تصوير- محمود بابا
خرز أو خرق اللؤلؤ، حرفة محلية تقليدية، غاب عن ممارستها خلال الوقت الراهن البحرينيون، واقتصرت على الأجانب. هي مهنة كانت تمارس بحرفية عالية، إذ تحتاج لتركيز وقدرة على ضبط قياسات الخرز، فأي عملية قياسية خاطئة قد تؤدي إلى الهدر والخسارة.
يقول إبراهيم مطر، تاجر اللؤلؤ الذي ورث المهنة جدا بعد جد، عن حرفة خرق اللؤلؤ العملية ليست سهلة، وتحتاج احترافية ودقة متناهية. لكن وقت إنجازها قصير للغاية. ويتم الخرق بالاعتماد على كلتا اليدين.
ويضيف العملية بحاجة لحرفي لديه تركيز عالي ونظره ثاقب خصوصا وأن أحجام اللؤلؤ الصغيرة والكبيرة، والمدورة تكون أسعارها مرتفعة، فأي خطأ يعرضها للشرخ أو الكسر، دون تعويض لصاحبها التاجر. كما يشترط في الحرفي أن يكون مخلص وأمين وحريص على ممتلكات الآخرين وفي سن الشباب.
وخوفا على ممتلكاته، يحرص تاجر اللؤلؤ باختيار الخارق المناسب، فقد يمنح اللآلىء ذات الأحجام الصغيرة للخارق الشاب الأقل سنا، والأحجام الوسطى لخارق آخر، والأحجام الكبيرة لخارق محترف ومتمكن للغاية، وفقا للتاجر مطر.
ويشير مطر إلى أن المهنة كانت منتشرة في أوساط فريق المخارقة بالمنامة، حيث يقوم تجار اللؤلؤ في البحرين بخرق الكميات المحتاجة، مبينا الباحث المتخصص في مجال الحرف اليدوية ، يوسف النشابة أن "العديد من سكان فريق المخارقة كان يمارس هذه الصنعة".
ويضيف كانت البحرين مقر رئيسي لخرق اللؤلؤ في منطقة الخليج العربي، بما فيها الكويت والسعودية، حيث يتميز حرفييها بالتركيز العالي. ويؤكد الباحث يوسف النشابة أن معظم الحرفيين يصابون بالعمى مع مرور الوقت بسبب تأثير التركيز.
عملية الخرز
يستخدم الحرفي قطعتان خشبيتان مخصصتان لهذه المهنة، واحدة أكبر حجما مستخلصة من جدع شجرة وتجلب من الهند، ويتم خرقها هي الأخرى بخروق صغيرة للغاية تتناسب مع أحجام اللؤلؤ المختلفة، وقطعة أخرى طولية، تم قطعها من الوسط للنصفين، في خط طولي ينقطع بنهاية القطعة، وتربط القطعتين المقطوعتين بحبال رقيقة، وعند الخرق تفتح القطعة الخشبية بما يتناسب مع حجم اللؤلؤة، فكل مسافاتها تتناسب مع الأحجام كافة.
كما يتم تثبيت اللؤلؤة بناءً على شكلها، فالمسطحة يتم تثبيتها على القطعة الأكبر حجما بواسطة الضرب الخفيف على طرفها، ويتم تثبيتها بالتحديد في أحد خروق القطعة.
ويشير مطر إلى أن خرق اللؤلؤ المدور مثل الدانة على سبيل المثال، يحتاج لدقة أكثر، حيث أن حجم الخرز لابد أن يكون صغيرا، لئلا تفقد جزء من وزنها، وبخط عمودي بنسبة 100%، حتى تصطف مع باقي اللآلىء في العقد المتراص. أما اللؤلؤة الملساء، فيتم بردها قبل الخرز من أجل تثبيتها خلال العملية.
يستخدم الحرفي أيضا قطعتين خشبيتان إضافيتين، واحدة تتشابه في طولها مع القلم، ومزودة في أسفلها بمسمار معدني بسمك دقيق للغاية تقارب نهايتها في سمكها لسمك الإبرة، تسمى المجداح، وتأخذ الإبرة الحادة الشكل المسطح وليس المدبب.
يثبت المجداح أعلى اللؤلؤة، وبقطعة أخرى تشبه الرمح في شكلها، وبها خيط قطني طويل يلف حول القطعة المشابهة للقلم، وهو أيضا - المجداح- يديره أثناء عملية الخرز. ويؤكد إبراهيم مطر تتم عملية الخرز من خلال إدارة المجداح فوق سطح اللؤلؤة بواسطة الخيط القطني.
كما يضيف الحرفي أثناء عملية الخرز الماء للتبريد على اللؤلؤة، إذ تتعرض للحرارة العالية وقتها،وهو ما قد يعرضها للشرخ. يكرر عملية استخدام الماء طوال عملية الخرق، وكلما اقتضت الحاجة.
كما يبرد الحرفي مسمار المجداح بواسطة قطعة حجر ملساء كلما استدعت الحاجة من أجل خرز أقل سمكا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك