الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
هناك فرق مع تلك المنصات
حرية الرأي والتعبير المسؤولة، ممارسة ديمقراطية وتنشئة سياسية، مكفولة دستوريا في البلاد، وتحظى بالدعم والتشجيع والحماية من القانون والدولة معا.. لا يوجد لدينا سجين رأي لمجرد تعبير مسؤول، أو كتابة أو تعليق.. وإنما هي إجراءات تنظم الحرية وتحمي المجتمع، عندما يحصل التجاوز أو الإساءة.
ما يقال اليوم في المجالس، وما ينشر في الصحافة، وما يكتب على مواقع التواصل الاجتماعي، عن أمور تتعلق بالشؤون الحياتية والمعيشية المحلية، وما يمارس من نقد وملاحظات، وشكاوى ومقترحات، وحتى مناشدات وبيانات، جميعها ممارسات مسموح بها، طالما التزمت بالقواعد والقانون.
الغريب في الأمر اليوم، أن كل ما يقال وينشر ويكتب في الداخل، يتم إعادة نشره واستغلاله من جهات ومنصات معروفة في الخارج، بهدف التهييج والإثارة، وأن ثمة أمورا في البلاد هي محل خلاف عام، وبهدف التحريض ونشر الاستياء، وإثارة البلبلة في المجتمع، وتهديد السلم والأمن الاجتماعي.
تلك مسألة في غاية الأهمية، بقدر ما تكشف أن في الوطن سقف مرتفع من ممارسة حرية الرأي والتعبير المسؤولة لدى المواطنين، بقدر ما تكشف في ذات الوقت الفرق الكبير والبون الشاسع بين من يريد الخير للوطن وأهله، ومن يسعى للشر والفتنة والإضرار بالوطن وأهله.
خذ مثلا حينما تنشر الدولة تقرير ديوان الرقابة أو الحساب الختامي أو أي حادثة ما، أي إن المعلومات صدرت من الدولة وبشكل مسؤول وقانوني، من منطلق الشفافية والمكاشفة، والناس في الداخل تتحدث وتعلق وتكتب عنه، بل وتطالب بالإصلاح والمحاسبة، بل وتقوم الدولة نفسها بإجراءات قانونية حيال أي تجاوز وإصلاح وتصحيح الأمور، فيما تلك المنصات تسارع في إعادة النشر والتعليق السلبي، بهدف الترويج لبضاعتها الفاسدة ونواياها السيئة.
في كل مرة يتحدث فيها شخص مسؤول أو كاتب صحفي أو ناشط إلكتروني، ويمارس دوره ومسؤوليته في الدفاع عن الوطن ومصالح المواطنين والحديث عن آمالهم ومشاكلهم، وتطلعاتهم ورغباتهم، ترى تلك المنصات تتسارع لإعادة نشر ما قيل بالصوت والصورة، وتسرد له الحكايات والبرامج الفضائية، لتحشر نفسها وتمارس دور الفتنة والتحريض، وهي لا تعلم أن المواطن المخلص مهما قال وانتقد، فإنه لا ولن يقبل بأن يمس تراب الوطن بأي ضرر من تلك المنصات، ومن يقف خلفها ويمولها وغيرهم.
هذا هو الفرق الذي بيننا وبينهم.. فالمواطن المخلص يمارس دوره ومسؤوليته وهو في داخل وطنه، أما من ينعق في الخارج، ويسعى للاستقواء ضده، ورمى نفسه في أحضان من يريد الشر للبلاد والعباد، فهو منبوذ وواهم، وإن كل ما ينشره أو يعيد نشره، يجعل المواطن المخلص يتعلق أكثر بوطنه، وفي الدفاع عنه، والتضحية من أجله.
نعم لدينا ملاحظات على عديد من الممارسات، ونمارس النقد بكل حرية ومسؤولية، ونتشارك مع الدولة من أجل صالح الوطن والمواطن، وولاؤنا التام للبلاد وقيادتها.. أما ما تقوم به تلك المنصات، وما تعمل على استغلاله وإثارته، فهو كزبد البحر، لا يتأثر به المواطن المخلص، ولا يحيد عن حبه لوطنه وصدق الانتماء له.. وهذا هو الفرق مع تلك المنصات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك