ليلة رمضانية بطعم المحرق في مجلس بن دينه
بعيدا عن السياسة.. انشغالات المستقبل على طاولة النقاش

العميد محمد بن دينه:

مجالس البحرين ركيزة أساسية في الشراكة المجتمعية وتعزيز الهوية الوطنية

رئيس التحرير:

«أخبار الخليج» قائمة على الالتزام الوطني ولا تدافع عن انتماءات عقائدية

‮ ‬تغطية‭: ‬أحمد‭ ‬عبدالحميد

تصوير‭: ‬عبدالأمير‭ ‬السلاطنة

‮ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬رمضانية‭ ‬بطعم‭ ‬المحرق‭ ‬العريقة،‭ ‬زار‭ ‬فريق‭ ‬«أخبار‭ ‬الخليج»‭ ‬بقيادة‭ ‬الأستاذ‭ ‬أنور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬مجلس‭ ‬بن‭ ‬دينه‭ ‬في‭ ‬البسيتين‭ ‬مساء‭ ‬الثلاثاء‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬زيارة‭ ‬لها‭ ‬للمجالس‭ ‬الرمضانية‭ ‬بالمحرق،‭ ‬حيث‭ ‬تتميز‭ ‬المجالس‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الركن‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬الوطن‭ ‬العزيز‭ ‬بطابع‭ ‬مختلف‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬المحافظات‭ ‬الأخرى،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬توافد‭ ‬رواد‭ ‬المجلس‭ ‬عن‭ ‬الحضور‭ ‬بكثافة‭.‬

كانت‭ ‬الأعين‭ ‬معلقة‭ ‬بشاشة‭ ‬التلفزيون‭ ‬لمتابعة‭ ‬مباراة‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬بين‭ ‬المحرق‭ ‬والسيب‭ ‬العماني،‭ ‬في‭ ‬الدور‭ ‬التمهيدي‭ ‬لبطولة‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬للأندية‭ ‬العربية‭ ‬لكرة‭ ‬القدم،‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬بصعود‭ ‬المحرق‭ ‬بعد‭ ‬تفوقه‭ ‬على‭ ‬مضيفه‭ ‬العماني‭ ‬بركلات‭ ‬الترجيح‭.‬

ورغم‭ ‬وجود‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬والنواب‭ ‬والسياسيين‭ ‬والإعلاميين،‭ ‬فإن‭ ‬الجميع‭ ‬اتفق‭ ‬ضمنا‭ ‬على‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬المناقشات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الليلة‭ ‬الرمضانية‭ ‬البديعة‭.‬

ونوه‭ ‬العميد‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬دينه‭ ‬بدور«أخبار‭ ‬الخليج»‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬رئيس‭ ‬التحرير‭ ‬الأستاذ‭ ‬أنور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬صحافة‭ ‬وطنية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منح‭ ‬الفرصة‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬المشتغلين‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الصحافة‭.‬

وعقب‭ ‬رئيس‭ ‬التحرير‭ ‬قائلا‭: ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الزيارات‭ ‬الخارجية‭ ‬للندن‭ ‬إلى‭ ‬“تشاتام‭ ‬هاوس”‭ ‬وهي‭ ‬مؤسسة‭ ‬بريطانية‭ ‬تستقطب‭ ‬الآراء‭ ‬والمفكرين،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬مركزا‭ ‬للفكر‭ ‬والدراسات،‭ ‬سألوني‭ ‬عن‭ ‬“عقيدة‭ ‬الجريدة”،‭ ‬فأجبتهم‭ ‬أن‭ ‬لدينا‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أرفع‭ ‬من‭ ‬العقيدة‭ ‬وهو‭ ‬“الالتزام‭ ‬الوطني”،‭ ‬لأنه‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬انحياز‭ ‬لعقيدة‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬محاربة‭ ‬العقيدة‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولكن‭ ‬التزامنا‭ ‬الوطني‭ ‬يدفعنا‭ ‬إلى‭ ‬قبول‭ ‬كل‭ ‬الأفكار‭ ‬الوطنية‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬محطة‭ ‬الإذاعة‭ ‬البريطانية‭ ‬“بي‭ ‬بي‭ ‬سي”‭ ‬هي‭ ‬مثال‭ ‬للوسيلة‭ ‬الإعلامية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬الوطني‭ ‬لا‭ ‬العقيدة،‭ ‬ففي‭ ‬حالة‭ ‬حرب‭ ‬فوكلاند‭ ‬تحولت‭ ‬هذه‭ ‬الإذاعة‭ ‬إلى‭ ‬إذاعة‭ ‬حرب‭ ‬لصالح‭ ‬بريطانيا‭.‬

دفة‭ ‬الحوار

وكعادته‭ ‬دائما‭ ‬أدار‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬“أخبار‭ ‬الخليج”‭ ‬دفة‭ ‬الحوار‭ ‬طارحا‭ ‬تساؤلات‭ ‬عديدة‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬مجتمعية‭ ‬وسلوكية‭ ‬تشغل‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭.‬

وقال‭ ‬إن‭ ‬الحديث‭ ‬الذي‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المحطات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬هو‭ ‬البذخ‭ ‬الذي‭ ‬نعاني‭ ‬منه‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الفضيل‭ ‬والاسراف‭ ‬في‭ ‬الانفاق‭ ‬على‭ ‬“البطون”‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬شهر‭ ‬الصيام،‭ ‬ومع‭ ‬الأسف‭ ‬هناك‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأطعمة‭ ‬تنتهي‭ ‬يوميا‭ ‬إلى‭ ‬“صناديق‭ ‬القمامة”،‭ ‬وهذه‭ ‬آفة‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬غالبية‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭.‬

وأضاف‭ ‬أنور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬طوكيو‭ ‬14‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬حجم‭ ‬الطعام‭ ‬المهدر‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬طن‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ‬يوميا،‭ ‬أما‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬العادية‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬فإن‭ ‬حجم‭ ‬الطعام‭ ‬المهدر‭ ‬يصل‭ ‬إلى ‬اطنان‭.‬

وكشف‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬بن‭ ‬دينه‭ ‬وزير‭ ‬النفط‭ ‬والبيئة‭ ‬المبعوث‭ ‬الخاص‭ ‬لشؤون‭ ‬المناخ‭ ‬أن‭ ‬استهلاك‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬طوكيو‭ ‬يوميا‭ ‬1‭.‬1‭ ‬كيلوجرام‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الأطعمة،‭ ‬أما‭ ‬استهلاك‭ ‬الشخص‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬فيصل‭ ‬إلى‭ ‬2‭.‬6‭ ‬كيلو‭ ‬جرام‭ ‬في‭ ‬اليوم‭.‬

وعقب‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬جمال‭ ‬قائلا‭ ‬إن‭ ‬أحد‭ ‬الطلبة‭ ‬السعوديين‭ ‬روى‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬مطعم‭ ‬بإحدى‭ ‬الدول‭ ‬الاسكندنافية‭ ‬مع‭ ‬أصدقائه‭ ‬طلبوا‭ ‬الأطعمة،‭ ‬ولكنهم‭ ‬انتهوا‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أكل‭ ‬نصف‭ ‬ما‭ ‬طلبوه‭ ‬تقريبا،‭ ‬وأثناء‭ ‬الحساب‭ ‬رفضوا‭ ‬أن‭ ‬يأخذوا‭ ‬بقية‭ ‬الطعام‭ ‬معهم،‭ ‬فتم‭ ‬تحرير‭ ‬مخالفة‭ ‬للجميع‭ ‬على‭ ‬إهدار‭ ‬الطعام‭ ‬وحضرت‭ ‬الشرطة،‭ ‬التي‭ ‬قالت‭ ‬لهم‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الانسان‭ ‬أن‭ ‬يطلب‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬حاجته‭ ‬من‭ ‬الطعام‭ ‬“كل‭ ‬على‭ ‬قد‭ ‬بطنك”‭ ‬لأن‭ ‬الأكل‭ ‬المهدر‭ ‬يمثل‭ ‬عبئا‭ ‬على‭ ‬المطعم‭ ‬والدولة،‭ ‬وأجبروا‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬على‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالخطأ‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬لدينا‭ ‬عادات‭ ‬غير‭ ‬صحيحة‭ ‬بشأن‭ ‬الطعام‭ ‬“يزيد‭ ‬ولا‭ ‬يقصر”،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬محمد‭ ‬صنقور‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬أمين‭ ‬المكتبة‭ ‬العامة‭ ‬الراحل،‭ ‬أثناء‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬أقام‭ ‬عند‭ ‬عائلة‭ ‬بريطانية،‭ ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬قدموا‭ ‬له‭ ‬4‭ ‬بيضات‭ ‬و4‭ ‬سندوتشات‭ ‬وكوب‭ ‬شاي،‭ ‬ومن‭ ‬باب‭ ‬الذوق‭ ‬أكل‭ ‬ثلاثا‭ ‬منه،‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الثاني‭ ‬قدموا‭ ‬له‭ ‬3‭ ‬بيضات‭ ‬و3‭ ‬سندوتشات‭ ‬وكوب‭ ‬شاي،‭ ‬لكنه‭ ‬أكل‭ ‬بيضتين‭ ‬وسندوتشين‭ ‬واحتسى‭ ‬نصف‭ ‬كوب‭ ‬الشاي،‭ ‬فجاءه‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬العائلة‭ ‬التي‭ ‬يقيم‭ ‬معها‭ ‬مطالبا‭ ‬إياه‭ ‬بعرض‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬الأطباء‭ ‬لأنه‭ ‬يفقد‭ ‬شهيته،‭ ‬فطالبه‭ ‬بإعادة‭ ‬الكمية‭ ‬الأولى‭ ‬له‭.‬

وتابع‭ ‬جمال‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬العادات‭ ‬العربية‭ ‬أيضا‭ ‬أنهم‭ ‬إذا‭ ‬قدموا‭ ‬ذبيحة‭ ‬حق‭ ‬الضيف‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬اقتطاع‭ ‬أي‭ ‬جزء‭ ‬منها،‭ ‬وكأنه‭ ‬أمر‭ ‬يشين‭ ‬صاحبه‭.‬

التغيير‭ ‬في‭ ‬السلوكيات

وتساءل‭ ‬الأستاذ‭ ‬أنور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬تغيير‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة؟

وأكد‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬جمال‭ ‬أن‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬السلوكيات‭ ‬قادم،‭ ‬لكن‭ ‬هل‭ ‬إلى‭ ‬الأحسن‭ ‬أم‭ ‬إلى‭ ‬الأسوأ،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬عانى‭ ‬في‭ ‬توصيل‭ ‬الثقافة‭ ‬القديمة‭ ‬للجيل‭ ‬الجديد،‭ ‬حتى‭ ‬أتت‭ ‬كاتبة‭ ‬بحرينية‭ ‬اسمها‭ ‬هاجر‭ ‬الفضالة،‭ ‬وأعدت‭ ‬كتابا‭ ‬طلبت‭ ‬مني‭ ‬أن‭ ‬أكتب‭ ‬مقدمة‭ ‬له‭ ‬باعتبارها‭ ‬استندت‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬كتبي‭ ‬كمرجع‭ ‬لها،‭ ‬قلت‭ ‬فيها‭ ‬إن‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ ‬له‭ ‬قول‭ ‬مأثور‭ ‬“علموا‭ ‬أولادكم‭ ‬علم‭ ‬زمانهم”،‭ ‬ونحن‭ ‬عادة‭ ‬نعلم‭ ‬أولادنا‭ ‬الأدب‭ ‬والأخلاق،‭ ‬ومع‭ ‬الوقت‭ ‬لم‭ ‬نعد‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬إيصال‭ ‬كل‭ ‬تقاليدنا‭ ‬إليهم،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الكاتبة‭ ‬قامت‭ ‬بتقديم‭ ‬الأمثال‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬رسوم‭ ‬كاريكاتورية،‭ ‬وهذا‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬توصيل‭ ‬هذه‭ ‬الأمثال‭ ‬إلى‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬بصورة‭ ‬مبسطة،‭ ‬مقارنة‭ ‬بعدد‭ ‬الذين‭ ‬قرأوا‭ ‬كتابي‭ ‬أنا‭ ‬شخصيا‭ ‬عن‭ ‬الأمثال‭ ‬البحرينية،‭ ‬وأشدت‭ ‬بها‭ ‬لأنها‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تخاطب‭ ‬جيلها‭ ‬بلغته‭.‬

وأضاف‭ ‬جمال‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬كنا‭ ‬نبحث‭ ‬عن‭ ‬الأغاني‭ ‬ونذهب‭ ‬لشراء‭ ‬الأسطوانات،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬باتت‭ ‬الأغنية‭ ‬تأتيك‭ ‬إلى‭ ‬البيت،‭ ‬وعندما‭ ‬سألت‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬عن‭ ‬“الجحلة”‭ ‬لم‭ ‬يعرفوها،‭ ‬لأنهم‭ ‬جيل‭ ‬تربى‭ ‬على‭ ‬شرب‭ ‬الماء‭ ‬من‭ ‬الزجاجات‭.‬

وتعقيبا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سيكون‭ ‬عليه‭ ‬وضع‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬قال‭ ‬الأستاذ‭ ‬أنور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬إننا‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬تربى‭ ‬على‭ ‬المنهج‭ ‬الإنجليزي‭ ‬والحضارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬أثرت‭ ‬فينا‭ ‬تأثيرا‭ ‬بالغا‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهله،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التعليم‭ ‬أو‭ ‬معايشة‭ ‬الغربيين،‭ ‬وأنا‭ ‬أرى‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬نزعة‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬الأصول،‭ ‬حتى‭ ‬أبناءنا‭ ‬الذين‭ ‬يدرسون‭ ‬لدى‭ ‬الغرب‭ ‬عندما‭ ‬يعودون‭ ‬نرصد‭ ‬أنهم‭ ‬غير‭ ‬متأثرين‭ ‬بعمليات‭ ‬غسيل‭ ‬المخ‭ ‬التي‭ ‬تُجرى‭ ‬لهم‭ ‬بتأثرهم‭ ‬من‭ ‬الغرب‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تراجعا‭ ‬في‭ ‬قبول‭ ‬العقل‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬النمط‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬اختفى،‭ ‬وهذا‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬فكري‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬لكن‭ ‬السؤال‭: ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬المجتمع‭ ‬أم‭ ‬أننا‭ ‬نواجه‭ ‬حقيقة‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬قراءة‭ ‬المستقبل؟

قراءة‭ ‬المستقبل

بدوره‭ ‬قال‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬جمال‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬قراءة‭ ‬المستقبل،‭ ‬وأن‭ ‬نتوقع‭ ‬ما‭ ‬سيحدث‭ ‬للجيل‭ ‬القادم،‭ ‬لكن‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬تأكيده‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬التمسك‭ ‬ببعض‭ ‬السلوكيات‭ ‬والعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬التي‭ ‬تعلمناها‭ ‬وأن‭ ‬ننقلها‭ ‬إلى‭ ‬الجيل‭ ‬القادم،‭ ‬أما‭ ‬مدى‭ ‬تقبله‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬عدمه‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬شيء‭ ‬آخر،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الظروف‭ ‬الحالية‭ ‬فرضت‭ ‬متغيرات‭ ‬منها‭ ‬إمكانية‭ ‬خروج‭ ‬الزوج‭ ‬والزوجة‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬آخر‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬بيت‭ ‬العائلة‭ ‬بعكس‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬الماضي‭.‬

من‭ ‬جانبه‭ ‬قال‭ ‬د‭. ‬يوسف‭ ‬محمد‭ ‬مدير‭ ‬إدارة‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬بوزارة‭ ‬شؤون‭ ‬الإعلام‭ ‬إنه‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬الشديد‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬لدينا‭ ‬اسهامات‭ ‬فكرية‭ ‬عربية‭ ‬تستشرف‭ ‬المستقبل‭ ‬وكذلك‭ ‬خلت‭ ‬الدراما‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬تركيز‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مخرجاته‭ ‬الفكرية‭ ‬والأدبية‭.‬

وأضاف‭ ‬أنه‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الابداع‭ ‬الفكري‭ ‬الذي‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬قيمنا‭ ‬العريقة،‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬نحبس‭ ‬أنفسنا‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬ولا‭ ‬ننتقل‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل‭.‬

وأشار‭ ‬د‭. ‬يوسف‭ ‬محمد‭ ‬إلى‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نخاطب‭ ‬كل‭ ‬جيل‭ ‬بلغته،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬فجوة‭ ‬بيننا‭ ‬وبينهم،‭ ‬موضحا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬لعبة‭ ‬إلكترونية‭ ‬اليوم‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬قيمنا‭ ‬الأصيلة‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬هاتفه‭ ‬النقال،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يقرأ‭ ‬بالطرق‭ ‬التقليدية‭ ‬من‭ ‬الكتب،‭ ‬ولكنه‭ ‬يطالع‭ ‬الوسائط‭ ‬الالكترونية،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬إليه،‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬النقطة‭ ‬المهمة،‭ ‬والاشكالية‭ ‬الحقيقية‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬لنعزز‭ ‬قيمنا‭ ‬فيه‭.‬

وعقب‭ ‬الأستاذ‭ ‬أنور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬قائلا‭: ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعترف‭ ‬بأن‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء‭ ‬لا‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬العظماء،‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬لدى‭ ‬أي‭ ‬أمة‭ ‬شخصية‭ ‬تحظى‭ ‬بالاعتراف‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات،‭ ‬وهناك‭ ‬تراجع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الاسهامات‭ ‬الفكرية‭ ‬والثقافية،‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬اكتشاف‭ ‬أمثال‭ ‬مصطفى‭ ‬لطفي‭ ‬المنفلوطي‭ ‬أو‭ ‬عباس‭ ‬محمود‭ ‬العقاد‭ ‬أو‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬من‭ ‬جديد؟

وتابع‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬ينطبق‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬المجتمعات‭ ‬الغربية،‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬ضعفا‭ ‬في‭ ‬العطاء‭ ‬الثقافي‭ ‬المؤثر‭.‬

الهوية‭ ‬والقيم‭ ‬الحل

وأشار‭ ‬د‭. ‬يوسف‭ ‬محمد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬تشهد‭ ‬حالة‭ ‬فريدة،‭ ‬ويتجه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحل‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬هويتنا‭ ‬وقيمنا‭ ‬الوطنية‭ ‬للأجيال‭ ‬بطريقه‭ ‬النمذجة‭ ‬وليس‭ ‬التلقين،‭ ‬بطريقه‭ ‬المشاركة‭ ‬وليس‭ ‬الحفظ،‭ ‬مضيفا‭: ‬لعلي‭ ‬استذكر‭ ‬دائما‭ ‬عبارة‭ ‬لمعالي‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ( ‬الولاء‭ ‬في‭ ‬البحرينيين‭ ‬في‭ ‬النفوس‭ ‬قبل‭ ‬النصوص‭) ‬والولاء‭ ‬بصوره‭ ‬وأشكاله‭ ‬ومواقعه‭ ‬سمة‭ ‬من‭ ‬سمات‭ ‬القيم‭ ‬الوطنية،‭ ‬لذلك‭ ‬فإننا‭ ‬متفائلون‭ ‬خيرا‭ ‬بمضامين‭ ‬الخطة‭ ‬وبالمبادرات‭ ‬التي‭ ‬تتضمنها،‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يتكاتف‭ ‬الجميع‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬ان‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬هوية‭ ‬ووطنية‭ ‬وقيم‭ ‬وهناك‭ ‬ازدواج‭ ‬قيم‭ ‬،‭ ‬فما‭ ‬يتعلمه‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬او‭ ‬من‭ ‬مبادرات‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬العطاء‭ ‬والايثار‭ ‬والتضامن‭ ‬والتعايش‭ ‬يهدمه‭ ‬البيت‭.‬

هناك‭ ‬18‭ ‬قيمة‭ ‬وطنية‭ ‬يتحلى‭ ‬بها‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬قيمه‭ ‬الوطنية،‭ ‬ولو‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬فينا‭ ‬عزز‭ ‬هذه‭ ‬القيم‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬وفي‭ ‬عياله‭ ‬وبيته‭ ‬وأبرزنا‭ ‬قيمنا‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬اخلاقنا‭ ‬وفكرنا‭ ‬فسنحافظ‭ ‬على‭ ‬صورة‭ ‬البحريني‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬وسيزال‭ ‬مضرب‭ ‬الامثال‭ ‬في‭ ‬صفاته‭ ‬وخلقه‭ ‬وعلمه‭ ‬وعطائه‭.‬

جيل‭ ‬لا‭ ‬يقرأ‭..‬

واستعرض‭ ‬د‭. ‬يوسف‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬إحصائية‭ ‬بأن‭ ‬عدد‭ ‬الكتب‭ ‬البحرينية‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬سنويا‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬‮٦٠٠‬‭ ‬كتاب‭ ‬محلي‭ ‬وعدد‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬استيرادها‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬الف‭ ‬عنوان‭ ‬سنويا،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلىمعارض‭ ‬الكتاب،‭ ‬ومقارنه‭ ‬بسيطة‭ ‬بان‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬1900‭ ‬الى‭ ‬1999‭ ‬اي‭ ‬في‭ ‬مائه‭ ‬سنة‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬عدد‭ ‬الاصدارات‭ ‬1700‭ ‬عنوان‭ ‬فيما‭ ‬وصلت‭ ‬عدد‭ ‬الاصدارات‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬من‭ ‬1999‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬ثمانية‭ ‬آلاف‭ ‬عنوان‭ ‬لكتاب‭ ‬بحرينيين،‭ ‬وهذا‭ ‬العدد‭ ‬في‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬تضاعف‭ ‬‮٨‬‭ ‬مرات‭ ‬عن‭ ‬مائه‭ ‬سنة‭ ‬طافت،‭ ‬الا‭ ‬اننا‭ ‬نفتقر‭ ‬إلى‭ ‬التسويق‭ ‬والترويج‭ ‬من‭ ‬اصحاب‭ ‬الاصدارات‭ ‬لكتبهم،‭ ‬والابتكار‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬المعلومة‭ ‬وفلسفه‭ ‬الافكار‭.. ‬فاغلب‭ ‬جيل‭ ‬اليوم‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬المعلومة‭ ‬السريعة‭ ‬وافتقدوا‭ ‬العمق‭ ‬في‭ ‬التحليل‭ ‬والتفكير‭ ‬وحتى‭ ‬اطلاعهم‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬العامة‭ ‬وتاريخ‭ ‬وريادة‭ ‬وطنهم‭.‬

وعلق‭ ‬الأستاذ‭ ‬أنور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬قائلا‭ ‬إن‭ ‬المسألة‭ ‬ليست‭ ‬بالكم،‭ ‬لأنني‭ ‬انتظر‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬كتاب‭ ‬هو‭ ‬الأعلى‭ ‬مبيعا،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬حاليا‭.‬

واتفق‭ ‬معه‭ ‬د‭. ‬يوسف‭ ‬محمد‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬الاقبال‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬الروايات‭ ‬القصصية‭ ‬الموجهة‭ ‬لفئات‭ ‬معينة،‭ ‬مجددا‭ ‬تأكيده‭ ‬أهمية‭ ‬معالجة‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭.‬

وقال‭ ‬الأستاذ‭ ‬أنور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ندرة‭ ‬المبدعين‭ ‬والخلاقين،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬ينسحب‭ ‬على‭ ‬الأدب‭ ‬فقط،‭ ‬ولكننا‭ ‬نرصده‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الفن‭ ‬والموسيقى‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لدينا‭ ‬رياض‭ ‬السنباطي‭ ‬أو‭ ‬أحمد‭ ‬رامي‭ ‬أو‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬أو‭ ‬محمد‭ ‬عبدالوهاب،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأمر‭ ‬لدى‭ ‬الغرب‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لديه‭ ‬أمثال‭ ‬فرانك‭ ‬سيناترا‭ ‬ونات‭ ‬كينج‭ ‬كول،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬اتجه‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬اراديا‭ ‬إلى‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات،‭ ‬والجميع‭ ‬يتجه‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الكمبيوتر‭.‬

وأكد‭ ‬د‭. ‬يوسف‭ ‬محمد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬غيابا‭ ‬للقدوات،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬كتابا‭ ‬بعنوان‭ ‬“نظام‭ ‬التفاهة”،‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬تسطيح‭ ‬المجتمعات،‭ ‬وتكريس‭ ‬التفاهة‭ ‬في‭ ‬مفاصلها،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬اضعاف‭ ‬دور‭ ‬القدوات،‭ ‬ونحن‭ ‬نواجه‭ ‬إشكالية‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬القدوات‭ ‬التي‭ ‬اندثرت‭ ‬وباتت‭ ‬غائبة،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬شخصيات‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬خال‭ ‬من‭ ‬العمق‭ ‬الذي‭ ‬يمكنه‭ ‬احداث‭ ‬التغيير،‭ ‬وهناك‭ ‬فارق‭ ‬بين‭ ‬المشهور‭ ‬والمؤثر،‭ ‬وحاليا‭ ‬تنتشر‭ ‬طبقة‭ ‬المشهورين‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مؤثرين‭.‬

وعلق‭ ‬الأستاذ‭ ‬أنور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬قائلا‭ ‬إن‭ ‬الغرب‭ ‬لديه‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تخطط‭ ‬للمستقبل،‭ ‬وقد‭ ‬رأينا‭ ‬كتاب‭ ‬صامويل‭ ‬هنتنجتون‭ ‬عن‭ ‬“صراع‭ ‬الحضارات”‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬محو‭ ‬كل‭ ‬مقدسات‭ ‬الأمم،‭ ‬وأن‭ ‬يتحولوا‭ ‬إلى‭ ‬تابعين‭ ‬للعقل‭ ‬الغربي،‭ ‬والسؤال‭: ‬هل‭ ‬أفلح‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬ذلك؟‭ ‬وأعتقد‭ ‬أنهم‭ ‬نسبيا‭ ‬أفلحوا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭.‬

وتابع‭: ‬إن‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬يرسلون‭ ‬أولادهم‭ ‬إلى‭ ‬المدارس‭ ‬الخاصة‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬أفضل‭ ‬سبل‭ ‬التعليم،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الوسيلة‭ ‬يمنحون‭ ‬أبناءهم‭ ‬عقلية‭ ‬العولمة،‭ ‬بحيث‭ ‬ينصرف‭ ‬الطفل‭ ‬عن‭ ‬الانتماء‭ ‬الى‭ ‬محيطه‭ ‬الثقافي‭ ‬والفكري‭ ‬ويتقبل‭ ‬العقلية‭ ‬الغربية‭ ‬والثقافات‭ ‬المغايرة‭ ‬له،‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬هويته‭.‬

وأضاف‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬أن‭ ‬أبناءنا‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الخاصة‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬عن‭ ‬التاريخ‭ ‬العربي،‭ ‬وربما‭ ‬يعرفون‭ ‬عن‭ ‬The‭ ‬Battle‭ ‬of‭ ‬Hastings‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬يعرفونه‭ ‬عن‭ ‬موقعة‭ ‬القادسية،‭ ‬معتبرين‭ ‬أن‭ ‬اجادة‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬فحسب‭ ‬تفتح‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬التوظيف‭.‬

وتابع‭ ‬أن‭ ‬صامويل‭ ‬هنتنجتون‭ ‬حقق‭ ‬بكتابه‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬1996‭ ‬نجاحا‭ ‬باهرا‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المدارس‭ ‬الدولية‭ ‬اجتاحت‭ ‬كل‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ،‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قلب‭ ‬التعليم‭ ‬لدى‭ ‬العرب‭.‬

المجالس‭ ‬في‭ ‬البحرين

بدوره‭ ‬أكد‭ ‬العميد‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬دينه‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للإعلام‭ ‬والثقافة‭ ‬الأمنية‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬لـ«أخبار‭ ‬الخليج»‭ ‬أن‭ ‬مجالس‭ ‬البحرين‭ ‬تمثل‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬في‮ ‬‭ ‬الشراكة‭ ‬المجتمعية‭ ‬وتعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬كونها‭ ‬انعكاسا‭ ‬أصيلا‭ ‬للتراث‭ ‬المجتمعي‭ ‬والثقافة‭ ‬الوطنية‭ ‬العريقة،‭ ‬منوها‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مجالس‭ ‬البحرين‭ ‬إرث‭ ‬حضاري‭ ‬قائم‭ ‬على‮ ‬‭ ‬تعزيز‭ ‬قيم‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬،‭ ‬بما‭ ‬يحملونه‭ ‬من‭ ‬عادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬عربية‭ ‬أصيلة‮ ‬‭ ‬ومتوارثة‭ ‬عن‮ ‬‭ ‬الآباء‮ ‬‭ ‬والأجداد‭ .‬

وأوضح‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المجالس‭ ‬تمثل‭ ‬أساسا‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬والعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬العربية‭ ‬الأصيلة‭ ‬التي‭ ‬تجمعنا‭ ‬ونموذجا‭ ‬واقعيا‭ ‬للشراكة‭ ‬وترسيخ‭ ‬جسور‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع،‭ ‬مثمنا‭ ‬الدور‭ ‬التوعوي‭ ‬لمجالس‭ ‬البحرين،‭ ‬كأساس‭ ‬للتواصل‭ ‬المجتمعي،‭ ‬ففي‭ ‬قوتها‭ ‬وثرائها‭ ‬قوة‮ ‬‭ ‬للمجتمع‭.‬

وأشار‭ ‬العميد‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬دينه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عاداتنا‭ ‬البحرينية‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬تتطلب‭ ‬منا‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬لغة‭ ‬الاحترام‭ ‬في‭ ‬التخاطب‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬شعب‭ ‬متحضر‭ ‬بطبعه،‭ ‬فالاحترام‭ ‬والرقي‭ ‬من‮ ‬‭ ‬أركان‭ ‬الثوابت‭ ‬الوطنية‭ ‬وشيم‭ ‬الإنسان‭ ‬البحريني‭ ‬الذي‭ ‬يعتز‭ ‬بإرثه‭ ‬الوطني‭ ‬والحضاري،‭ ‬ويتمتع‭ ‬بتراث‭ ‬من‭ ‬الأخلاق‮ ‬‭ ‬الرفيعة،‭ ‬ويمارس‭ ‬حياته‭ ‬بوعي‭ ‬وطني‭ ‬مسؤول،‭ ‬معربا‭ ‬عن‭ ‬أمله‭ ‬أن‭ ‬تسود‭ ‬لغة‭ ‬التخاطب‭ ‬الراقية‭ ‬عالم‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬بما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬وتعزيزها،‭ ‬إذ‭ ‬سيظل‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬مصدرا‭ ‬للفخر‭ ‬والثراء‭ ‬الوطني‭ ‬بما‭ ‬يملكه‭ ‬من‭ ‬وعي‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي‭.‬

من‭ ‬جانبه‭ ‬أكد‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬بن‭ ‬دينه‭ ‬وزير‭ ‬النفط‭ ‬والبيئة‭ ‬المبعوث‭ ‬الخاص‭ ‬لشؤون‭ ‬المناخ‭ ‬أن‭ ‬مجالس‭ ‬البحرين‭ ‬تعكس‭ ‬التنوع‭ ‬الذي‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني،‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تعتبر‭ ‬مجرد‭ ‬لقاء‭ ‬في‭ ‬مناسبة‭ ‬معينة،‭ ‬ولكنها‭ ‬تجمع‭ ‬لكل‭ ‬أطياف‭ ‬المجتمع‭ ‬وتوجهاته‭ ‬الفكرية،‭ ‬وجميع‭ ‬فئات‭ ‬مجتمعنا،‭ ‬وهذا‭ ‬التبادل‭ ‬الفكري‭ ‬الراقي‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يميز‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

كتاب‭ ‬سفير‭ ‬التحكيم‭ ‬البحريني

وفي‭ ‬ختام‭ ‬اللقاء‭ ‬أهدى‭ ‬جاسم‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬مندي‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬كتابه‭ ‬“سفير‭ ‬التحكيم‭ ‬البحريني”‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬“أخبار‭ ‬الخليج”،‭ ‬الذي‭ ‬يروي‭ ‬فيه‭ ‬كيف‭ ‬أصبح‭ ‬حكما‭ ‬دوليا‭ ‬في‭ ‬لعبة‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬وبدوره‭ ‬تمنى‭ ‬رئيس‭ ‬التحرير‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬مسيرته‭.