العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

إيران على عتبة القنبلة النووية!

{‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬قلت‭ ‬إن‭ ‬الأسلوب‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الملف‭ ‬النووي‮»‬‭ ‬سيؤدي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬إيران‭ ‬النووية‭! ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ذلك‭ ‬تنبؤا‭ ‬أو‭ ‬قراءة‭ ‬في‭ ‬الفنجان،‭ ‬وإنما‭ ‬كان‭ ‬وفق‭ ‬المعطيات‭ ‬السياسية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬الغربية،‭ ‬التي‭ ‬صنعت‭ ‬بنفسها‭ ‬‮«‬التغوّل‭ ‬الإيراني‮»‬‭ ‬وتطرفه‭ ‬وإرهابه،‭ ‬من‭ ‬المجيئ‭ ‬بالخميني‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭! ‬وحيث‭ ‬ذات‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬الثيوقراطي‮»‬‭ ‬بقي‭ ‬قائماً،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬تواصلت‭ ‬ادعاءات‭ ‬التخوّف‭ ‬منه‭ ‬وتهديده‭ ‬لاستقرار‭ ‬وأمن‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭! ‬وربما‭ ‬حتى‭ ‬لحظة‭ ‬‮«‬الإعلان‭ ‬الرسمي‮»‬‭ ‬لامتلاك‭ ‬إيران‭ ‬‮«‬القنبلة‭ ‬النووية‮»‬‭ ‬وتخوفهم‭ ‬أي‭ ‬الغرب‭ ‬هو‭ ‬فقط‭ ‬التخوف‭ ‬من‭ ‬سعي‭ ‬السعودية‭ ‬إلى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬بدورها‭ ‬حسب‭ ‬تصريحات‭ ‬سابقة‭ ‬لولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‮»‬‭! ‬فهل‭ ‬نحن‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬خليج‭ ‬نووي؟‭! ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الابتزاز‭ ‬الغربي‭ ‬والصهيوني‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬وخاصة‭ ‬السعودية‭ ‬سيبقى‭ ‬مستمرا،‭ ‬لإقحامها‭ ‬والخليج‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬مع‭ ‬إيران؟‭! ‬وهل‭ ‬النأي‭ ‬الخليجي‭ ‬بالذات‭ ‬عن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬سيحوّل‭ ‬التهديد‭ ‬الإيراني‭ ‬معه‭ ‬بحيازة‭ ‬النووي،‭ ‬إلى‭ ‬بث‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬المنافسة‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬القادة‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني؟‭!‬

{‭ ‬إنهم‭ ‬وكما‭ ‬قلنا‭ ‬مراراً‭ ‬يريدون‭ ‬‮«‬التخادم‭ ‬الإيراني‮»‬‭ ‬مع‭ ‬الأجندة‭ ‬الغربية‭ ‬والصهيونية،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬إيران‭ ‬الخط‭ ‬الأحمر‭! ‬فما‭ ‬هو‭ ‬هذا‭ ‬الخط‭ ‬الأحمر؟‭! ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تستقل‭ ‬إيران‭ ‬بإرادتها‭ ‬وشرورها‭ ‬وإرهابها‭ ‬لتفرضها‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الغربي‭ ‬أيضاً،‭ ‬وتنافس‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬ابتزاز‭ ‬الخليج‭ ‬والمنطقة‭! ‬الغرب‭ ‬يريد‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬‮«‬التغوّل‭ ‬الإيراني‮»‬‭ ‬ليكون‭ ‬موجّها‭ ‬ضد‭ ‬العرب‭ ‬فقط،‭ ‬وليس‭ ‬ليتحول‭ ‬إلى‭ ‬منافس‭ ‬وند‭ ‬في‭ ‬الأجندة‭ ‬والمشروع‭ ‬الغربي،‭ ‬الذي‭ ‬تعرّض‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يتعرض‭ ‬إلى‭ ‬تعثرات،‭ ‬بسبب‭ ‬وعي‭ ‬قادة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الناجية‭ ‬من‭ ‬مخططات‭ ‬التقسيم‭ ‬وإسقاط‭ ‬الأنظمة،‭ ‬وعلى‭ ‬رأس‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬السعودية،‭ ‬بما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬ثقل‭ ‬خليجي‭ ‬وعربي‭ ‬وإقليمي‭ ‬ودولي‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المجالات‭! ‬ولولا‭ ‬الإخوان‭ ‬والتخادم‭ ‬الإيراني‭ ‬لسقط‭ ‬ذلك‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬مهده‭!‬

{‭ ‬إيران‭ ‬كعادتها‭ ‬تنفي‭ ‬نواياها‭ ‬‮«‬النووية‭ ‬العسكرية‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬مديرها‭ ‬العام‭ ‬إلى‭ ‬طهران‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية،‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ (‬اكتشاف‭ ‬جزئيات‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصّب‭ ‬بنسبة‭ ‬83,7‭ ‬في‭ ‬المائة‭)‬،‭ ‬أي‭ ‬أقل‭ ‬بقليل‭ ‬من‭ ‬90%‭ ‬عن‭ ‬الاتفاق‭ ‬المبرم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬للحدّ‭ ‬من‭ ‬أنشطتها‭ ‬النووية،‭ ‬تضع‭ ‬شرط‭ (‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬الدولية‭) ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬أصاب‭ ‬تلك‭ ‬العقوبات‭ ‬من‭ ‬تلاعبات‭ ‬غربية‭ ‬واحتيالات‭ ‬إيرانية‭! ‬و‮«‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‮»‬‭ ‬تعرف‭ ‬جيداً‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬تضاعف‭ ‬عدد‭ ‬أجهزة‭ ‬الطرد‭ ‬المركزي‭ ‬في‭ ‬مواقعها‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬كما‭ ‬تواصل‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬بمستويات‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬تلك‭ ‬المواقع‭ ‬فوق‭ ‬الأرض‭ ‬وتحتها‭!‬

ولذلك‭ ‬كان‭ ‬مستغرباً‭ ‬تصريح‭ ‬مدير‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية‭ (‬سي‭ ‬آي‭ ‬إيه‭) ‬وليام‭ ‬بيرنز،‭ ‬معرباً‭ ‬عن‭ ‬قلقه‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬المفاجئ‭ ‬للبرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭! ‬معتبراً‭ ‬أن‭ (‬الأمر‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بضعة‭ ‬أسابيع‭ ‬فقط‭ ‬لبلوغ‭ ‬نسبة‭ ‬الـ90%‭ ‬من‭ ‬التخصيب‭ ‬أي‭ ‬أمكانية‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية‭)! ‬يقول‭ ‬ذلك‭ ‬وكأن‭ ‬وكالة‭ ‬استخباراته‭ ‬قد‭ ‬فوجئت‭ ‬بالأمر‭! ‬أو‭ ‬كأن‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعرفه‭ ‬القاصي‭ ‬والداني‭ ‬عن‭ (‬النوايا‭ ‬الإيرانية‭ ‬النووية‭) ‬لم‭ ‬يخطر‭ ‬ببال‭ ‬الـ«سي‭.‬آي‭. ‬إيه‮»‬‭!‬

{‭ ‬حسب‭ ‬المؤشرات‭ ‬فإن‭ ‬الخليج‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬تحديدا،‭ ‬حيث‭ ‬المستفيد‭ ‬هما‭ ‬الطرفان‭ ‬الإيراني‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وهما‭ ‬معا‭ ‬يعانيان‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬داخلية‭ ‬تكون‭ ‬أية‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية‭ ‬خارجية‭ ‬بمثابة‭ ‬إنقاذ‭ ‬لهما‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬عرقلة‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬والخليج،‭ ‬حيث‭ ‬الطرفان‭ ‬يريدان‭ ‬ذلك‭ ‬ولكل‭ ‬منهما‭ ‬أسبابه‭ ‬الخاصة‭! ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬فإن‭ ‬حصول‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬‮«‬قنبلة‭ ‬نووية‮»‬‭ ‬سيفتح‭ ‬الباب‭ ‬حتما‭ ‬لسعودية‭ ‬نووية‭! ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬سيقلق‭ ‬الغرب‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بشكل‭ ‬حقيقي‭! ‬ويبدو‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬مناص‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬إعلان‭ ‬الغرب‭ ‬عن‭ ‬إيران‭ ‬النووية‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يريد‭ ‬دخول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬عسكرية‭ ‬جديدة،‭ ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬سيكون‭ ‬السباق‭ ‬النووي‭ ‬العسكري‭ ‬باباً‭ ‬مفتوحاً‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬مآلاته‭ ‬أحد‭! ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬سيبقى‭ ‬في‭ ‬حيّز‭ ‬‮«‬الردع‭ ‬السلبي‮»‬‭ ‬أو‭ ‬رهن‭ ‬الاستخدام‭ ‬المدمر؟‭! ‬ولولا‭ ‬التهاون‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ ‬وبما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالإرهاب‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وإعطائها‭ ‬الضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬للتغوّل‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الأمور‭ ‬ستصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭! ‬إنها‭ ‬ذات‭ ‬المشاريع‭ ‬والأجندات‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬الأدوات‭ ‬الشريرة،‭ ‬لتنفلت‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬كما‭ ‬صنع‭ ‬‮«‬فرانكشتاين‮»‬‭ ‬وحشه‭ ‬وخرج‭ ‬عن‭ ‬سيطرته‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا