العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

.. وهربت الوزيرة

خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬انتشر‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬فيديو‭ ‬قصير‭ ‬يستحق‭ ‬المشاهدة‭ ‬حقا‭.‬

‭ ‬الفيديو‭ ‬يخص‭ ‬وزيرة‭ ‬الرياضة‭ ‬الكندية‭ ‬باسكال‭ ‬سانت‭ ‬اونج‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أحد‭ ‬الصحفيين‭ ‬الكنديين‭.‬

شاهدت‭ ‬الفيديو‭ ‬وسجلت‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

الصحفي‭ ‬الكندي‭ ‬يقول‭ ‬للوزيرة‭: ‬قلت‭ ‬إنك‭ ‬لا‭ ‬تريدين‭ ‬مشاركة‭ ‬الرياضيين‭ ‬الروس‭ ‬والبيلاروس‭ ‬في‭ ‬الأولمبياد‭ ‬والأحداث‭ ‬الرياضية‭. ‬لدي‭ ‬سؤال‭ ‬لك‭: ‬هل‭ ‬شعرت‭ ‬بالأمر‭ ‬نفسه‭ ‬بعد‭ ‬غزو‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للعراق؟‭.. ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬أفغانستان؟‭.. ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬الرياضيين‭ ‬الكنديين‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬قصفنا‭ ‬ليبيا‭ ‬وأفغانستان؟‭.‬

وردا‭ ‬على‭ ‬صمت‭ ‬الوزيرة‭ ‬يسأل‭ ‬الصحفي‭: ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تجيبين‭ ‬عن‭ ‬السؤال؟‭.. ‬إنه‭ ‬سؤال‭ ‬بسيط‭ ‬حقا‭.‬

ويسألها‭ ‬مجددا‭: ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬الرياضيين‭ ‬الإسرائيليين؟‭.. ‬إسرائيل‭ ‬تحتل‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭.. ‬إنها‭ ‬دولة‭ ‬فصل‭ ‬عنصري؟‭.. ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬الرياضيين‭ ‬الإسرائيليين؟‭.. ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تجيبين‭ ‬عن‭ ‬السؤال؟

حين‭ ‬بدأ‭ ‬الصحفي‭ ‬طرح‭ ‬أسئلته‭ ‬على‭ ‬الوزيرة‭ ‬وقفت‭ ‬برهة،‭ ‬وما‭ ‬إن‭ ‬استمعت‭ ‬إلى‭ ‬الأسئلة‭ ‬حتى‭ ‬هربت‭ ‬ومضت‭ ‬مسرعة‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬أمام‭ ‬الوزيرة‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬تهرب،‭ ‬فهي‭ ‬ببساطة‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة،‭ ‬وليس‭ ‬لديها‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقوله‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬وعن‭ ‬سياسة‭ ‬بلدها‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬عموما‭. ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مبررا‭ ‬مقبولا‭ ‬أو‭ ‬معقولا‭.‬

الوزيرة‭ ‬الكندية‭ ‬ليست‭ ‬وحدها‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭. ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬كلها‭ ‬تقف‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭.‬

على‭ ‬امتداد‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬اتسمت‭ ‬مواقف‭ ‬وسياسات‭ ‬وممارسات‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تجاه‭ ‬دول‭ ‬وشعوب‭ ‬العالم‭ ‬بأمرين‭ ‬جوهريين‭ ‬هما‭ ‬العنصرية‭ ‬والمعايير‭ ‬المزدوجة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭.‬

العالم‭ ‬يعرف‭ ‬هذا‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭.‬

لكن‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬أظهرت‭ ‬هذه‭ ‬العنصرية‭ ‬الغربية،‭ ‬وهذه‭ ‬المعايير‭ ‬المزدوجة‭ ‬بشكل‭ ‬فاضح‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬باتت‭ ‬أبعاده‭ ‬معروفة‭.‬

‭ ‬لهذا‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬طرحها‭ ‬الصحفي‭ ‬الكندي‭ ‬يطرحها‭ ‬العالم‭ ‬كله‭.‬

العالم‭ ‬كله‭ ‬يسأل‭: ‬لماذا‭ ‬يكون‭ ‬الأوكرانيون‭ ‬أعلى‭ ‬شأنا‭ ‬وقدرا‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬الغرب،‭ ‬من‭ ‬العراقيين،‭ ‬أو‭ ‬الأفغان،‭ ‬أو‭ ‬الفسلطينيين،‭ ‬أو‭ ‬الليبيين‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬غير‭ ‬الغربي؟

لماذا‭ ‬يعتبر‭ ‬الغرب‭ ‬أن‭ ‬الشعوب‭ ‬غير‭ ‬الغربية‭ ‬أقل‭ ‬مكانة‭ ‬ومنزلة‭ ‬من‭ ‬الشعوب‭ ‬الغربية،‭ ‬ولا‭ ‬تستحق‭ ‬العدالة‭ ‬والإنصاف؟

لماذا‭ ‬يعتبر‭ ‬الغرب‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يستبيح‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬غير‭ ‬الغربية‭ ‬ويدمرها‭ ‬ويخربها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬بأي‭ ‬ذنب؟

لماذا‭ ‬يعتبر‭ ‬الغرب‭ ‬أن‭ ‬دوله‭ ‬ومسئوليه‭ ‬فوق‭ ‬القانون‭ ‬وفوق‭ ‬المساءلة‭ ‬والحساب‭ ‬مهما‭ ‬ارتكبوا‭ ‬من‭ ‬جرائم‭.‬

بأي‭ ‬وجه‭ ‬حق‭ ‬يعتبر‭ ‬الغرب‭ ‬أن‭ ‬الروس‭ ‬وحدهم،‭ ‬مسئولين‭ ‬أو‭ ‬رياضيين‭ ‬أو‭ ‬فنانين،‭ ‬او‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬مسئولي‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تتحدى‭ ‬الغرب،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحاكموا‭ ‬ويلاحقوا،‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬هذا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الغربيين؟

لماذا‭ ‬يعتبر‭ ‬الغرب‭ ‬أن‭ ‬المنظمات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الحقوقية‭ ‬الدولية‭ ‬كالمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مجندة‭ ‬لخدمته‭ ‬فقط‭ ‬وأداة‭ ‬قهر‭ ‬وظلم‭ ‬للآخرين؟

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العنصرية‭ ‬وهذه‭ ‬الهمجية‭ ‬التي‭ ‬طالما‭ ‬تعامل‭ ‬بها‭ ‬الغرب‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬وشعوب‭ ‬العالم‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬انهيار‭ ‬الهيمنة‭ ‬الغربية‭ ‬الذي‭ ‬نشهده‭ ‬اليوم،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬اقامة‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬جديد‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬أكثر‭ ‬توازنا‭ ‬وعدلا‭ ‬وإنسانية‭ ‬دعوة‭ ‬عالمية‭ ‬اليوم‭.‬

ومع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬وهذه‭ ‬التحولات‭ ‬العالمية‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬نشهدها‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬الغرب‭ ‬مصرا‭ ‬على‭ ‬إبقاء‭ ‬هيمنته‭ ‬وبنفس‭ ‬الأساليب‭ ‬العدوانية‭ ‬وعلى‭ ‬نفس‭ ‬الأسس‭ ‬العنصرية‭ ‬الهمجية‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا