يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
ما هذا الهوان العربي؟!
من يوقف الإرهاب الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني؟.. من يوقف كل هذا القتل والتدمير والانتهاك للمقدسات؟.. من يمكن أن ينصف الشعب الفلسطيني ويحميه؟
هذه أسئلة مطروحة بإلحاح على ضوء تصاعد الإرهاب الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين والمسجد الأقصى.
بداية، من المعروف أنه لا توجد أي من القوى العالمية الكبرى لديها الرغبة أصلا في وقف هذا الإرهاب أو في إنصاف الشعب الفلسطيني. أمريكا والقوى الغربية الأخرى مؤيدة للكيان الإسرائيلي حتى النهاية، وأقصى ما يمكن أن تذهب إليه هو التعبير عن القلق مما يجري للفلسطينيين أو المطالبة بضبط النفس. ليس هذا فحسب بل إن دولة مثل أمريكا تشجع مباشرة ما يمارسه الكيان الإسرائيلي بإعلانها في كل مناسبة أن من حقه الدفاع عن نفسه.
وكما نعلم، الأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية التي من المفترض أن تنصف الشعوب وأن تفرض السلم والأمن وتنحاز للحقوق المشروعة عاجزة عن أن تفعل شيئا. هذه المنظمات محكومة بالتوازن بين القوى الكبرى، وأصبحت بشكل عام أداة بيد الحكومات الغربية المنحازة للكيان الإسرائيلي. وحتى إذا اتخذت قرارات لصالح الشعب الفلسطيني وتندد بالجرائم الإسرائيلية فليس لديها أي إمكانية لتنفيذ هذه القرارات وتبقى حبرا على ورق.
كل ما سبق معروف ومفهوم. لكن اللغز الأكبر في مواجهة الإرهاب الإسرائيلي يبقى في المواقف العربية.
في كل مرة يرتكب فيها الكيان الإسرائيلي جريمة بحق الشعب الفلسطيني أو الأقصى والمقدسات، فإن رد فعل الدول العربية كلها يتمثل في أمر واحد لا يتغير، وهو إصدار بيان يدين الجريمة ويدعو إلى إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه وما شابه ذلك من تعبيرات. وفي أحسن الأحوال تعقد الجامعة العربية اجتماعا طارئا يصدر عنه أيضا بيان شبيه.
الكل يعلم بالطبع أن هذه البيانات ليست لها أي قيمة على الإطلاق. والكيان الإسرائيلي أول من يعلم هذا، ولهذا كما ذكرت في المقال السابق هو يراهن في استمرار ما يمارسه من إرهاب على هذا الموقف العربي المتخاذل.
ولكن هل الدول العربية عاجزة حقا؟.. هل ليس بمقدورها أن تردع الكيان الإسرائيلي وترغمه على وقف جرائمه؟
ليس صحيحا أن الدول العربية عاجزة. لديها الكثير جدا من الأوراق التي تستطيع أن تستخدمها ومن شأنها ردع الكيان الإسرائيلي. والمرء يستغرب لماذا لا تستخدم هذه الأوراق.
لنتأمل الجوانب التالية.
1 - الدول العربية لديها علاقات قوية ومصالح كثيرة جدا مع الدول الكبرى في العالم وأولها أمريكا، فلماذا لا تستخدم هذه العلاقات أداة لدفع هذه الدول للضغط على الكيان الإسرائيلي؟
2 – عدد من الدول العربية لديها علاقات مع الكيان الإسرائيلي وبمقدورها استخدام هذه العلاقات ورقة ضغط كبرى دفاعا عن الشعب الفلسطيني ولوقف الجرائم بحقه. فلماذا لا تفعل هذا؟
3 - ولماذا لا تستخدم الدول العربية قدراتها الجماعية في إطار منظمات مثل المحكمة الجنائية كي تصدر قرارات تجرّم الاحتلال وتنصف الشعب الفلسطيني؟
4 - ولماذا لا تعلن الدول العربية دعمها للمقاومة الفلسطينية؟
الدول العربية تحجم بل وتشعر بالخجل من إعلان أي دعم للمقاومة الفلسطينية للاحتلال بكل صورها مع أن هذه مقاومة مشروعة بما في ذلك المقاومة المسلحة بحكم القانون الدولي.
أمريكا والدول الأوروبية تسعى لحشد العالم كله لدعم أوكرانيا تحت شعار أن هذه مقاومة مشروعة للاحتلال الروسي.
لماذا لا تكون المقاومة الفلسطينية أهلا للدعم العالمي بالمثل؟.. إذا كانت الدول الغربية تدين المقاومة الفلسطينية دعما للكيان الإسرائيلي فما شأن الدول العربية بهذا؟.. ما الذي يمنعها من إعلان دعم هذه المقاومة؟
كما نرى، كل هذه أوراق بمقدور الدول العربية استخدامها لردع الإرهاب الإسرائيلي وحماية الشعب الفلسطيني وحقوقه؟.. لكنها للأسف لا تفعل ذلك، وبدلا من هذا نرى كل هذا الهوان العربي الظاهر في مواجهة الجرائم الإسرائيلية.
من المخجل حقا أن تقف الدول العربية عاجزة هكذا وغير قادرة على حماية شعب فلسطين، على الرغم من أن الكل يعلن أن فلسطين ستظل قضية العرب الأولى.
والأمر لا يتعلق بفلسطين فقط. إذا ظل هذا هو حال العرب من الخنوع والهوان، فإن العربدة الإسرائيلية لن تقف عند حد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك