الجميع تابع النتائج التي خلفها الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في فبراير الماضي، وخلف آلاف القتلى والجرحى، ومن شدة قوته محا بعض القرى والمدن بأكملها إذ سقطت جميع أبنيتها الحديثة والقديمة خلال ثوانٍ معدودة مما يؤكد ضعفها وعدم قدرتها على تحمل مثل هذه الظواهر.
في المقابل كانت هناك مبانٍ ظلت صامدة وعمرها متوسط أعمار الأبنية المنهارة، وشيدت بمواد لا تختلف كثيراً عن المعتاد استخدامها، إلا أن تطبيق الاشتراطات وكمية المواد وجودتها كانت مطابقة للمواصفات والاشتراطات الدولية المعتمدة لتفادي الانهيار عند حدوث مثل هذه الكوارث الطبيعية.
هذه النتائج تعتبر مؤشرات لا يمكن أن تمر مرور السحاب دون التوقف عند كل العناصر التي شاهدها العالم، أو الخصائص الصغيرة التي لا يعرفها إلا المهندسون المحترفون في عالم التشييد والبناء، ويجب أن يتعلمها بشكل عام المطورون العقاريون الذين يعملون على إنعاش تجارتهم بما خف وزنه وقل سعره في وقت قياسي مع الأسف.
أرقام الخسائر الفلكية التي خلفها الزلزال كبيرة وصادمة جداً ابتداء من عدد الضحايا البشرية وتكلفة علاج الجرحى، أو ما خلفه من آثار معنوية جراء التشرد تحتاج إلى سنوات للتغلب عليها، ومادية لإرجاع الوضع إلى ما كان عليه بدءًا من تهيئة البنية التحتية أو تعمير المباني الرسمية والسكنية التي كان يقطنها الناس.
الرقابة على منح التراخيص للبناء سوف تكون بعد هذه المصيبة أكثر تشدداً، وعمليات التفتيش سوف تكون مكثفة، والجهات المعنية بمختلف تخصصاتها سوف تؤكد ضرورة الالتزام بالمعايير العالمية وخاصة المتعلقة منها بأمور جودة البناء والمواد ومعايير السلامة مع الاستعانة بجميع التقنيات الحديثة التي تؤمن المباني وساكنيها عند حدوث مثل هذه الأحداث.
تقنيات البناء والتشييد الحديثة تعتمد على معايير أساسية متعددة من شأنها ضمان ديمومة البناء، وقوة مقاومته للأعاصير والزلازل، وجعل التكنولوجيا الحديثة فعالة إلى أقصى حد بداية من صلابة الخرسانة المستخدمة في البنية التحتية والأبنية على حد سواء، ومقاومة دخول الماء في التصدعات التي تكون آثارها السلبية شديدة المفعول إذا لم تخضع للصيانة الدورية المباشرة عند اكتشاف مثل هذه الأمور التي تخلف عواقب لا تحمد عقباها ولا تختلف كثيراً عن أضرار الزلازل.
المصانع العالمية تعمل جاهدة على تطبيق بعض الدراسات العلمية التي أظهرت نتائج خارقة يمكن استخدامها في عمليات البناء والتشييد مثل الألمنيوم الشفاف، وهي مادة جديدة تضيف إحساساً مستقبلياً إلى المباني، وهي في الوقت ذاته مضادة للرصاص، الأمر الذي يكاد يجعلها قوية كالفولاذ، وعلى الرغم من قوتها تبدو كالزجاج وأضعف بأربع مرات. وهذه المادة الجديدة هي عبارة عن تقنية بناء متطورة لدرجة أنها مصنوعة من أكسيد الألمنيوم (AION)، وتعمل من خلال استخدام تقنية الليزر.
أما تقنية العزل الهوائي والتي تعرف باسم «الدخان المجمد» فهي شبه شفافة وتنتج عن طريق إزالة السائل من مادة هلامية تاركة وراءها هيكل السيليكا الذي يتكون من 90% من الهواء. وعلى الرغم من كونه عديم الوزن تقريباً فإن الهلام الهوائي يحتفظ بشكله ويمكن استخدامه لإنشاء صفائح رقيقة من نسيج هوائي، وقد بدأ استخدامه في صناعة البناء نظراً إلى خصائص العزل الذي يتمتع بها.
الثورة المعلوماتية التي يشهدها العالم في شتى المجالات لم تنس هذا القطاع الحيوي الذي ينتعش في كل أنحاء الكرة الأرضية، وأصبحت صناعة التشييد من الصناعات التي تشهد نمواً سريعاً استفادت منه قطاعات كثيرة مرتبطة بشكل مباشر وغير مباشر بالشأن الاقتصادي ويدرّ عوائد مالية ضخمة تدخل بعضها في الناتج المحلي للدول.
إعلامي متخصص في العلاقات العامة
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك