بقلم: عبد الرحمن هاشم
مركز تحقيق التراث العربي جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا
التوسل إذا أردنا أن نحرره كمصطلح فهو ليس من مسائل التصوف المعني بصلاح القلوب والتخلي عن المعاصي والتحلي بالقربات والطاعات. إذن، التوسل من مسائل الفقه أي المسائل التي يحكم فيها بالجواز أو عدم الجواز.
وهو بطبيعة الحال ليس من مسائل العقيدة، إلا أن يعتقد المتوسل أن المتوسل به بذاته ينفع ويضر من دون الله.
الذي يتصل بالاعتقاد إذن، هو اعتقاد أن الشيء المتوسل به - حيَّا أو مقبورا - ينفع ويضر بذاته من دون الله. إذا حدث هذا فيدخل في باب الشرك والعياذ بالله.
لكن التوسل على العموم من مسائل الفقه، وهو أقسام: التوسل بالله وبأسمائه وصفاته، والتوسل بالعمل الصالح، والتوسل بالذوات الصالحة حية كانت أو مقبورة. الجواز هو الحكم الفقهي فيه عند جمهور أهل السنة، ولم يشذ سوى شيخ الإسلام ابن تيمية ومن تبع مدرسته.
وثبت توسل بعض الصحابة برسول الله صلى الله عليه وسلم. وثبت أن عمر قد توسل بالعباس وعمر أفضل من العباس لكنه توسل بالعباس لأنه من آل رسول الله وهو في الحقيقة توسل برسول الله.
والتوسل بالصالحين أحياء وأمواتا جائز لا غبار عليه مع اعتقاد أن الميت لا ينفع ولا يضر وكذلك الحي لا ينفع ولا يضر من دون الله، فالاثنان لا ينتظر منهما النفع والضر بل كله بإذن الله.
الله عز وجل لا يحتاج إلى واسطة؟ هل يحتاج ربنا أن نتصدق؟ أن نصلي؟ لا يحتاج، لكن نحن نحتاج أن نتقرب إلى الله بالعبادات وأن نتوسل إليه بأصحاب الجاه عنده وبأحبابه أدبا وحياء من الله لعلمنا بتقصيرنا ومعصيتنا.
وحديث الشفاعة الصحيح البالغ حد التواتر فيه أن الخلائق يوم القيامة تستغيث برسل الله من آدم حتى عيسى عليهم السلام يستشفعون بهم وكل واحد فيهم يقول: اذهبوا لغيري.. فيذهبون إلى سيدنا محمد أول شافع وأول مشفع فيقبل ويقول أنا لها أنا لها.
ولذلك أجاز الإمام أحمد بن حنبل القسم برسول الله صلى الله عليه وسلم.
والمدقق يرى أن قرب الله ووجد الله توابا رحيما مرتبط بسؤال رسول الله وباستغفار رسول الله.
قال تعالى في سورة البقرة: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) ولفظ (إذا) شرط ولا يتحقق جواب الشرط من دون تحقق فعل الشرط (سألك) أي سؤال رسول الله الحاجة عند الله.
وقال تعالى في سورة النساء: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) فوجد الله توابا رحيما مرتبطا بالكاف في جاءوك وباستغفار رسول الله.
كما أنه لا ينبغي المبالغة والغلو في التوسل؛ ذلك أن النبي توسل والصحابة وأهل البيت لكن بنسبة محدودة أمام مناجاة الله ودعاء الله. الغلو غير مقبول بل حد الاعتدال هو المطلوب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك