بقلم: عاطف الصبيحي
ننظر في كتاب الله العزيز لنقتبس منه مظهرا من مظاهر تكريم المرأة، لا سيما المرأة حين تكون زوجة، نستعرض وصايا الله سبحانه وتعالى لنا، بحق هذه المرأة، كصنو للرجل في الحقوق والواجبات، إلا من اختلاف بسيط يستدعيه التكوين الخلقي لكل منهما، وهو اختلاف لا ينقص من أي منهما، ولا يبخس أيهما شيئاً، بل على النقيض من ذلك، بهذا التباين الخلقي بينهما تجلت أبهى صور الجمال والكمال والتكامل بين الاثنين، والنظرة القرآنية الحضارية تجاه المرأة هي مرجعيتنا الأساس والأصل الذي نؤوب إليه، ومن ثم ما ورد عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن.
والمرأة منذ فجر التاريخ الإنساني تناوبت عليها أفكار وأحوال ونظريات ومواقف، تأرجحت بينها المرأة بين الإفراط والتفريط، وكانت مجنيا عليها في كل حقب التاريخ، حتى حين ظنوا أنهم أكرموها، فأهانوها من لا يشعرون ومن حيث يشعرون، حتى جاء القول الفصل في كتاب الله الكريم، فأطّر شخصيتها وحقوقها وواجباتها في إطار ثابت، لا يجري عليه التغير ولا التحويل، أنصفها حق الإنصاف وآيات الكتاب الكريم تنطق بذلك إلى يوم الدين، وليس من السهل حصر صور التكريم الرباني للمرأة في مقال واحد، لكن نعمد إلى جانب واحد، لنلقي عليه بعضاً من الضوء، ولن نفيه حقه، لكنها إضاءة وحسب.
الإضاءة تتمحور حول نقطة محورية في حياة المرء رجلا كان أو امرأة، وخاصة في الأوقات الحاسمة المفصلية من حياة الرجل والمرأة كزوجين، ألا وهو البيت –السكن– فما زال البيت منسوباً إلى المرأة في كل الأحوال إلا في حالة يتيمة سنأتي عليها في حينها.
أكثر ما استوقفني قوله تعالى: (ولا تخرجوهن من بيوتهن» ونسبة البيت إلى المرأة في مرحلة حرجة من حياتها لا سيما حين يحتدم الخلاف بين الأزواج، وتكون المرأة على شفا جرف هاو من حياتها كزوجة، فأثبت لها البيت، وكان الأمر الإلهي واضحا بعدم إخراجها من بيتها، فعلى الرجل الخروج، حتى لو كان البيت من حر ماله بالكامل، وكان الخطاب موجها إلى النبي في الآية الأولى من سورة الطلاق (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يُحدث بعد ذلك أمراً).
الآية مبنية على كلمة «إذا» التي تدل على أن الفعل ما بعد «إذا» حتمي الحصول بين الناس، وبما إنه حتمي الحدوث، فلا بد من إطار أخلاقي يحكمه وينظمه، فكان النص بأمره الصارم للنبي ولمن تبعه من بعده بتقوى الله فيهن، لا سيما حين الخلاف الذي من المحتمل أن يؤدي إلى الانفصال.
ولكن الاستثناء موجود في الأمر الإلهي وهو أن تأتي الزوجة بفاحشة مبينة، وهذا نادر الحصول، وأندر منه إثباته، ولكن إن اجتمعت جميع أركان هذه الفاحشة، فهنا وهنا فقط تُخرج المرأة من بيتها، وهو لا شك فعل شائن لا طاقة للرجال على تحمله.
هذا جانب يسير من إنصاف المرأة في كتاب الله، وللأسف الشديد يتم تغييب هذه النصوص المطلقة الأخلاقية انتصاراً للذات والنفس في حال الخلاف بين الزوجين، وقلما من يلتزم بهذه التعاليم الربانية، وفي المقال القادم سنعرض الموضوع من زاوية أخرى.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك