العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

نعم.. لن نغفر ما فعله الإرهاب الأمريكي بنا

من‭ ‬بين‭ ‬المقالات‭ ‬والتقارير‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬نشرتها‭ ‬الصحف‭ ‬الغربية‭ ‬عن‭ ‬العراق‭ ‬بمناسبة‭ ‬مرور‭ ‬20‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬الغزو‭ ‬والاحتلال،‭ ‬توقفت‭ ‬مطوّلا‭ ‬أمام‭ ‬مقال‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬‭ ‬البريطانية‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬للأكاديمي‭ ‬والروائي‭ ‬العراقي‭ ‬سنان‭ ‬أنطون‭.‬

ولو‭ ‬أن‭ ‬المقال‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬بجديد‭ ‬لا‭ ‬نعرفه‭ ‬عن‭ ‬الغزو‭ ‬والاحتلال‭ ‬وما‭ ‬خلّفه‭ ‬من‭ ‬كوارث،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يلخص‭ ‬بشكل‭ ‬بليغ‭ ‬ومحدّد‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬أمريكا‭ ‬وما‭ ‬فعله‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالعراق‭ ‬وشعبه‭. ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نقدّم‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬به‭.‬

الكاتب‭ ‬يشير‭ ‬بداية‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬قبل‭ ‬الغزو‭ ‬مباشرة‭ ‬اندلعت‭ ‬احتجاجات‭ ‬مناهضة‭ ‬للحرب‭ ‬في‭ ‬600‭ ‬مدينة‭ ‬حول‭ ‬العالم‭. ‬كانت‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬تتحدى‭ ‬الرواية‭ ‬الزائفة‭ ‬عن‭ ‬امتلاك‭ ‬العراق‭ ‬أسلحة‭ ‬دمار‭ ‬شامل‭. ‬وبعد‭ ‬700‭ ‬عملية‭ ‬تفتيش،‭ ‬لم‭ ‬يعثر‭ ‬هانز‭ ‬بليكس‭ ‬رئيس‭ ‬مفتشي‭ ‬الأسلحة‭ ‬التابعين‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وفريقه‭ ‬على‭ ‬أسلحة‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬شنوا‭ ‬الغزو‭ ‬والاحتلال‭.‬

يقول‭: ‬إننا‭ ‬عرفنا‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬قرر‭ ‬بالفعل‭ ‬ضرب‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الذي‭ ‬تلا‭ ‬هجمات‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬مباشرة‭.‬

ثم‭ ‬يعدد‭ ‬الكاتب‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬العراق‭.‬

يقول‭: ‬إن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬جلبتهم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬هم‭ ‬لصوص‭ ‬ومحتالون‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬الأرقام‭ ‬الفلكية‭ ‬للأموال‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬سرقتها‭ ‬والفساد‭ ‬الهائل‭ ‬للنظام‭ ‬العراقي‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬2003‭.‬

‭ ‬ويقول‭: ‬إن‭ ‬أمريكا‭ ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الديمقراطية‮»‬‭ ‬و«بناء‭ ‬الدولة‮»‬،‭ ‬وتم‭ ‬تبرير‭ ‬الآثار‭ ‬المميتة‭ ‬للحرب‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬آلام‭ ‬المخاض‭ ‬الضرورية‭ ‬لـ«عراق‭ ‬جديد‮»‬،‭ ‬سيكون‭ ‬دولة‭ ‬نموذجًا‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقدمه‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬العالمي‭ ‬والأسواق‭ ‬الحرة،‭ ‬لكن‭ ‬الوعود‭ ‬وخطط‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬أصبحت‭ ‬ثقوبًا‭ ‬سوداء‭ ‬لمليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬وغذت‭ ‬ثقافة‭ ‬الفساد،‭ ‬واستفاد‭ ‬دعاة‭ ‬الحرب‭ ‬الأمريكيون‭ ‬أنفسهم‭ ‬من‭ ‬الحرب‭.‬

ويضيف‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬أدى‭ ‬الغزو‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬عراق‭ ‬جديد‭ ‬فعلا‭. ‬عراق‭ ‬يواجه‭ ‬فيه‭ ‬العراقيون‭ ‬يوميًّا‭ ‬عواقب‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الرعب،‭ ‬أي‭ ‬الإرهاب‭. ‬العراق‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬وعد‭ ‬به‭ ‬دعاة‭ ‬الحرب‭ ‬لم‭ ‬يجلب‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة،‭ ‬ولكن‭ ‬جلب‭ ‬السيارات‭ ‬المفخخة‭ ‬والتفجيرات‭ ‬الانتحارية‭ ‬وتنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬والدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬لاحقًا‭ - ‬وولد‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬العراق‮»‬‭.‬

ويقول‭: ‬يوجد‭ ‬اليوم‭ ‬1‭,‬2‭ ‬مليون‭ ‬نازح‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬معظمهم‭ ‬في‭ ‬المخيمات‭. ‬وقُتل‭ ‬ما‭ ‬يقدر‭ ‬بمليون‭ ‬عراقي،‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬نتيجة‭ ‬للغزو‭ ‬وتداعياته‭. ‬ويضيف‭: ‬اليورانيوم‭ ‬المستنفد‭ ‬الذي‭ ‬خلفته‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬ارتبط‭ ‬بتشوهات‭ ‬خِلقيّة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬الفلوجة،‭ ‬حيث‭ ‬ترتفع‭ ‬معدلات‭ ‬الإصابة‭ ‬بالسرطان‭.‬

ويشير‭ ‬الكاتب‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أعلنته‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬الماضي‭ ‬عن‭ ‬عزمها‭ ‬إطلاق‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬الفلوجة‮»‬‭ ‬على‭ ‬سفينتها‭ ‬الهجومية‭ ‬البرمائية‭ ‬القادمة‭. ‬وقال‭: ‬‮«‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬هذا‭ ‬صادمًا،‭ ‬لكنه‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬الاستعمار‭ ‬الاستيطاني‭. ‬أباتشي،‭ ‬لاكوتا،‭ ‬شايان‭ ‬وأسماء‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬القبائل‭ ‬الأصلية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬المستمرة‭ ‬للاستعمار‭ ‬الاستيطاني‭ ‬الأمريكي‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬أسماء‭ ‬أسلحة‭ ‬فتاكة‭. ‬بعد‭ ‬إزهاق‭ ‬أرواح‭ ‬مليون‭ ‬شخص،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالعراق‮»‬‭.‬

الكاتب‭ ‬العراقي‭ ‬كتب‭ ‬مقاله‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬بعد‭ ‬إزهاق‭ ‬أرواح‭ ‬مليون‭ ‬شخص،‭ ‬لا‭ ‬يمكنني‭ ‬أن‭ ‬أغفر‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬ببلدي‭ ‬العراق‮»‬‭.‬

ما‭ ‬يقوله‭ ‬الكاتب‭ ‬العراقي‭ ‬هي‭ ‬حقيقة‭ ‬تعجز‭ ‬أمريكا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬تدركها‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭.‬

نعم‭.. ‬نحن‭ ‬العرب‭ ‬لن‭ ‬نغفر‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬بشعوبنا‭ ‬وبدولنا‭.‬

‭.. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نغفر‭ ‬لأمريكا‭ ‬جماعات‭ ‬الارهاب‭ ‬التي‭ ‬أنشأتها‭ ‬ودعمتها‭ ‬ورسمت‭ ‬أدوارها‭ ‬وأطلقتها‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬وأغرقتنا‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬الطائفية‭ ‬الدموية‭.‬

‭.. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نغفر‭ ‬لأمريكا‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬منظم‭ ‬بالمعنى‭ ‬الحرفي‭ ‬ووفق‭ ‬خطة‭ ‬مدروسة‭ ‬لدول‭ ‬عربية،‭ ‬من‭ ‬العراق،‭ ‬إلى‭ ‬سوريا،‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا‭.‬

‭.. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نغفر‭ ‬لأمريكا‭ ‬جريمتها‭ ‬الكبرى‭ ‬حين‭ ‬خططت‭ ‬لإسقاط‭ ‬نظم‭ ‬حكم‭ ‬عربية‭ ‬في‭ ‬2011‭ ‬وسعت‭ ‬لتدمير‭ ‬كل‭ ‬دولنا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬وفي‭ ‬سبيل‭ ‬ذلك‭ ‬تحالفت‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬والجماعات‭ ‬العميلة‭ ‬الخائنة‭ ‬لدولها‭.‬

‭.. ‬وهذه‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬جوانب‭ ‬محدودة‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬أمريكية‭ ‬كثيرة‭ ‬بحق‭ ‬دولنا‭ ‬وشعوبنا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نغفرها‭.‬

الأمر‭ ‬العجيب‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬تتوقع‭ ‬أمريكا‭ ‬من‭ ‬دولنا‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬تتعامل‭ ‬معها‭ ‬كحليف‭ ‬موثوق،‭ ‬بل‭ ‬وتطلق‭ ‬التهديدات‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬دولنا‭ ‬بما‭ ‬تريد‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا