الراحل تميز بالذكاء والجرأة.. وقاد دفة العديد من المؤسسات التجارية بكفاءة واقتدار
ظل الوجيه الراحل فاروق يوسف المؤيد يردد طوال حياته أنه تأثر في حياته العملية برجل الأعمال المرحوم أحمد علي كانو، أحد أقطاب عائلة يوسف بن أحمد كانو ذات التاريخ التجاري الممتد في مملكة البحرين، التي تعد إحدى كبريات الشركات العائلية في منطقة الخليج والشرق الأوسط.
هذه العبارة تكشف عمق الروابط بين عائلتي كانو والمؤيد، تلك العلاقة أثمرت العديد من الشراكات التجارية التي تركت أثرا باقيا في مختلف أركان الاقتصاد البحريني، وأسست لقواعد العمل التجاري في المملكة القائم على التعاون والبذل والعطاء في خدمة مصالح الوطن.
«أخبار الخليج» حرصت على الالتقاء بالوجيه خالد محمد كانو رئيس مجلس إدارة مجموعة يوسف بن أحمد كانو، للحديث عن الراحل فاروق يوسف المؤيد، ومناقبه ومآثره ودوره في عالم المال والأعمال بمملكة البحرين على مدار أكثر من نصف قرن.
في البداية أكد الوجيه خالد كانو أنه برحيل رجل الأعمال فاروق المؤيد تخسر البحرين قامة اقتصادية شامخة وشخصية استثنائية تركت بصمة لا تُمحى في مسيرة الوطن الاقتصادية والاجتماعية. كان الراحل، رحمه الله، إنساناً بمعنى الكلمة، يجمع بين الحنكة الاقتصادية والروح الإنسانية التي قلّ نظيرها، ولم يكن مجرد رجل أعمال ناجح، بل كان نموذجاً يحتذى في العطاء والعمل الصادق.
واستذكر تاريخ العلاقة بين عائلتي كانو والمؤيد قائلا: نشأت العلاقة بيننا منذ سنوات طويلة مع بداية التعاون بين الراحل أحمد علي كانو ووالد فاروق الراحل يوسف خليل المؤيد، ومنذ ذلك الحين امتدت الصداقة بين العائلتين، واستمرت مع الأجيال المتعاقبة إلى اليوم.
كان فاروق دائما يذكر أنه تعلم الكثير من العم أحمد علي كانو، الذي غرس فيه حب التجارة، وكان مقربا منه، فيما كنت أنا مقربا من والده يوسف المؤيد، حيث نشأنا في ظل القيم البحرينية الأصيلة التي توارثناها من الآباء والأجداد، وحرصنا على أن ننقلها إلى الأبناء والأحفاد.
ومن أهم ما تعلمناه سويا من آبائنا هو قيمة العمل، والحرص على مواكبة التطور في عالم التجارة.
ولقد جمعتني بالراحل فاروق سنوات طويلة من الأخوة والصداقة الصادقة، التي تجاوزت حدود العمل لتصل إلى علاقة عائلية وأخوية متينة، تشاركنا الكثير من المواقف والمحطات، وكانت مواقفه دائماً تُبرز وفاءه وإخلاصه، سواء لعائلته أو لأصدقائه أو لوطنه.
وتابع الوجيه خالد كانو: كنا معا وأصبحنا شركاء في كثير من المشاريع التي أسهمت في خدمة الاقتصاد الوطني، وواكبت مراحل نهضة البحرين وتطورها ونموها، كأول بنك في البحرين «بنك البحرين الوطني»، وأول فندق في المملكة، تواصلت المسيرة في مختلف القطاعات.
وتميز فاروق بالذكاء والجرأة وروح المغامرة إلى جانب مهاراته المصرفية، وهو ما مكنه من أن يقود دفة شركات المؤيد بكفاءة واقتدار حتى باتت واحدة من الشركات المؤثرة في المشهد الاقتصادي بالمملكة، وهذا التمرس والحنكة في الإدارة من التي تمتع بها «بو محمد» كان هو المفتاح الذي جعله يترك بصمات لا تنسى في كل المواقع والمناصب التي تولاها على المستويين الخاص والعام.
وكل من اقترب من «بو محمد» يكتشف قدراته الإدارية، التي جعلته أحد أعمدة القطاع التجاري في البحرين، حيث أسهم برؤيته الاستراتيجية وإدارته الحكيمة في تطوير مؤسسات وطنية كبرى، وجعلها نموذجاً يُحتذى به، وكان يعمل بشغف وإصرار على خدمة وطنه وإعلاء شأنه، واضعاً مصلحة البحرين نصب عينيه في كل خطوة يخطوها.
وأردف قائلا: تقاربنا في محطات عديدة سواء في اجتماعات مجالس إدارات المؤسسات التجارية التي تشاركنا بها، وحضرنا العديد من الجمعيات العمومية، التي كشفت عن أن فاروق المؤيد كان مثالا لرجل الأعمال الجريء ذي الرؤية الثاقبة القادر على التفكير والتخطيط، ليس فقط على صعيد النمو والأرباح وإنما على صعيد استدامة المشروع.
وقال رئيس مجلس إدارة مجموعة يوسف بن أحمد كانو: تميّز المرحوم بابتسامته الدافئة التي كانت مفتاح قلوب كل من عرفه، وظلت ملازمة له حتى في أحلك الأوقات. كان قريباً من الناس دائماً، بسيطاً في تعامله وكبيراً في عطائه، لا يتوانى عن مدّ يد العون لكل محتاج. كان فاروق المؤيد مؤمناً بأن الخير هو أساس النجاح، فكان سباقاً للمبادرات الإنسانية والخيرية، وأسهم بكرم لا محدود في دعم المشاريع الاجتماعية والتعليمية والصحية داخل البحرين وخارجها.
وأضاف خالد كانو: إن هذه السمات هي التي دفعت فاروق المؤيد ليكون من أوائل رجال الأعمال في البحرين الذين يطبقون مفهوم المسؤولية المجتمعية في الشركات التي يديرها، من خلال الحرص على أن تدر هذه الشركات فائدة ليس على المساهمين فيها فحسب ولكن مختلف أفراد المجتمع، وهو أحد معايير استدامة النجاح في الشركات.
اليوم، ونحن نودّع فاروق المؤيد، نشعر بثقل الفقدان؛ فقد كان قلباً نابضاً بالإنسانية وعقلاً نابهاً في الاقتصاد. ستبقى ذكراه خالدة بما تركه من إرث عظيم وبما زرعه من قيم ستظل منارة لنا جميعاً.
واختتم خالد كانو حديثه عن أحد رفقاء الرحلة داعيا الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهمنا وأسرته الصبر على فراقه. وداعاً يا صاحب القلب الكبير والابتسامة التي لن تُنسى، ستبقى بيننا بروحك الطيبة وبما قدمته لوطنك وشعبك.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك