الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
التجربة السنغافورية.. (المرور) مثلا
أفضل وأسمى مقولة يحفظها شعب سنغافورة وكل المسؤولين فيها، تلك المقولة التي قالها مؤسس دولتها الحديثة (لي كوان يو): «اصنعوا الإنسان قبل أي شيء، أمنوا المرافق والخدمات.. ثم اجعلوه يستخدمها بطريقة حضارية ونظيفة.. وأعيروا التفاصيل الحياتية اليومية كل الاهتمام».. هذا هو سر نجاح التجربة السنغافورية، بجانب الاهتمام بالتعليم والتعايش، والعمل والإنتاج.
عدد سكان سنغافورة يبلغ قرابة ستة ملايين نسمة.. وتأتي في المرتبة 114 بين دول العالم تبعا لعدد السكّان.. وتصل الكثافة السكّانية فيها إلى 8 آلاف نسمة في الكيلو متر مربع.. سنغافورة من حيث المساحة تبلغ 719 كيلو مترا مربعا، وهي بذلك أصغر من البحرين.
بسبب الازدحام المروري، اتخذت الحكومة السنغافورية عدة تدابير لتقليل عدد السيارات على الطريق، بما في ذلك رفع تكلفة ملكية السيارة، والحفاظ على الوصول إلى بدائل فعالة وبأسعار معقولة.. سنغافورة لديها نظام نقل عام واسع النطاق ومتميز.
في سنغافورة، يحتاج الشخص إلى تصريح لامتلاك سيارة، يُعرف باسم شهادة الاستحقاق، والتي غالبًا ما تكلف نفس تكلفة السيارة، إن لم يكن أكثر! كما تستخدم الحكومة السنغافورية نظام حصص المركبات، ومن خلاله تستطيع تنظيم عدد المركبات على الطريق بشكل صارم، لمنع زيادة التحميل على بنيتها التحتية وإدارة حركة المرور.
أذكر في عام 2015 قام وفد بحريني رسمي، بزيارة لسنغافورة، للاطلاع على التجربة السنغافورية في مجال السلامة المرورية، ولا ندري ماذا تم من نتائج تلك الزيارة والاستفادة من التجربة السنغافورية المرورية؟
وبالأمس طالعتنا الوسائل الإعلامية قيام وفد من وزارة الأشغال بزيارة لسنغافورة بهدف الاستفادة من تجربتها في تخطيط الطرق لتنظيم الحركة المرورية، وفي استخدام التقنيات الحديثة لتنظيم تدفق حركة المرور، وإدارة الاختناقات المرورية، وتخطيط شبكات الطرق، وتعزيز أنظمة النقل المتكاملة، واستراتيجية تخطيط الأراضي، وتنسيقها مع تخطيط الطرق والبنية التحتية، بجانب زيارة مركز أنظمة النقل الذكية، والاطلاع على التقنيات المستخدمة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في تنظيم تدفق حركة المرور، وتقليل الازدحام، خاصة خلال ساعات الذروة.
أقصى ما ننشده من زيارة وفد وزارة الأشغال إلى سنغافورة، وكذلك كل الوفود الرسمية في زياراتها الخارجية للاطلاع على التجارب الناجحة، أن يتم نقل تجربة النجاح وفق صياغة بحرينية محلية، تتناسب مع الثقافة الاجتماعية والظروف الاقتصادية، فهناك تجارب تم نقلها بالحرف دون تعديل، ولاقت الفشل والاستياء من الناس، وكلفت الدولة أضعافا مضاعفة.
في مقابلة صحفية مع مؤسس نهضة سنغافورة «لي كوان يو» قال: «نحن نعلم أننا لو سرنا على نهج الدول المجاورة سنموت.. نحن لا نملك شيئاً بالمقارنة مع ما يمتلكونه من موارد.. ولهذا ركزنا على إنتاج شيء مميز، وهو: مستوى التعليم، والقضاء تماماً على الفساد، والتركيز على الكفاءة، واختيار أصحاب المناصب بناءً على الاستحقاق والجدارة، ونجحنا».
عموما.. التجربة السنغافورية الناجحة تستحق الاستفادة، ونقلها بصيغة بحرينية، حتى نضمن استدامة نجاحها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك