يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
البحرين في مواجهة التحديات
من القواعد الأساسية المتعارف عليها في عالم الحكم وإدارة شؤون الدول والمجتمعات أنك إذا أردت معرفة مدى كفاءة ومقدرة القادة والمسؤولين عن الحكومات، فإن أحد المعايير الكبرى لذلك هو كيف يتصرفون في أوقات الأزمات وفي مواجهة التحديات التي تفرضها، أي كيف يديرون الأزمات.
هذا معيار أساسي لأسباب كثيرة في مقدمتها أن الأزمات الطارئة تحمل بداهة تحديات جديدة لم تكن متوقعة سلفا. الأزمات تأتي فجأة من دون توقع، ويرتبط بهذا عدم توفر المعلومات الكافية عن أسبابها وأبعادها وتوقعات تطورها وإلى متى ستستمر.. وهكذا.
ولهذا يتطلب التعامل معها قدرا كبيرا من الكفاءة وسرعة وضع الخطط واتخاذ القرارات والإنجاز.
أذكر هذا وقد توقفت مطولا أمام ما قاله سمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء في مجلس سمير ناس رئيس غرفة التجارة الذي نشرتْ «أخبار الخليج» تفاصيله، عن التحديات التي تواجه البحرين في الوقت الحاضر.
صحيح أن سموه تحدث عن هذه التحديات وكيفية مواجهتها بشكل مختصر جدا، لكنه أثار نقاطا في غاية الأهمية تستحق التوقف عندها بالتأمل والتحليل.
تحديدا أثار سمو ولي العهد رئيس الوزراء ثلاثة جوانب كبرى سنتوقف عندها.
الجانب الأول: إن التحديات الكبرى التي تواجهها البحرين حاليا هي تحديات عالمية ليست من صنعنا بل هي مفروضة علينا.
وهذا صحيح تماما بالطبع.
في السنوات القليلة الماضية، شهد العالم كله أزمات كبرى طرحت تحديات هائلة على كل الدول.
جاءت أزمة وباء كورونا لتفرض على كل دول العالم أوضاعا في غاية القسوة تركت تأثيراتها على كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وقبل أن يفيق العالم من محنة كورونا ويحتوي تأثيراتها جاء اندلاع حرب أوكرانيا، وتأجج الصراع بين الدول الغربية وروسيا ليفرض بدوره على العالم كله تطورات وتأثيرات قاسية اقتصاديا وسياسيا كان في مقدمتها تأثر سلاسل إمدادات الغذاء والطاقة، وضغوط اقتصادية ومالية هائلة.. إلخ.
ورأينا كيف غرقت حتى الدول التي تقول إنها الأكثر تقدما مثل الدول الأوروبية في أزمات طاحنة لا تعرف حتى اليوم كيف تخرج منها.
وعلى الصعيد السياسي، تعرضت كل دول العالم لضغوط رهيبة وهي في معرض تحديد مواقفها من الحرب ومن أطرافها.
باختصار، كما قال سمو ولي العهد رئيس الوزراء، البحرين، كما كل دول العالم تواجه أوضاعا عالمية جديدة ترتبط بها تحديات هائلة. وهي كما نعلم أوضاع صعبة وتطوراتها متسارعة، وآفاقها في المستقبل ليست واضحة.
معنى هذا أن البحرين تواجه ضغوطا صعبة نتيجة هذه الأوضاع العالمية.
الجانب المهم الثاني الذي أثاره سمو ولي العهد رئيس الوزراء في حديثه أننا في البحرين ليس أمامنا سوى أن نتكيف مع الأوضاع العالمية الجديدة، وأن نهيئ أنفسنا للتعامل مع التحديات التي تفرضها.
هذا أمر أساسي بالطبع وخصوصا أن هذه الأوضاع العالمية سوف تستمر فترة لا أحد يعلم مداها بالضبط.
سمو ولي العهد رئيس الوزراء قدر أن الأمر قد يستغرق نحو 18 شهرا أخرى للوصول إلى استقرار الأوضاع العالمية.
بالطبع سموه يقدم تقديرا مبدئيا عاما، فالأمر متوقف على ما سوف يشهده العالم من تطورات وأحداث على مختلف الأصعدة في المستقبل.
المهم إن تأكيد سموه ضرورة التكيف مع الأوضاع العالمية ومواجهة ما تفرضه من تحديات يعني بداية أن علينا أن نتابع بدقة هذه التطورات، وأن يكون لدينا تقديرات وتصورات لما يمكن أن تتطور إليه في مختلف المجالات، وبالأخص مجالات الاقتصاد والتحولات السياسية وعلاقات القوى الكبرى وطبيعة النظام العالمي. كل هذه أمور تؤثر فينا كما تؤثر في العالم كله.
ويعني ما قاله سموه أنه لا بد أن تكون لدينا الخطط والرؤى للتعامل مع هذه التحديات، وأن نأخذ بعين الاعتبار مختلف السيناريوهات التي يمكن أن تتطور إليها الأحداث وكيفية التعامل مع كل سيناريو.
أما الجانب الثالث المهم الذي تطرق إليه سمو ولي العهد رئيس الوزراء فيتعلق بكيف يجب أن تواجه البحرين هذه التحديات.. ما هو الطريق إلى ذلك.
وهذا موضوع سنتطرق إليه تفصيلا في المقال القادم بإذن الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك