ثمة تشابهات كبيرة في ثنايا طبقات أعماق شخصيتي كل من ترامب ونتنياهو. فالرئيس السابق و(القادم) ترامب يجاهر بكراهيته لغير الأمريكيين ولربما لعديد الأمريكيين. أما نتنياهو وبعد أن كشف عن مبادئه، المستندة حقيقة إلى مضامين تلمودية محرفة، فيكاد يجاهر بكراهية «الأغيار» (أي جميع غير اليهود) وأيضاً لعدد متزايد من اليهود العلمانيين – المتنورين! كما أن عشق المال وبالتالي الأغنياء مترسخ في الطبقات الجوانية لهاتين الشخصيتين. كذلك، هما يشتركان في نزعات قوية ذات مضامين استعلائية وقومية متطرفة. وقد تأكد من واقع التجربة أنهما لا يقيمان وزناً لكل ما هو دستوري ومؤسساتي وليبرالي ديمقراطي. بل إنهما يؤمنان بدور الحاكم الفرد (أو الزعيم) الذي يتمتع بصلاحيات لا ضوابط لها، وبالتالي نجحا في تهميش المؤسستين اللتين صعدا باسميهما (الحزب الجمهوري في حالة ترامب وحزب الليكود في حالة نتنياهو). أخيراً وليس آخراً، يجمعهما إيمانهما بأن «وظيفة» الإعلام هي في جعله سلاحاً بأيديهم مهمته، دون أن يرف لهما جفنٌ، معاقرة الكذب، وتكرار الكذب حد التصديق، علاوة على اختراع «معلومات» تناسبهما مع تشويه المعلومات الحقيقية والوقائع بما يخدم أغراضهما الخاصة والعامة. هذه التشابهات بين شخصيتي الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لعبت دورها في إقامة علاقات «استراتيجية» بينهما وبالذات بعد وقوف اللوبي الإسرائيلي، بالإضافة إلى اللوبي الصهيوني الأوسع (المستند إلى القوى والجماعات والمنظمات المتمسيحة المتصهينة) مع ترامب، الأمر الذي أسفر عن تبني الأخير (في ولايته الأولى) مجموعة من الأهداف والمصالح الإسرائيلية الصهيونية، خاصة أن الرئيس ترامب يومها لم يكن يدفع من جيبه (على غرار ما فعله اللورد بلفور قبله!) وإنما من حساب الفلسطينيين والعرب وغيرهم. وهكذا أسفرت علاقات الماضي بينهما عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وإغلاق القنصلية الأمريكية في القدس العربية، والاعتراف بضم «إسرائيل» للهضبة السورية، ناهيك عن «إضفاء الشرعية» على حركة الاستعمار أي «الاستيطان» وبالذات في الضفة الفلسطينية، إضافة إلى الدفع باتجاه اتفاقيات للتطبيع في غياب حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وطبعاً بالإضافة لما يتضمنه كل ذلك من محاولة منع إيران من تطوير سلاح نووي وفرض مختلف أنواع العقوبات عليها. وعلى صعيد المستقبل، يخطط نتنياهو لتكرار عملية «حلب البقرة» (الأمريكية الترامبية) مع بداية الفترة الرئاسية الجديدة. وفي هذا النطاق، وفي مستوى الحد الأدنى، يدفع نتنياهو – بقوة شهية مفتوحة – نحو تكبير «إسرائيل الصغيرة جداً» (وفق تعبير ترامب). وعليه، يخطط نتنياهو للحصول على موافقة من ترامب على ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية والاعتراف بشرعية «مستوطنات» إضافية فيها وأيضاً تأكيد السيطرة الإسرائيلية على شمال قطاع غزة وربما إطلاق «وحش الاستيطان» فيه، علاوة على إقامة منطقة أمنية عازلة في لبنان حتى حدود نهر الليطاني!. ولعل قمة أماني نتنياهو هي النجاح في إقناع الرئيس الأمريكي القادم بشن حرب لضرب النظام الإيراني ومؤسساته ومرتكزاته وبالذات «المنشآت النووية». وفي سيناريو مختلف، يتوقع عدد متزايد من المراقبين الإسرائيليين (وغيرهم) ألا يتجاوب الرئيس الأمريكي القادم مع كل ما يتمناه نتنياهو. وعن مضامين هذا السيناريو المستقبلي سيكون مقال الأسبوع القادم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك