يسعى الرئيس المنتخب دونالد ترامب خلال عودته إلى سدة الحكم لفرض تعريفات جمركية عالية الكلفة على دول العالم، وخصوصاً الصين التي من المحتمل أن يرفع على وارداتها تعريفات جمركية تصل إلى 60 بالمائة. ولن تكون الصناعات الخليجية بمنأى عن زيادة التعريفات المقترحة، حيث ستكون السلع مثل الألومنيوم والحديد تحت رادار الإدارة الأمريكية الجديدة، وسترتفع الضريبة الجمركية على هذه المجموعة من السلع بحوالي 20 بالمائة. علماً بأنه في مارس من عام 2018م، فرض الرئيس حينها تعريفات جمركية على الحديد بحوالي 25 بالمائة والألمنيوم بحوالي 10 بالمائة من معظم دول العالم.
هناك ثلاثة أسباب رئيسية تقود الرئيس المنتخب لإعلان الحرب التجارية على دول العالم من خلال زيادة التعريفات الجمركية على الواردات الأجنبية، وسنعرض هنا مثالاً حول الألمنيوم والحديد بشكل خاص:
أولاً، من خلال رفع التعريفات الجمركية على الألمنيوم والحديد، يعطي ترامب صفة «الاحتكار» للصناعات المحلية مما يعزز هذه الصناعات على مستوى الاقتصاد الأمريكي.
ولكن، سيؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار التي تأتي من هذه السلع لأن المستوردين للألمنيوم والحديد سيقومون برفع الأسعار في السوق بواقع 20 بالمائة مثلاً، والمصنعين المحليين للألمنيوم والحديد لن يخفضوا أسعارهم لأن الطلب على منتجاتهم سوف ترتفع محلياً أكثر من السابق.
ثانياً، يسعى ترامب إلى زيادة التعريفات الجمركية لزيادة دخل الإدارة الأمريكية من الضرائب التي ستعوض الخفض الذي سيفرضه على الشركات بواقع 15 بالمائة من أصل 21 بالمائة (الحالي).
ثالثاً، تسعى هذه الرسوم إلى محاولة خلق فائض في الميزان التجاري للولايات المتحدة من خلال زيادة الصادرات وخفض الواردات من دول العالم، وخصوصاً الصين.
والسؤال هنا، كيف تؤثر هذه الزيادات الجمركية على الصناعات المحلية في دول مجلس التعاون؟
في العامين 2016-2020، انخفض حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون من 89.9 مليار دولار أمريكي في 2016 إلى 57.5 مليار دولار أمريكي في 2020. أي أن السلع ومن ضمنها الألمنيوم والحديد المصدرة إلى الولايات المتحدة قد انخفضت إلى مستويات عالية. وعند عودة الرئيس المنتخب، قد تؤدي التعريفات الجديدة إلى خفض الطلب على الواردات من النسبة التي شهدناها في العامين 2016-2020.
وللإجابة عن السؤال أعلاه، على الرغم من أن قيمة الواردات من الألمنيوم والحديد التي تستوردها الولايات المتحدة من دول مجلس التعاون ستنخفض، فإن تأثيرها محدود على الصناعات الخليجية، وذلك لعدة أسباب:
أولاً، حظر دول الاتحاد الاوروبي استيراد سلع الألمنيوم والحديد من روسيا، مما يعني أن هذه الدول ستحتاج إلى استيراد حصص كبيرة من هذه السلع من دول أخرى بديلة عن روسيا مثل دول مجلس التعاون، وخصوصاً البحرين والامارات العربية المتحدة.
ثانياً، قد يسهم رفع التعريفات الجمركية إلى تشجيع دول مجلس التعاون للبحث عن شركاء تجاريين لبيع السلع التي تفرض الولايات المتحدة عليها رسوماً جمركية عالية. ثالثاً: على الرغم من أن ترامب سيفرض هذه الرسوم الجمركية، فإن هذا لا يعني أن الشركات الخليجية ستتأثر من هذه الضرائب، لأنها سوف تُدفع من قبل الموردين الأمريكيين، ومن ثم ستنتقل الكلفة إلى المستهلكين، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع في الولايات المتحدة مثل السيارات والمكائن ومواد البناء وغيرها من السلع.
علماً بأن قيمة السلع التي تنتجها الصناعات الخليجية قابلة للارتفاع والانخفاض بحسب الطلب والعرض في الاقتصاد العالمي.
فمثلاً، مع بداية الحرب الروسية-الأوكرانية، شهدت أسعار الألمنيوم تقلبات كبيرة، حيث ارتفعت في البداية إلى مستويات قياسية بلغت حوالي 4,073 دولارا أمريكيا للطن المتري في مارس 2022م نتيجة لتعطل الإمدادات والعقوبات على الألمنيوم الروسي، كون روسيا مصدراً رئيسياً لها.
وتفاقم هذا الارتفاع بسبب تحديات إمدادات الطاقة، خاصة في أوروبا التي تعتمد بشكل كبير على الطاقة الروسية. ومع ذلك، انخفضت الأسعار لاحقًا واستقرت تحت مستوى 2,400 دولار للطن المتري بحلول أواخر عام 2022م مع تكيُّف الأسواق من خلال تنويع مصادر الإمداد والتعامل مع ضعف الطلب.
وفي الختام، على الرغم من توجهات ترامب الجمركية، فهذا لا يعني أن الإدارة الجديدة سوف تفرض ضرائب مرتفعة على جميع السلع الخليجية، حيث إن توقيع البحرين وعمان لاتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة يعفي أغلبية السلع من ضرائب ترامب المرتفعة، إلا في حالة بعض السلع كالألمنيوم والحديد اللتين وقعتا تحت المجهر الضريبي لإدارة ترامب الجديدة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك