العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

سمو الأمـير الـراحـل الـشيـخ عـيسـى بن سلمان في ذاكــرة أهـل البحرين

بقلم: محيي الدين بهلول

السبت ١٨ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

منذ‭ ‬أيامٍ‭ ‬مرت‭ ‬علينا‭ ‬الذكرى‭ ‬الرابعةُ‭ ‬والعشرين‭ ‬لرحيل‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬طيَّب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬السادسُ‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬1999‭ ‬يومًا‭ ‬حزينًا‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة‭ ‬فقد‭ ‬غابت‭ ‬عنا‭ ‬تلك‭ ‬الروحُ‭ ‬الطاهرة،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تمثل‭ ‬رمزًا‭ ‬للبحرين‭ ‬ومسيرتها‭ ‬الحضارية‭ ‬التنموية،‭ ‬كان‭ ‬الأميرُ‭ ‬الراحلُ‭ ‬راعيًا‭ ‬لكل‭ ‬صغيرة‭ ‬وكبيرة‭ ‬حنونًا‭ ‬محبا‭ ‬وعاشقًا‭ ‬لأبناء‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬صغارهم‭ ‬وكبارهم‭.‬

حقًا‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬يومًا‭ ‬صعبًا‭ ‬هزَّ‭ ‬كلَّ‭ ‬ركنٍ‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬شمالها‭ ‬وجنوبها‭ ‬شرقها‭ ‬وغربها‭ ‬إذ‭ ‬اختلجت‭ ‬في‭ ‬نفوسنا‭ ‬كلُّ‭ ‬مشاعر‭ ‬الحزن‭ ‬لفقداننا‭ ‬أبي‭ ‬حمد،‭ ‬واليوم‭ ‬والبحرين‭ ‬مازالت‭ ‬وستبقى‭ ‬تتذكرُ‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬بكل‭ ‬معاني‭ ‬الحب‭ ‬والوفاء‭ ‬لهذا‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬خسرته‭ ‬البحرين،‭ ‬كان‭ ‬بمثابة‭ ‬علامة‭ ‬مضيئة‭ ‬ورمزًا‭ ‬ساطعا‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬الكبير‭.‬

وإذا‭ ‬كنا‭ ‬اليوم‭ ‬نسطِّرُ‭ ‬كلمات‭ ‬في‭ ‬ذكراه،‭ ‬فإننا‭ ‬ندعو‭ ‬المولى‭ ‬جلت‭ ‬قدرته‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬البحرين‭ ‬تنعم‭ ‬بالازدهار‭ ‬بفضل‭ ‬القيادة‭ ‬الحكيمة‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬وتلاحم‭ ‬أبنائها‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬للمغفور‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬مآثرُ‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والعمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والصحية‭ ‬والتعليمية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬شملت‭  ‬منجزات‭ ‬بارزة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة،‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬يحدوه‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬ينعم‭ ‬كل‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬بالعيش‭ ‬الرغيد‭ ‬وكان‭ ‬مجلسه‭ ‬يستقبل‭ ‬الكبير‭ ‬والصغير،‭ ‬وظل‭ ‬هكذا‭ ‬حتى‭ ‬رحيله‭ ‬إلى‭ ‬الباري‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬كانت‭ ‬قيادته‭ ‬حكيمةً،‭ ‬واهتمامه‭ ‬بشؤون‭ ‬الوطن‭ ‬ممتدا‭ ‬لكل‭ ‬فرد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬سماته‭ ‬أنه‭ ‬يطمح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬التطور‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الإعلام‭ ‬والصحافة‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬يرى‭ ‬فيهما‭ ‬عنوانا‭ ‬للتقدم‭ ‬والازدهار‭ ‬وقد‭ ‬اهتم‭  ‬كثيرا‭ ‬بالشباب‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭  ‬يرى‭ ‬أنهم‭ ‬ركيزة‭ ‬الوطن‭ ‬في‭ ‬حاضره‭ ‬ومستقبله‭.‬

ومن‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬أولاها‭ ‬جل‭ ‬اهتمامه‭ ‬تيسير‭ ‬أمور‭ ‬الزواج‭ ‬والعناية‭ ‬بالأسرة‭ ‬البحرينية،‭ ‬فكان‭ ‬بحكمته‭ ‬يضع‭ ‬الحلول‭ ‬لها‭ ‬بنفسه‭ ‬وبطيب‭ ‬خاطر‭.  ‬لقد‭ ‬اجتمع‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬محبته،‭ ‬كان‭ ‬ابنا‭ ‬بارا‭ ‬لوطنه‭ ‬البحرين،‭ ‬مخلصا‭ ‬متواضعا،‭ ‬وقد‭ ‬منح‭ ‬شعبه‭ ‬تميزا‭ ‬ونوعية‭ ‬نادرة‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬في‭ ‬سعة‭ ‬الصدر‭ ‬والتسامح‭ ‬والكرم‭ ‬والعطاء،‭ ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬حزن‭ ‬كبير‭ ‬لفراقه،‭ ‬وسيبقى‭ ‬هذا‭ ‬الفراق‭ ‬الجلل‭ ‬ذكرى‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬أبناء‭ ‬هذا‭ ‬الوطن،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬نقوله‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬القائد‭ ‬هو‭ ‬قليلٌ‭ ‬من‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الصفات‭ ‬السامية،‭ ‬فقد‭ ‬جعل‭ ‬البحرين‭ ‬الصغيرة‭ ‬في‭ ‬مساحتها‭ ‬كبيرة‭ ‬بشعبها‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬كل‭ ‬الشعوب‭.‬

ولقد‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬طيَّب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬الزمن‭ ‬عنده‭ ‬له‭ ‬قيمة‭ ‬وقد‭ ‬استمد‭ ‬مبادئه‭ ‬من‭ ‬إيمانه‭ ‬بالله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬منهاجا‭ ‬وقوة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬تدخلات‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬استقلالها،‭ ‬وكانت‭ ‬له‭ ‬رؤية‭ ‬ثابتة‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭  ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬هو‭ ‬عماد‭ ‬تقدمها،‭ ‬وقد‭ ‬رفع‭ ‬شأن‭ ‬هذه‭ ‬البلاد‭ ‬وأبرز‭ ‬دورها‭ ‬السياسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والتاريخي‭ ‬خلال‭  ‬سنوات‭  ‬حكمه،‭ ‬كما‭ ‬لعب‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬أدوارا‭ ‬مشهودة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬مسيرة‭ ‬التضامن‭ ‬العربي‭ ‬وإذابة‭ ‬كل‭ ‬الخلافات‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الخليجي‭ ‬أو‭ ‬الإقليمي‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭ ‬وجعل‭ ‬البحرين‭ ‬لها‭ ‬مكانة‭ ‬لدى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وشخصية‭ ‬الأمير‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬سرد‭ ‬طويل‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬جوانبها‭ ‬المختلفة‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬إسهامات‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬ميادين‭ ‬العطاء‭ ‬والمساهمة‭  ‬في‭ ‬نهضة‭ ‬الوطن،‭ ‬وفي‭ ‬عهده‭ ‬تواصلت‭ ‬الانطلاقة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والتنموية‭ ‬فشملت‭ ‬مختلف‭ ‬نواحي‭ ‬الحياة،‭ ‬فأنشئت‭ ‬الطرق‭ ‬ومحطات‭ ‬تحلية‭ ‬المياه،‭ ‬وتطور‭ ‬التليفزيون‭ ‬كما‭ ‬تم‭  ‬إنشاء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعاهد‭ ‬التعليمية‭ ‬والجامعية،‭ ‬واستكملت‭ ‬دولة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬تنفيذ‭ ‬مشاريع‭ ‬البنية‭ ‬التي‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬النهضة‭ ‬العمرانية‭ ‬للمدن‭ ‬والقرى‭ ‬وتطوير‭ ‬الموانئ‭ ‬والمطار‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬المدارس‭ ‬بالشكل‭ ‬النموذجي‭ ‬كما‭ ‬اكتسب‭ ‬سموه‭ ‬خبرات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المسؤوليات‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬تولاها‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الحكم‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬أهلا‭ ‬لها،‭ ‬وكان‭ ‬للسياسة‭ ‬الحكيمة‭ ‬التي‭ ‬أنتجها‭ ‬سموه،‭ ‬فضل‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬الاسلامية‭ ‬وتطبيق‭ ‬شريعة‭ ‬الله‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬ترسيخها،‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬الدين‭ ‬والوطن‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬قيم‭ ‬الانتماء‭ ‬والولاء‭ ‬للوطن‭.‬

كما‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬إنجازات‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬دور‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬وغرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين‭ ‬باعتبار‭ ‬هاتين‭ ‬الجهتين‭ ‬لهما‭ ‬علاقة‭ ‬مباشرة‭ ‬بمسيرة‭ ‬تنمية‭ ‬الوطن‭ ‬وتقدمه،‭ ‬هكذا‭ ‬كانت‭ ‬مسيرته‭ ‬تتسم‭ ‬بالحكمة‭ ‬والاعتدال‭ ‬والتخطيط‭ ‬والنظرة‭ ‬البعيدة‭ ‬للمستقبل‭.. ‬رحم‭ ‬الله‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬الذي‭ ‬ستظل‭ ‬ذكراه‭ ‬راسخة‭ ‬وباقية‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬أبناء‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬المخلصين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا