العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

من يوقف الإرهاب الإسرائيلي؟

ليست‭ ‬هناك‭ ‬تعبيرات‭ ‬تكفي‭ ‬لوصف‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الغاشم‭ ‬بالمسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬والمصلين‭ ‬فيه‭. ‬كلمات‭ ‬مثل‭ ‬الهمجية‭ ‬والبربرية‭ ‬والوحشية‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬لوصف‭ ‬اقتحام‭ ‬الأقصى‭ ‬وضرب‭ ‬النساء‭ ‬وسحلهن‭ ‬وتقييد‭ ‬المصلين‭ ‬على‭ ‬أرضية‭ ‬المسجد‭ ‬واعتقالهم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭.. ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬المشاهد‭ ‬المروعة‭ ‬التي‭ ‬تابعها‭ ‬العالم‭ ‬كله‭.‬

هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬الأقصى‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬امتداد‭ ‬لسلسلة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬الإرهابية‭ ‬ارتكبها‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭.‬

أبادوا‭ ‬قرية‭ ‬فلسطينية‭ ‬بالكامل‭ ‬بتحريض‭ ‬ومباركة‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬إسرائيلي‭. ‬خرجت‭ ‬تصريحات‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لشعب‭ ‬اسمه‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬جريمة‭ ‬بحقه‭ ‬مباحة‭ ‬ومشروعة‭.. ‬قتل‭ ‬يومي‭ ‬بلا‭ ‬أي‭ ‬تردد‭ ‬للفلسطينيين‭.. ‬إطلاق‭ ‬يد‭ ‬المستوطنين‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬ليدمروا‭ ‬ويحرقوا‭ ‬ويقتلوا‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬الفلسطينية‭.. ‬وهكذا‭.‬

الذي‭ ‬يفعله‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬اعتداءات‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وعلى‭ ‬المقدسات‭. ‬الاحتلال‭ ‬يشن‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭. ‬الاحتلال‭ ‬يتصور‭ ‬أن‭ ‬بمقدوره‭ ‬أن‭ ‬يبيد‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬ويقضي‭ ‬عليه‭. ‬يتصور‭ ‬أن‭ ‬بمقدوره‭ ‬أن‭ ‬يقضي‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬الاستقلال‭ ‬والتحرر‭.‬

لم‭ ‬يحدث‭ ‬عبر‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬أن‭ ‬وصل‭ ‬الإرهاب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ضد‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭. ‬السبب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ليس‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬البعض‭ ‬وجود‭ ‬حكومة‭ ‬يمينية‭ ‬متطرفة‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭.‬

ليس‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬حكومات‭ ‬غير‭ ‬متطرفة،‭ ‬ولا‭ ‬مسئولين‭ ‬غير‭ ‬متطرفين‭. ‬ليس‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬مسئول‭ ‬يعترف‭ ‬بحقوق‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬ولا‭ ‬يقر‭ ‬اللجوء‭ ‬لأقصى‭ ‬درجات‭ ‬العنف‭ ‬والإرهاب‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

ثلاثة‭ ‬أسباب‭ ‬وراء‭ ‬تصاعد‭ ‬الإرهاب‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والأقصى‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭:‬

السبب‭ ‬الأول‭: ‬رعب‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬تصاعد‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬واتخاذها‭ ‬أشكالا‭ ‬جديدة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭.‬

في‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬حدث‭ ‬تحول‭ ‬نوعي‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬مقاومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬أنه‭ ‬ظهرت‭ ‬جماعات‭ ‬مقاومة‭ ‬شكلها‭ ‬الشباب‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬تلجأ‭ ‬إلى‭ ‬أساليب‭ ‬مقاومة‭ ‬جديدة‭ ‬مسلحة‭ ‬وغير‭ ‬مسلحة‭. ‬نعني‭ ‬جماعات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬عرين‭ ‬الأسود‮»‬‭ ‬و«كتيبة‭ ‬جنين‮»‬‭ ‬و«كتيبة‭ ‬مخيم‭ ‬بلاطة‮»‬‭ ‬و‮«‬كتيبة‭ ‬عش‭ ‬الدبابير‮»‬‭ ‬وغيرها‭.‬

هذه‭ ‬المجموعات‭ ‬المقاومة‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬أطر‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التقليدية‭ ‬ومستقلة‭ ‬في‭ ‬عملها‭. ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬ظهور‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬وراءه‭ ‬قناعة‭ ‬فلسطينية‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬السطلة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ولا‭ ‬القوى‭ ‬التقليدية‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استعادة‭ ‬الحق‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وأنه‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬تعليق‭ ‬أي‭ ‬أمل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬احتمالات‭ ‬سلام‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لها‭.‬

هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬الجديدة‭ ‬تحظى‭ ‬بشعبية‭ ‬جارفة‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬رعب‭ ‬من‭ ‬هذ‭ ‬المجموعات‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬يقضي‭ ‬عليها‭ ‬أو‭ ‬يتعامل‭ ‬معها‭. ‬وهو‭ ‬مرعوب‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬انتفاضة‭ ‬فلسطينية‭ ‬عارمة‭ ‬جديدة‭ ‬إن‭ ‬اندلعت‭ ‬فلن‭ ‬تكون‭ ‬مثل‭ ‬الانتفاضات‭ ‬السابقة،‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬حينئذ‭.‬

ولا‭ ‬يعرف‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المرعوب‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬طريقة‭ ‬سوى‭ ‬تصعيد‭ ‬الإرهاب‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‭.‬

السبب‭ ‬الثاني‭: ‬تراجع‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي‭. ‬العالم‭ ‬منشغل‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬بالحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وبأبعاد‭ ‬وتداعيات‭ ‬الصراع‭ ‬المحتدم‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬وروسيا‭ ‬والصين‭.‬

حتى‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تهتم‭ ‬كثيرا‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ولا‭ ‬ببذل‭ ‬أي‭ ‬جهد‭ ‬لوقف‭ ‬الإرهاب‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الدولي‭ ‬موات‭ ‬لتحقيق‭ ‬مخططه‭ ‬بالقضاء‭ ‬على‭ ‬قضية‭ ‬فلسطين‭ ‬نهائيا‭.‬

السبب‭ ‬الثالث‭: ‬وهو‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأسباب،‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬العاجز‭ ‬والمتخاذل‭.‬

الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يبني‭ ‬حساباته‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أنه‭ ‬مهما‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬إرهاب‭ ‬ومهما‭ ‬نكل‭ ‬بالشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬واعتدى‭ ‬على‭ ‬المقدسات‭ ‬ومهما‭ ‬شن‭ ‬من‭ ‬اعتداءات‭ ‬على‭ ‬سوريا‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬سوف‭ ‬يردعه‭ ‬أو‭ ‬سوف‭ ‬يسعى‭ ‬لوقفه‭ ‬عند‭ ‬حده‭.‬

إن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الوضع،‭ ‬فمن‭ ‬يوقف‭ ‬الإرهاب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إذن؟

للحديث‭ ‬بقية‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا