العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

ما بعد الإنسانية!

{‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬النوع‭ ‬الإنساني‭ ‬ككل‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬خطر‭ ‬كبير‭ ‬اليوم‭ ‬وذلك‭ ‬لأول‭ ‬مرة،‭ ‬وكما‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬قط‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭! ‬كان‭ ‬الإنسان‭ ‬يعاني‭ ‬سابقا‭ ‬من‭ ‬كوارث‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬والكوارث‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وحروب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الدول‭ ‬المتسلطة،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬مما‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬إفناء‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة‭! ‬ولكن‭ ‬اليوم‭ ‬المعاناة‭ ‬أصبحت‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬المكابدات‭ ‬السابقة‭ ‬ومنها‭ ‬الحروب‭ ‬البيولوجية‭ ‬والكيماوية،‭ ‬وخطر‭ ‬جديد‭ ‬يحاصر‭ ‬النوع‭ ‬الإنساني،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬وتحدثنا‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬علمية‭ ‬وبحوث‭ ‬سرية‭ ‬تتلاعب‭ ‬بالجينات‭ ‬البشرية‭ ‬وتقوم‭ ‬بتهجينها‭ ‬ودمجها‭ ‬بجينات‭ ‬كائنات‭ ‬أخرى‭! ‬ومنها‭ ‬التلاعب‭ ‬بالغذاء‭ ‬الطبيعي‭ ‬للإنسان،‭ ‬وتهجين‭ ‬البذور‭ ‬الزراعية،‭ ‬وتغيير‭ ‬دفة‭ ‬الغذاء‭ ‬الطبيعي‭ ‬إلى‭ ‬الغذاء‭ ‬المصنوع‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬عبر‭ ‬أجهزة‭ ‬إلكترونية‭ ‬معدة‭ ‬علميا‭ ‬لإنتاج‭ (‬أغذية‭ ‬آلية‭ ‬بالبعد‭ ‬الثالث‭) ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إدخال‭ ‬معايير‭ ‬كيماوية‭ ‬وأنزيمات‭ ‬في‭ ‬الكومبيوتر‭ ‬المنظور‭ ‬لتحل‭ ‬تلك‭ ‬الأغذية‭ ‬المصنعة‭ ‬بديلا‭ ‬عن‭ ‬الغذاء‭ ‬الطبيعي‭ ‬للإنسان‭!‬

{‭ ‬التطور‭ ‬العلمي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يراعي‭ ‬المخاطر‭ ‬الناتجة‭ ‬من‭ ‬تجاربه‭ ‬على‭ ‬الوجود‭ ‬الإنساني‭ ‬والنوع‭ ‬الإنساني،‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ (‬علم‭ ‬شرير‭ ‬شيطاني‭ ‬أو‭ ‬متطرف‭) ‬لأن‭ ‬العلم‭ ‬أساسه‭ ‬خدمة‭ ‬البشرية‭ ‬لا‭ ‬إفناؤها‭ ‬وإفناء‭ ‬طبيعتها‭ ‬بالتدريج‭! ‬ولكن‭ ‬حين‭ ‬يصل‭ ‬العلم‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الطبيعة‭ ‬الإنسانية‭ ‬السوية‭ ‬كنوع‭! ‬وإلى‭ ‬طبيعته‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والأسرية‭ ‬والسيكولوجية‭ ‬وهويته‭ ‬البيولوجية‭ ‬بصناعة‭ ‬أنواع‭ ‬أخرى‭ ‬هجينة‭ ‬عبر‭ ‬وضع‭ ‬مشروع‭ ‬للأنواع‭ ‬المختلطة‭ ‬من‭ ‬الشواذ‭ ‬والمتحولين‭ ‬والسلوكيات‭ ‬الجنسية‭ ‬مع‭ ‬البهائم‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬تلك‭ ‬الصرعات‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬الطبيعة‭ ‬الإنسانية‭ ‬كما‭ ‬خلقها‭ ‬الله‭ ‬وجعل‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬الفطرة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬منه‭ ‬والقيم‭ ‬ما‭ ‬يحميها‭ ‬من‭ ‬الانحرافات‭ ‬الشاذة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وحينها‭ ‬يكون‭ ‬علما‭ ‬شريرا‭! ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬العلم‭ ‬الذي‭ ‬يصفه‭ ‬كثيرون‭ ‬اليوم‭ ‬بأنه‭ ‬علم‭ ‬شيطاني‭. ‬يستخدم‭ ‬الصفة‭ ‬العلمية‭ ‬لممارسة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشرور‭ ‬ضد‭ ‬النوع‭ ‬الإنساني‭ ‬الطبيعي‭!‬

{‭ ‬اليوم‭ ‬نحن‭ ‬بصدد‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الجينات‭ ‬الخارقة‭ ‬والتطاول‭ ‬على‭ ‬الخالق‭ ‬وعلى‭ ‬التوازن‭ ‬الدقيق‭ ‬الذي‭ ‬أوجده‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مخلوقاته‭ ‬وفي‭ ‬الطبيعة‭ ‬حوله‭! ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬وبحسب‭ ‬إعلانات‭ ‬العلم‭ ‬الحديث‭ ‬والطب‭ ‬الحديث،‭ ‬وباسم‭ ‬الجمال‭ ‬الخالد‭ ‬من‭ ‬بشرة‭ ‬لا‭ ‬تشيخ‭ ‬وأطفال‭ ‬بمعدل‭ ‬ذكاء‭ ‬مرتفع،‭ ‬والتلاعب‭ ‬بالحلم‭ ‬البشري‭ ‬في‭ ‬الخلود،‭ ‬ليتحول‭ ‬أبطال‭ ‬الخيال‭ ‬العلمي‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭! ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬الثمن؟‭! (‬الثمن‭ ‬هو‭ ‬تجريد‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬طبيعته‭ ‬البيولوجية‭ ‬والتلاعب‭ ‬بالـDNA‭  ‬والجينات‭ ‬أو‭ ‬الشيفرة‭ ‬الوراثية‭ ‬للتعديل‭ ‬عليها‭)‬،‭ ‬وصولا‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬الدمج‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الإنسان‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬لينتج‭ (‬نصف‭ ‬إنسان‭ ‬ونصف‭ ‬آلة‭)! ‬وهكذا‭ ‬تنشأ‭ ‬فئة‭ ‬جديدة‭ ‬هي‭ ‬فئة‭ (‬المعدلين‭ ‬وراثياً‭) ‬والمتفوقين‭ ‬على‭ ‬البشير‭ ‬الطبيعيين‭! ‬أما‭ ‬كيف‭ ‬سيتم‭ ‬استخدام‭ ‬هؤلاء‭ ‬فصناع‭ ‬الحروب‭ ‬وصناع‭ ‬مشاريع‭ ‬تقليص‭ ‬البشرية‭ ‬إلى‭ ‬المليار‭ ‬الذهبي،‭ ‬هم‭ ‬أنفسهم‭ ‬وراء‭ ‬العلم‭ ‬الحديث‭! ‬بإمكانهم‭ ‬استخدامهم‭ ‬في‭ ‬معارك‭ ‬عسكرية‭ ‬أو‭ ‬حروب‭ ‬تكنولوجية‭ ‬أو‭ ... ‬المهم‭ ‬هو‭ ‬تحكمهم‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬أصبح‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إنسان‭! ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬هذا‭ ‬ضرب‭ ‬من‭ ‬الخيال،‭ ‬ولكنه‭ ‬للأسف‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يتحقق‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭! ‬حتى‭ ‬أصبح‭ (‬العلم‭ ‬الشيطاني‭) ‬وراء‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬طبيعي‭ ‬وباسم‭ (‬التطوير‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭) ‬ليصبح‭ ‬قالبا‭ ‬آليا‭ ‬وليس‭ ‬إنسانياً‭! ‬حتى‭ ‬العقل‭ ‬الإنساني‭ (‬المبدع‭) ‬يتم‭ ‬اليوم‭ ‬وبالتدريج‭ ‬إجراء‭ ‬البحوث‭ ‬للقضاء‭ ‬عليه‭ ‬وتهميشه‭ ‬بصناعة‭ ‬الأجهزة‭ ‬الذكية‭ ‬الاصطناعية‭ ‬التي‭ ‬بإمكانها‭ ‬كتابة‭ ‬الروايات‭ ‬والقصص‭ ‬والشعر‭ ‬والمسرحيات،‭ ‬ورسم‭ ‬اللوحات‭ ‬التشكيلية،‭ ‬وصناعة‭ ‬الدراما‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والآلية‭!‬

{‭ ‬هي‭ ‬المختبرات‭ ‬العلمية‭ ‬وشركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬العملاقة‭ ‬التي‭ ‬ترسم‭ ‬بدأب‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬ورسم‭ ‬عالم‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الإنسانية‭! ‬لينتج‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬التجارب‭ ‬في‭ ‬المختبرات‭ ‬السرية،‭ ‬عالماً‭ ‬اصطناعياً‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الآلات‭ ‬وأنصاف‭ ‬البشر،‭ ‬وعالم‭ ‬‮«‬الميتا‮»‬‭ ‬الافتراضي،‭ ‬والشيفرات‭ ‬المزروعة‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬لتلقينه‭ ‬بالمعلومات‭ ‬والمعارف‭ ‬المتحكم‭ ‬فيها،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يعود‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إنساناً،‭ ‬ولا‭ ‬الطبيعة‭ ‬طبيعة،‭ ‬ولا‭ ‬الحياة‭ ‬حياة‭ ‬طبيعية‭!‬

وباسم‭ ‬التطور‭ ‬والقوة‭ ‬والارتقاء‭ ‬يتم‭ ‬التعدي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬خلقه‭ ‬الله‭! ‬إنه‭ ‬التعدي‭ ‬على‭ ‬طبيعة‭ ‬أسمى‭ ‬المخلوقات‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭ ‬وهو‭ ‬الإنسان‭! ‬إنها‭ ‬الثورة‭ ‬العلمية‭ ‬المرسومة‭ ‬بأصابع‭ ‬شيطانية‭ ‬لتغيير‭ ‬حياة‭ ‬البشرية‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬رجعة‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا