يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
.. وماذا عن جريمتكم التاريخية؟
في الفترة القليلة الماضية قرأت عددا كبيرا من المقالات والتحليلات والتقارير التي نشرتها الصحف والمجلات الغربية، وتحديدا في أمريكا وأوروبا حول غزو واحتلال العراق بمناسبة مرور عشرين عاما على الجريمة.
كلما قرأت موضوعا من هذه الموضوعات استغرب جدا وأضرب كفا بكف وأتساءل: هل تظنون أننا نسينا؟.. ماذا عن جريمتكم التاريخية الكبرى؟
الحادث أن كل ما قرأته في الصحف والمجلات الغربية حول الغزو والاحتلال يجمع على عدة أمور محددة في مقدمتها ما يلي:
1 - ان غزو واحتلال العراق تم بناء على سلسلة من الأكاذيب والمعلومات المضللة التي روجت لها عن عمد أمريكا وبريطانيا. في مقدمة هذه الأكاذيب بالطبع أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، وأن العراق كانت له علاقات وروابط مع تنظيم القاعدة، وكان له دور في هجمات 11 سبتمبر.
2 - مواقع وصحف أمريكية نشرت شهادات لمسؤولين سابقين في المخابرات ومسؤولين آخرين يحاولون كلهم التنصل من مسؤولية الأكاذيب التي على أساسها تم تبرير الغزو والاحتلال، وتأكيدهم انهم لم يكونوا مصدر هذه المعلومات الكاذبة ولم يؤكدوها أبدا وأن بوش وأركان الإدارة الأمريكية كانوا يعلمون ذلك، أي يعلمون انهم يكذبون.
3 - ان أمريكا والدول الغربية عموما لم تتعلم أي درس من غزو واحتلال العراق وما انتهى إليه من جرائم في العراق والمنطقة، بدليل أنه لم يحدث أي تغيير في السياسات والممارسات الغربية في العالم.
هذه الجوانب الثلاثة هي ما تؤكده الأغلبية الساحقة من أجهزة الاعلام الغربية اليوم.
الذي يقرأ هذا الكلام يتصور أن الإعلام الغربي نزيه محايد شريف يقدم الحقيقة وليست له أي علاقة بالجريمة التي صنعها ونفذها الساسة.
العالم كله يعلم أن هذا ابعد ما يكون عن الحقيقة.
الحقيقة أن الإعلام الغربي كان شريكا كاملا في جريمة غزو واحتلال العراق، وجريمته لا تقل أبدا عن جريمة الساسة وقادة الغزو، بل قد تكون أكبر منها بحكم المسئولية المهنية والأخلاقية المفترضة للإعلام.
هناك اليوم عشرات الدراسات التي وثقت الدور الإجرامي الذي لعبه الإعلام الغربي في غزو واحتلال العراق، وكيف أنه كان بالحقائق والوقائع والأرقام شريكا كاملا في الغزو.
لسنا بحاجة إلى أن نعيد ما تضمنته هذ الدراسات. لكن الكل يعلم أن الإعلام الغربي لعب أدوارا إجرامية بكل معنى الكلمة.
الإعلام هو الذي روج لهذه الأكاذيب والمعلومات المضللة التي على أساسها تم شن الغزو على أوسع نطاق عالمي، وقدمها للرأي العام على اعتبار أنها حقائق مؤكدة.
القضية المهمة هنا أن أجهزة الاعلام الغربية لم تكن مخدوعة، بل كانت تعلم أن ما تروج له كذب وتضليل، وكثير من أجهزة الإعلام الكبرى كما ثبت بعد ذلك كانت تعمل وتنشر ما تنشره في إطار تعاون وثيق مع الأجهزة الرسمية وفق الأجندة السياسية الموضوعة.
والإعلام الغربي هو الذي روج على نطاق عالمي واسع لأكبر اكذوبة ارتبطت بالغزو وهي أنه يمثل عملا بطوليا هدفه تحرير العراق من الدكتاتورية وإقامة نظام ديمقراطي سيكون نموذجا يحتذى به في المنطقة كلها.
بالطبع أصبحت هذه الأكذوبة في حد ذاتها واحدة من أكبر الجرائم في التاريخ بعد ما حل بالعراق من دمار شامل وما حل بالمنطقة من كوارث بسبب الغزو والاحتلال.
وحتى بعد أن اتضحت الأبعاد الكاملة لجريمة الغزو والاحتلال تستر الإعلام الغربي على مجرمي الحرب من أمثال بوش وبلير وغيرهم من قادة الغزو العسكريين والسياسيين وصمت عن جرائمهم.
نريد أن نقول إن ما يفعله الإعلام الغربي اليوم بكشفه أبعاد جريمة الغزو لا يبرئ ساحته، ولا يغسل أياديه من دماء ضحايا الغزو في العراق والوطن العربي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك