يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
كلمة السر في فوز ترامب
في أمريكا وخارجها فوجئ الكل بالفوز الساحق الذي حققه دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية حتى أن الكثيرين اعتبروه بمثابة زلزال سياسي.
فوز ترامب اعتبره الكثيرون مفاجئا وغريبا وحاروا في تفسيره. لماذا؟
وراء ذلك سببان أساسيان:
الأول: أن الديمقراطيين وعلى رأسهم الرئيس بايدن والمرشحة كامالا هاريس بنوا حملتهم الانتخابية على تصوير ترامب بأبشع صورة ممكنة. وجهوا إليه أشنع الاتهامات بأنه ديكتاتور فاشي ومعجب بهتلر، واعتبروا أنه يمثل خطرا على الديمقراطية الأمريكية وتهديدا للأمن القومي الأمريكي.. وهكذا.
وبالطبع تصور الديمقراطيون أن هذه الاتهامات سوف تخيف الناخبين الأمريكيين من ترامب وتبعدهم عنه.
والثاني: أن تقديرات المحللين ونتائج استطلاعات الرأي قبل الانتخابات لم تتوقع أبدا فوز ترامب وكانت أميل إلى ترجيح كفة هاريس، وأقصى ما ذهبت إليه هو أن المنافسة محتدمة جدا وحظوظ المرشحين متساوية.
إذن، لهذين السببين كان فوز ترامب مفاجئا ومحيرا. وبالطبع بدأ الكثيرون يتبارون في محاولة تفسير ما حدث.
محللون في معرض تفسير فوز ترامب تحدثوا عن جوانب كثيرة منها مثلا، عدم الرضا الشعبي العام عن السياسات الداخلية للديمقراطيين في قضايا مثل الاقتصاد والهجرة وغيرها، واعتبروا أن الموقف من القضايا الداخلية هو الذي حسم الفوز لترامب.
محللون اعتبروا أن أمريكا ليست مستعدة بعد لقيادة امرأة للبلاد بغض النظر عن المواقف والسياسات.
البعض اعتبر أن قطاعا لا يستهان به من الشعب الأمريكي وخصوصا الناخبين العرب والمسلمين عاقبوا إدارة بايدن بسبب موقفها من حرب إبادة غزة.
بالطبع كل هذه العوامل مهمة بهذا القدر أو ذاك، لكن في تقديرنا أن كلمة واحدة هي التي تفسر أساسا هذا الفوز التاريخي وعودة ترامب إلى البيت الأبيض. هذه الكلمة هي «القوة».
الذي حدث أن إدارة بايدن من أضعف الإدارات في تاريخ أمريكا. وفشل بايدن في تحقيق الوعود الكبرى التي أطلقها عندما تولى السلطة وأثبت أنه أضعف بكثير من أن يحقق هذه الوعود.
وعد مثلا بأن يستعيد مكانة أمريكا كقوة قائدة في العالم. ولم يتحقق هذا بل على العكس انهارت مصداقية أمريكا ومكانتها العالمية.
ووعد مثلا بأن يوحد صفوف الشعب الأمريكي وينهي الانقسامات الحادة في المجتمع، وأيضا لم يتحقق هذا.
وبشكل عام بدت الإدارة الأمريكية مع بايدن ضعيفة عاجزة عن أن تحقق ما تصرح به أو تعد به. ولعل أبلغ مثال على هذا ما حدث مع حرب إبادة غزة.
على امتداد عام كامل من الحرب أطلق بايدن وعودا كثيرة جدا منها مثلا أنه سوف يضغط على نتنياهو لوقف إطلاق النار والتوصل إلى صفقة تسوية. وحاول إظهار أنه حازم في الضغط من أجل حماية الشعب الفلسطيني وتأمين المساعدات له، وغير هذا. وكما نعلم فشل بايدن فشلا ذريعا في أن يحقق أيًّا من هذا. بالعكس أكد للعالم كله أنه شريك كامل في كل جرائم إسرائيل.
بالنسبة إلى الشعب الأمريكي بمن في ذلك حتى الذين لا يتعاطفون بالضرورة مع الفلسطينيين، بدا بايدن رئيس أكبر دولة في العالم خائفا أمام مجرم حرب مثل نتنياهو، وأضعف بكثير جدا من أن يحقق أي شيء تحدث هو عنه وعن أن يفرض كلمة أمريكا.
في المقابل، لا شك ان خطاب ترامب في هذا الشأن لاقى قبولا لدى الشعب الأمريكي. نعني حديثه عن قدرته على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط، وفي أوكرانيا أيضا، وانه عازم على وضع حد لتورط أمريكا في مثل هذه الحروب.. وهكذا.
وحين قدم الحزب الديمقراطي كامالا هاريس مرشحة في مواجهة ترامب لم يكن من الممكن أن تمثل بالنسبة إلى الأمريكيين نموذج القيادة القوية التي يتطلع اليها. هاريس عاشت كل حياتها السياسية في الصف الثاني الخلفي. وأثناء حملتها الانتخابية عجزت تماما عن أن تثبت أن لديها شخصية قوية مستقلة تختلف عن نموذج قيادة بايدن الضعيف المتردد.
باختصار حتى في أكبر دولة في العالم مثل أمريكا، وفي ظل العالم المضطرب أثبت الشعب الأمريكي أنه يريد قيادة قوية حازمة من وجهة نظره يتصور أنها قادرة فعلا على الدفاع عن مصالح أمريكا وعلى تحقيق ما تعد به. ولهذا اختار ترامب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك