العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الشعب الفلسطيني سينتصر في حرب الشرعية

بقلم: د. رمزي بارود

الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

لقد‭ ‬أصاب‭ ‬المؤرخ‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بيني‭ ‬موريس‭ ‬القول‭ ‬والتوصيف‭ ‬عندما‭ ‬طرح‭ ‬أفكاره‭ ‬وتحدث‭ ‬عن‭ ‬توقعاته‭ ‬الصريحة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمستقبل‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومآلات‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬بلاده‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

فقد‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬أجرته‭ ‬معه‭ ‬صحيفة‭ ‬هآرتس‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭: ‬‮«‬ينظر‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬وطويل‭ ‬المدى‭. ‬إنهم‭ ‬يرون‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬يوجد‭ ‬خمسة‭ ‬أو‭ ‬ستة‭ ‬أو‭ ‬سبعة‭ ‬ملايين‭ ‬يهودي‭ ‬هنا،‭ ‬محاصرين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مئات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬العرب‮»‬‭.‬

‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬سبب‭ ‬يجعل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬يستسلمون‭ ‬ويذعنون‭ ‬لإسرائيل‭ ‬لأن‭ ‬الدولة‭ ‬اليهودية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬إنهم‭ ‬عاقدون‭ ‬العزم‭ ‬ومصرون‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬النصر‭. ‬وفي‭ ‬غضون‭ ‬30‭ ‬إلى‭ ‬50‭ ‬سنة‭ ‬أخرى‭ ‬سوف‭ ‬يتغلبون‭ ‬علينا،‭ ‬مهما‭ ‬حدث‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬أصاب‭ ‬بيني‭ ‬موريس‭ ‬في‭ ‬كلامه،‭ ‬وهو‭ ‬محق‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬إن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لن‭ ‬يستسلموا،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬أبدًا‭ ‬وضع‭ ‬حيث‭ ‬تعيش‭ ‬المجتمعات‭ ‬وتزدهر‭ ‬إلى‭ ‬أجل‭ ‬غير‭ ‬مسمى‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬يكرس‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬والعنف‭ ‬والإقصاء‭ ‬‭ ‬استبعاد‭ ‬الآخر،‭ ‬أي‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬العزلة‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬تاريخ‭ ‬فلسطين‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬شاهد‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭. ‬فإذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬إلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬بالمضطهدين،‭ ‬أي‭ ‬سكان‭ ‬الأرض‭ ‬الأصليين،‭ ‬أو‭ ‬القضاء‭ ‬عليهم‭ ‬بالكامل،‭ ‬فمن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬ينهضوا‭ ‬ويقاتلوا‭ ‬ويستعيدوا‭ ‬حريتهم‭.‬

لا‭ ‬بد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المحبط‭ ‬تمامًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬عمليات‭ ‬القتل‭ ‬والتدمير‭ ‬والإبادة‭ ‬الجارية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬كافية‭ ‬للتأثير‭ ‬في‭ ‬النتائج‭ ‬الإجمالية‭ ‬للحرب‭: ‬‮«‬النصر‭ ‬الكامل‭ ‬والتام‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يواصل‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬الحديث‭ ‬عنه‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬ينتاب‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬من‭ ‬شعور‭ ‬بالإحباط‭ ‬أمر‭ ‬مفهوم،‭ ‬لأن‭ ‬تل‭ ‬أبيب،‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬كل‭ ‬المحتلين‭ ‬العسكريين‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬القدر‭ ‬المناسب‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كافياً‭ ‬لإخضاع‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تخضع‭ ‬للاحتلال‭.‬

لكن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لديهم‭ ‬مسار‭ ‬فكري‭ ‬مختلف‭ ‬يوجه‭ ‬سلوكهم‭ ‬الجماعي‭.‬

هناك‭ ‬تصنيفات‭ ‬عديدة‭ ‬للتاريخ‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬المؤرخين‭ ‬الفرنسيين‭ ‬المعاصرين‭ ‬من‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬التاريخ‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬الأحداث‭ ‬وتحليلاتها،‭ ‬وهناك‭ ‬فئة‭ ‬أخرى‭ ‬منهم‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬التاريخ‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭. ‬وباختصار‭ ‬تعتقد‭ ‬الفئة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬المؤرخين‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نتيجة‭ ‬لتراكم‭ ‬الأحداث‭ ‬المتتابعة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الزمن،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ترى‭ ‬الفئة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬المؤرخين‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدًا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير‭.‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬رؤية‭ ‬التاريخ‭ ‬بمصداقية‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬مجمله،‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬مجموع‭ ‬أحداث‭ ‬التاريخ‭ ‬المتراكمة،‭ ‬الحديثة‭ ‬أو‭ ‬القديمة،‭ ‬ويشمل‭ ‬ذلك‭ ‬مجموع‭ ‬المشاعر،‭ ‬وذروة‭ ‬الأفكار،‭ ‬وتطور‭ ‬الوعي‭ ‬الجماعي،‭ ‬والهويات،‭ ‬والعلاقات‭ ‬والتغيرات‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬للمجتمعات‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الوقت‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬يشكلون‭ ‬المثال‭ ‬الجلي‭ ‬على‭ ‬التاريخ‭ ‬الذي‭ ‬تشكله‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار،‭ ‬وليست‭ ‬الأسلحة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تشكله؛‭ ‬أو‭ ‬الذكريات،‭ ‬وليست‭ ‬السياسة؛‭ ‬أو‭ ‬الأمل‭ ‬الجماعي،‭ ‬أو‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تشكله‭ ‬أو‭ ‬تتمثله‭.‬

سوف‭ ‬ينتزع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬حريته‭. ‬فقد‭ ‬استثمر‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬والذكريات‭ ‬والتطلعات‭ ‬المجتمعية،‭ ‬والتي‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تترجم‭ ‬إلى‭ ‬أحاسيس‭ ‬ومشاعر‭ ‬روحانية،‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى،‭ ‬إلى‭ ‬إيمان‭ ‬عميق‭ ‬راسخ‭ ‬يزداد‭ ‬قوة،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الحروب‭ ‬المروعة‭.‬

وفي‭ ‬حوار‭ ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬أجريته‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬لخص‭ ‬المقرر‭ ‬الخاص‭ ‬السابق‭ ‬لمنظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬البروفيسور‭ ‬ريتشارد‭ ‬فولك‭ ‬النضال‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬بأنه‭ ‬حرب‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يملك‭ ‬السلاح‭ ‬ومن‭ ‬يملك‭ ‬الشرعية‭.‬

يومها‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬البروفيسور‭ ‬ريتشارد‭ ‬فولك‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬حركات‭ ‬التحرر‭ ‬الوطني،‭ ‬يوجد‭ ‬نوعان‭ ‬من‭ ‬الحروب‭: ‬الحروب‭ ‬الفعلية،‭ ‬أي‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يحمل‭ ‬خلالها‭ ‬الجنود‭ ‬السلاح‭ ‬ويتددجون‭ ‬بها،‭ ‬وحروب‭ ‬الشرعية،‭ ‬مضيفا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬ينتصر‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الشرعية‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬تكون‭ ‬له‭ ‬الغلبة‭ ‬لا‭ ‬محالة‭ ‬في‭ ‬النهاية‭.‬

وفي‭ ‬الواقع‭ ‬فإن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬‮«‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬واسع‭ ‬وطويل‭ ‬الأمد‮»‬‭. ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬الاتفاق‭ ‬مع‭ ‬كلام‭ ‬بيني‭ ‬موريس‭ ‬غريبا،‭ ‬لأن‭ ‬المجتمعات‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬مدفوعة‭ ‬بصراعاتها‭ ‬الطبقية‭ ‬وأجنداتها‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬صراعها‭ ‬حول‭ ‬إيجاد‭ ‬رؤية‭ ‬موحدة،‭ ‬متماسكة‭ ‬وطويلة‭ ‬المدى‭.‬

هنا‭ ‬تصبح‭ ‬المدة‭ ‬الطويلة‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬فبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يتوصل‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬مشترك‭ ‬لانتظار‭ ‬رحيل‭ ‬الغزاة،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬فلسطين،‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬مكانًا‭ ‬للتعايش‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والعرقي‭ ‬والديني،‭ ‬فإنهم‭ ‬مدفوعون،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬دون‭ ‬وعي،‭ ‬بنفس‭ ‬الطاقة‭. ‬مما‭ ‬اضطر‭ ‬أسلافهم‭ ‬إلى‭ ‬التصدي‭ ‬للظلم‭ ‬بجميع‭ ‬أشكاله‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ينشغل‭ ‬فيه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬والأكاديميين‭ ‬الغربيين‭ ‬بإلقاء‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والقول‭ ‬بأن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يتسببون‭ ‬لأنفسهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاضطهاد‭ ‬والقمع،‭ ‬يستمر‭ ‬المجتمع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬التطور‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬ديناميكيات‭ ‬مستقلة‭ ‬تمامًا‭.‬

على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬نجد‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬أن‭ ‬سمات‭ ‬وخصال‭ ‬الصمود‭ ‬والثبات‭ ‬تمثل‭ ‬ثقافة‭ ‬متأصلة،‭ ‬وهي‭ ‬ثقافة‭ ‬تخضع‭ ‬بالكاد‭ ‬للعوامل‭ ‬الخارجية‭ ‬المحفزة،‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعوامل‭ ‬السياسية‭ ‬أم‭ ‬الأكاديمية‭. ‬إنها‭ ‬ثقافة‭ ‬قديمة‭ ‬قدم‭ ‬الزمن،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬ثقافة‭ ‬فطرية‭ ‬متجذرة‭ ‬تتوارثها‭ ‬الأجيال‭.‬

بدأت‭ ‬هذه‭ ‬الملحمة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬قبل‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬نشوب‭ ‬الحرب،‭ ‬وقبل‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬قيام‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وقبل‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬ظهور‭ ‬الاستعمار‭ ‬الحديث‭. ‬تثبت‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬لا‭ ‬يتحرك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تراكم‭ ‬الأحداث‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬يتحرك‭ ‬نتيجة‭ ‬عدة‭ ‬عوامل‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التاريخ‭ ‬النهائي‮»‬‭ ‬‭ ‬أي‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬يشمل‭ ‬الجوانب‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬التاريخ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أحداث‭ ‬قصيرة‭ ‬المدى‭ ‬‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬الأهمية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬طويل‭ ‬المدى‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يقدم‭ ‬فهمًا‭ ‬أكثر‭ ‬عمقًا‭ ‬للماضي‭ ‬وعواقبه‭ ‬وتداعياته‭.‬

ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النقاش‭ ‬جميع‭ ‬المهتمين‭ ‬بالنضال‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬والحريصين‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬صورة‭ ‬من‭ ‬الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬تحركها‭ ‬مصالح‭ ‬سياسية‭ ‬مستقبلية،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الفهم‭ ‬العميق‭ ‬للماضي‭ ‬وأحداثه‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يحركها‭. ‬عندها‭ ‬فقط‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نبدأ‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بكل‭ ‬تأن‭ ‬وتؤدة،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الرؤى‭ ‬والنواحي‭ ‬التاريخية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬ليست‭ ‬بالمهمة‭ ‬السهلة،‭ ‬ولكنها‭ ‬مهمة‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منها‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬حدود‭ ‬اللغة‭ ‬المركبة،‭ ‬والأحداث‭ ‬التاريخية،‭ ‬والتواريخ‭ ‬المتكررة،‭ ‬والإحصاءات‭ ‬اللاإنسانية،‭ ‬والخداع‭ ‬الصريح‭ ‬للذاكرة‭.‬

في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬واضحاً‭ ‬لأي‭ ‬قارئ‭ ‬ذكي‭ ‬للتاريخ‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الطائرات‭ ‬المقاتلة‭ ‬والقنابل‭ ‬الخارقة‭ ‬للتحصينات‭ ‬قد‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬الأحداث‭ ‬التاريخية‭ ‬قصيرة‭ ‬المدى،‭ ‬فإن‭ ‬الشجاعة‭ ‬والإيمان‭ ‬والحب‭ ‬الجماعي‭ ‬تحدد‭ ‬التاريخ‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬

ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬ينتصر‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الشرعية‭ ‬وسينتصرون‭ ‬حاضرا‭ ‬ومستقبلا‭. ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬نؤكد‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬حرية‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬هي‭ ‬مسألة‭ ‬وقت‭ ‬لا‭ ‬غير‭ ‬وأن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬سينتزع‭ ‬حريته‭ ‬لا‭ ‬محالة‭. ‬

 

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬فلسطيني‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا