العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

ماذا فعلنا في يوم مكافحة «الإسلاموفوبيا»؟!

قبل‭ ‬أيام،‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬مارس‭ ‬الحالي،‭ ‬احتفى‭ ‬العالم‭ ‬باليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لمكافحة‭ ‬‮«‬الإسلاموفوبيا‮»‬‭ ‬أي‭ ‬الكراهية‭ ‬والعداء‭ ‬للإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬وذلك‭ ‬تنفيذا‭ ‬لقرار‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

الاحتفاء‭ ‬تجسد‭ ‬أساسا‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬أصدره‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبعض‭ ‬مقالات‭ ‬وتحليلات‭ ‬عن‭ ‬الظاهرة،‭ ‬وبعض‭ ‬التصريحات‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬وإسلامية‭.‬

بداية،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ننبه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ظاهرة‭ ‬الكراهية‭ ‬والعداء‭ ‬للإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬بلغت‭ ‬حدا‭ ‬خطيرا‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬وبالأخص‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا‭.‬

هذا‭ ‬ما‭ ‬تؤكده‭ ‬التقارير‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وعن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬نفسها‭. ‬

‮«‬الإسلاموفوبيا‮»‬‭ ‬بحسب‭ ‬تعريف‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬هي‭ ‬الكراهية‭ ‬والتحيز‭ ‬ضد‭ ‬المسلمين‭ ‬والإسلام،‭ ‬والتمييز‭ ‬والعدائية‭ ‬تجاه‭ ‬المسلمين‭ ‬بسبب‭ ‬دينهم‭ ‬وثقافتهم‭.‬

وتقوم‭ ‬‮«‬الإسلاموفوبيا‮»‬‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬المغلوطة‭ ‬والمعلومات‭ ‬الخاطئة‭ ‬التي‭ ‬تتعمد‭ ‬تشويه‭ ‬صورة‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬مثل‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬المسلمين‭ ‬جميعًا‭ ‬هم‭ ‬‮«‬إرهابيون‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬يحث‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬والكراهية‭ ‬ضد‭ ‬غير‭ ‬المسلمين‭.‬

تقرير‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الشك‭ ‬والتمييز‭ ‬والكراهية‭ ‬الصريحة‭ ‬تجاه‭ ‬المسلمين‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬أبعاد‭ ‬وبائية‮»‬‭. ‬أي‭ ‬أصبحت‭ ‬وباء‭ ‬بالغ‭ ‬الخطورة‭.‬

وذكر‭ ‬التقرير‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يمثل‭ ‬فيها‭ ‬المسلمون‭ ‬أقلية،‭ ‬فإنهم‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يتعرضون‭ ‬للتمييز‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات،‭ ‬وفي‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬وفي‭ ‬التعليم،‭ ‬كما‭ ‬أنهم‭ ‬يحرمون‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬الجنسية،‭ ‬بسبب‭ ‬تصورات‭ ‬تفيد‭ ‬بأن‭ ‬المسلمين‭ ‬يمثلون‭ ‬تهديدات‭ ‬للأمن‮»‬‭.‬

ونعرف‭ ‬بالطبع‭ ‬الوقائع‭ ‬التي‭ ‬تجسد‭ ‬هذا‭ ‬العداء‭ ‬للإسلام‭ ‬مثل‭ ‬حرق‭ ‬نسخ‭ ‬من‭ ‬المصحف‭ ‬الشريف‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عاصمة‭ ‬أوروبية،‭ ‬والإساءة‭ ‬للرسول‭ ‬الكريم،‭ ‬والاعتداءات‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭.. ‬الخ‭.‬

الوكالة‭ ‬الأوروبية‭ ‬للحقوق‭ ‬الأساسية‭ ‬أجرت‭ ‬استطلاعا‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬أثبت‭ ‬أن‭ ‬حوالي‭ ‬31‭%‬‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬تعرضوا‭ ‬للإقصاء‭ ‬غداة‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬عمل،‭ ‬وأن‭ ‬42‭%‬‭ ‬منهم‭ ‬تم‭ ‬إيقافهم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الشرطة‭ ‬لأسباب‭ ‬تخص‭ ‬خلفياتهم‭ ‬الدينية‭ ‬والثقافية‭. ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬تفاقم‭ ‬بشدة‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭.‬

المهم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الخطير‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬العداء‭ ‬للإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬سوف‭ ‬يتفاقم‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة‭ ‬لأسباب‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬الصعود‭ ‬المخيف‭ ‬لقوى‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭. ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬تعتبر‭ ‬أن‭ ‬العداء‭ ‬للإسلام‭ ‬أداة‭ ‬سياسية‭ ‬لتدعيم‭ ‬مواقعها‭ ‬وزيادة‭ ‬شعبيتها‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭. ‬لهذ‭ ‬تؤجج‭ ‬هذا‭ ‬العداء‭ ‬وتعتبر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬كفيل‭ ‬بكسب‭ ‬أصوات‭ ‬الناخبين‭.‬

معنى‭ ‬هذا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة‭ ‬سيواجه‭ ‬المسلمون‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وأمريكا‭ ‬بالذات‭ ‬أوضاعا‭ ‬صعبة‭ ‬وسوف‭ ‬تزداد‭ ‬بشكل‭ ‬خطير‭ ‬حملات‭ ‬الكراهية‭ ‬والعداء‭ ‬للإسلام‭ ‬والمسلمين‭.‬

على‭ ‬ضوء‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬لم‭ ‬تستغل‭ ‬الاحتفاء‭ ‬العالمي‭ ‬بيوم‭ ‬مكافحة‭ ‬الإسلاموفوبيا‭ ‬كي‭ ‬تنبه‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬خطورة‭ ‬الظاهرة‭ ‬وكي‭ ‬تطرح‭ ‬أفكارا‭ ‬وإجراءات‭ ‬وسياسات‭ ‬تطالب‭ ‬بها‭ ‬لمواجهتها‭.‬

كنا‭ ‬نتوقع‭ ‬مثلا‭ ‬أن‭ ‬تطرح‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬بشكل‭ ‬رسمي‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المطالب‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬لمواجهة‭ ‬الظاهرة‭ ‬وأن‭ ‬تحدد‭ ‬رد‭ ‬فعلها‭ ‬ومواقفها‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬استمرار‭ ‬هذه‭ ‬الكراهية‭ ‬وهذا‭ ‬العداء‭.‬

للأسف‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬بضع‭ ‬بيانات‭ ‬إنشائية‭.‬

لقد‭ ‬طالبت‭ ‬مرارا‭ ‬بأن‭ ‬تضع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬قضية‭ ‬العداء‭ ‬للإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬وحماية‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬أجندة‭ ‬العلاقات‭ ‬الرسمية‭ ‬وأن‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬لها‭ ‬أحد‭ ‬الشروط‭ ‬الأساسية‭ ‬لتطور‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭.‬

طالما‭ ‬استمر‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬وهذا‭ ‬التراخي‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬لن‭ ‬ينحسر‭ ‬العداء‭ ‬للإسلام‭ ‬والمسلمين،‭ ‬وسيكون‭ ‬هذا‭ ‬التراخي‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬أحد‭ ‬أسباب‭ ‬تفاقم‭ ‬هذا‭ ‬العداء‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا