاول الوزارة وفقا للأرقام والإحصائيات أن تقول إنها قامت بتوظيف الآلاف، وتعلن شكر من ساهم في التوظيف من شركات القطاع الخاص.. ولكنها تواجه في كل مرة ببعض التحديات التي تعلن فصل موظف، أو تسريح عدد من الموظفين المواطنين، أو حتى تأخير صرف الأجور للعمال.. الأمر الذي يعقد المسألة أمام الوزارة.. مما يجبرها على ممارسة دور «أم العروس» من جديد.. التي وجدت ابنتها خارج نطاق «بيت الزوجية»..!
رؤية وزارة العمل تنظر: «نحو سوق عمل منظم ومستقر، يحقق أدنى مستويات البطالة».. ورسالتها تتمثل في: «توفير خدمات عمالية مميزة للمستفيدين من خلال البرامج والمبادرات والشراكات».. وأهدافها الاستراتيجية تسعى إلى: «توفير وظائف لائقة للباحثين عن عمل، وتدريب وتأهيل الباحثين عن عمل، وتوفير الحماية والرقابة لضمان استقرار سوق العمل».
علاقة وزارة العمل مع الباحثين عن العمل، أكبر من دور «أم العروس».. هذه علاقة غير صحيحة.. لقد أُجبرت الوزارة وحاجة الناس لإنشائها وتكوينها.. هذا أمر بحاجة إلى تغييره.. وتصحيح بوصلة اتجاهه.. وتعديل هندسته في المنظومة الشاملة.. من أجل مستقبل عملية التوظيف، والاستقرار الاجتماعي في الدولة.
للموظف «العروس» رغبات وطموحات.. أهمها الاستقرار الوظيفي والترقي.. وللمؤسسة التوظيفية «العريس» مواصفات واحتياجات.. ويا بخت من وفق راسين بالحلال بشكل مستدام.. دون معوقات وعراقيل.. فقائمة العرسان «الخريجين» طويلة ومتجددة.. تزداد وتتضاعف كل عام.. وكان الله في عون وزارة العمل.. من طموحات «العروس» وأهلها.. واشتراطات «العريس» وأهله..!!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك