باتت المزادات العقارية جزءا أساسيا من التداولات في الكثير من الأسواق العقارية. وهي وسيلة لبيع الأراضي أو العقارات بشكل يضمن النسبة الأعلى من الربح للبائع، بل تعتبر في كثير من الأحيان طريقة فعّالة لبيع الأملاك بسرعة وبشكل سهل.
يعود مصطلح «مزاد» الى الكلمة اللاتينية (auge?) التي تعني «أنا أزيد». ويرجع البعض تاريخ المزادات العقارية الى العصر الروماني، وتحديدا إلى عام 500 قبل الميلاد، حين اعتمدت الإمبراطورية الرومانية على المزادات العقارية لتصفية العقارات وخاصة تلك التي تعاني من مشاكل ترتبط بالديون او الملكية، واستخدم الرومان المزادات لحل مشكلة المدنيين الذين تتم مصادرة املاكهم. وخصصت مراكز محددة لمثل هذه المزادات عرفت باسم الصالات او صالات المزاد. وتشير بعض المصادر الى ان الرهبان الصينيين اعتمدوا على المزادات كذلك في تعمير المعابد البوذية من خلال عرض الإرث والممتلكات الخاصة بالرهبان المتوفين في مزادات خاصة والاستفادة من قيمتها.
أما في العصر الحديث فربما كانت إنجلترا قد طبقت هذا النمط قبل غيرها في القرن السابع عشر، وكانت الحانات والمقاهي هي المكان الأشهر لتنظيم مثل هذه المزادات، قبل ان يتم بناء وإنشاء صالات المزادات المتخصصة في القرن الثامن عشر. وبعدها انتشرت في أمريكا وبقية أوروبا وخاصة هولندا وألمانيا في القرن التاسع عشر.
وتدريجيا تطورت المزادات العقارية حتى باتت تمثل فنا وتخصصا مهما يتطلب متخصصين قادرين على ادارتها بحرفية عالية، لأن المزادات العقارية بشكل خاص تتعامل مع أراض وعقارات بالملايين. وباتت هذه المزادات تعتبر حلا مثاليا للكثير من المشكلات المتعلقة بالعقارات مثل مشكلة المساهمات العقارية التي كانت رائجة في العقود السابقة، حيث كانت تعتمد على الشراكة في شراء عقارات كبيرة وأراض خام شاسعة ثم محاولة بيعها سواء بعد تقسيمها او بيعها بالجملة، وكثيرا ما كانت تواجه مشكلات وتتطلب سنوات كثيرة للبيع تفقد خلالها الكثير من قيمتها. وهنا جاءت المزادات كحل مثالي لتصفيتها وفرصة لبيعها بشكل ربما أسرع من الأراضي الأصغر.
جبرا أو طوعا
قد يكون اللجوء إلى المزاد اختياريًا من مالك العقار، أو جبريًا بناء على حكم محكمة مكتسب الدرجة النهائية. ومثال ذلك، اذا عجز المالك عن تسديد دين معين لجهة او شخص اخر فإن من حق هذا الأخير اللجوء الى ما يسمى الحجز الاحتياطي قبل ثبيته ليصبح حجزًا تنفيذيًا على ملكية عقارات يملكها. وفي كثير من الأحيان تعاني عقارات من إشكاليات تتعلق بالملكية مثل ان يكون مملوكا من قبل عدة أشخاص، مع عدم إمكانية إزالة الشيوع بشكل توافقي. وحينها يتم اللجوء الى القضاء إما لتقسيم العقار وإما بيعه بالمزاد العلني. ويكون ذلك بعد صدور قرار نهائي من المحكمة المختصة ويتم تنفيذه من قبل إدارة متخصصة في التنفيذ.
وفي كثير من الأحيان يتم اللجوء الى المزاد العقاري بشكل طوعي مثل الرغبة في تقاسم الحصص.
ومن أشهر المزادات العقارية مؤخرا هو ما عرف بمزاد القرن الذي عرض فيه كازينو ديل أورورا في روما للمزاد بقيمة تقديرية تبلغ 471 مليون يورو. وجاء عرض العقار بناء على حكم قضائي بضرورة طرح العقار في مزاد علني لكل من يشتري الفيلا المحمية بموجب قوانين التراث الثقافي الإيطالي.
بين الإيجاب والسلب
في الوقت الذي يرى البعض ان شراء عقار من خلال المزاد يمثل فرصة جيدة وخيارا ناجعا، حيث تكون هناك فرص للحصول على أسعار جدية، ومنافسة اقل من الوسائل التقليدية، الا ان هناك من يعيب على هذا النوع من الشراء بعدم توافر معلومات كافية عن العقار ومميزاته وتاريخه، ما يعني ان عملية الشراء لا تخلو من بعض المخاطرة وخاصة اذا ما كانت بهدف الاستثمار، علما ان المزادات لا تسمح في الغالب بالقيام بعمليات الفحص والمعاينة الكافية. وهذا ما يعني ضرورة اجراء دراسة وافية واستعانة بمختصين وخبراء حتى لو كان الوقت ضيقا.
في مقال له حول المزادات العقارية بعنوان «عقاريات المزادات والتسويق العقاري»، يؤكد رجل الاعمال والاختصاصي سليمان الدليجان أن اللجوء الى المزايدة على كل العقارات المعروضة بالسوق لا يعني بالضرورة نجاح عملية البيع، ومن الأفضل بالمزايدة عرض العقارات الصغيرة أو الأراضي الفضاء. ويلفت الى انه قد برزت مشاكل عديدة عند عرض عقارات، مثل العمارات، لمخالفات في البناء، وتبدأ عندها المشاكل بعد المزايدة. لذلك لا يفضل عرض العقارات الكبيرة الضخمة، كالأبراج التجارية أو المجمعات السكنية، بسبب تفاصيل شروط البناء وتغيرها، بالإضافة الى تغيرات بالإيجارات وحالة المبنى، فهذه التفاصيل من الصعب توافرها بالمزايدات.
ويضيف الدليجان أن من سلبيات التوسع في إقامة المزايدات إلغاء دور الوسيط العقاري وإضعاف دوره.
المزادات الإلكترونية
مع التطورات التكنولوجية تحولت الكثير من المزادات العقارية الى مزادات إلكترونية من خلال منصات متخصصة تمثل منظومة متكاملة لإدارة المزادات بطرق آمنة وسهلة بنفس الوقت.
وفي البحرين، كان اول مزاد عقاري إلكتروني في يوليو 2020 عندما أعلنت شركة مزاد البدء بطرح عقارات للبيع في المزاد الإلكتروني ولأول مرة في المملكة البحرين على منصات شركة العربية للمزادات الإلكترونية ابتداءً من الخميس 16 يوليو 2020. وتضمن المزاد 23 عقارا من أنواع مختلفة.
كما نظم ثاني مزاد عقاري إلكتروني في نوفمبر 2021 الذي دشنته أيضا شركة مزاد ضمن اتفاقية شركة البحرين للاستثمار العقاري (إدامة).
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك