مطالبات بتعديل قانون التنفيذ وملف إدارة الدعوى وقانون الخبراء ورسوم المنفذ الخاص
تغطية: أحمد عبدالحميد
تصوير: عبدالأمير السلاطنة
اختتمت «أخبار الخليج» زياراتها للمجالس الرمضانية لهذا العام، بزيارة مجلس رجل الأعمال ناصر محمد جميل العريض، هذا المجلس الذي يتمتع بسمات خاصة تميزه عن بقية المجالس، وذلك بفضل رواده المتنوعين سواء من التجار أو رجال القانون وغيرهم من أطياف المجتمع البحريني، بالإضافة إلى السفراء الذين يحرصون على زيارة هذا المجلس العامر.
ورغم الهدوء الذي يبدو عليه المجلس في البداية، لكنه الهدوء الذي يسبق العاصفة، من خلال طرح الموضوعات الساخنة التي تعنى باهتمامات الشارع البحريني.
مع وصول الأستاذ أنور عبدالرحمن رئيس تحرير «أخبار الخليج»، حرص صاحب المجلس ناصر العريض على الترحيب به، منوها بما يطرحه رئيس التحرير من نظرات متعمقة تجاه مختلف القضايا والموضوعات التي تُثار في المجالس الرمضانية.
وحرصت السيدة إيسن تشاكيل سفيرة الجمهورية التركية لدى مملكة البحرين على زيارة المجلس برفقة زوجها، حيث حضرت مرتدية زيا عربيا مميزا، دعا مصورنا عبدالأمير السلاطنة إلى التقاط العديد من الصور لها، فيما بادرها الأستاذ أنور عبدالرحمن رئيس التحرير مؤكدا أنه زار تركيا في أوائل التسعينيات، والتقى برئيس وزرائها حينها، وتحدثا حول العلاقات بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي، وقال المسؤول التركي إن تركيا كانت معنية بالشق العسكري مدة 500 عام، والآن تسعى إلى التحول إلى دولة تجارية وصناعية.
ونوه عبدالرحمن بما تمتلكه تركيا من قدرات صناعية متطورة ساعدتها في التطور الاقتصادي، مشيرا إلى أنه زار أحد مصانع الغسالات المنزلية، وعرف أن الطاقة الإنتاجية السنوية له تبلغ مليون غسالة تقريبا، لأنهم لا يتطلعون إلى تغطية احتياجات السوق التركي فحسب، ولكنهم يخططون للتصدير إلى أوروبا، وهو ما تحقق بالفعل.
إجراءات التقاضي وتنفيذ الأحكام
ومع وجود نخبة من القانونين، طرح رئيس التحرير موضوعا تعاني منه الدول المتقدمة والنامية في آن واحد، ألا هو المتعلق بإجراءات التقاضي وإقامة الدعاوى القضائية، التي تستغرق وقتا طويلا، مؤكدا أن أي تقدم لأي مجتمع يعتمد على العدالة الناجزة وتنفيذ الأحكام التي تصدر عن القضاء، مشيرا إلى أن العدالة الناجزة عامل مهم في تحريك الاقتصاد.
وقال الأستاذ أنور عبدالرحمن إننا نعيش في حيرة، مما نشهده شرقا وغربا، حيث نشهد تقدما في كثير من المجالات، إلا أنه مع الأسف الشديد نرى حتى الآن أن تنفيذ القضايا يتأخر، وهذا لا يخص البحرين فقط، ولكنه على مستوى كل البلدان، ففي بريطانيا هناك قضايا قد تمتد عشر سنوات ونفس الشيء في أمريكا، متسائلا هل هناك تقصير أم أن تنفيذ العدالة عملية معقدة؟
وعقب المستشار القانوني سلام أحمد عبدالقادر مستعرضا الوضع في مملكة البحرين قائلا: إنها عملية معقدة بالفعل، ففي البحرين قانون التنفيذ رقم 22 لسنة 2021 هو الحلقة الأخيرة من سلسلة حلقات القوانين المعنية بتطبيق العدالة في المملكة، مضيفا أنه صدر في عام 2018 قانون بشأن إنشاء مكتب إدارة الدعوى المدنية والتجارية، الغرض منه تهيئة الدعاوى قبل رفعها إلى المحاكم، ويتم من خلاله تحديد جدول تحضيري للدعاوى بداية من تجهيز المستندات وطلبات الاثبات والمذكرات الختامية، بعد كل ذلك يتم رفع الدعوى إلى المحكمة للفصل فيها.
وتابع قائلا: إن هذا القانون صدر من أجل سرعة الفصل في القضايا، ولكن أعتقد أن هذا المكتب يمس مبدأ قانونيا مهما هو أن حق التقاضي مكفول، لافتا إلى أن مكتب إدارة الدعوى ظهر في البحرين لأول مرة عام 2012 فيما يخص القضايا العمالية، معتبرا أن هناك نقطة خطيرة في هذا القانون تتعلق بأن المدعى عليه إذا لم يحضر في مرحلة نظر القضية أمام مكتب إدارة الدعوى لن يتمكن من تقديم أي مستندات أو طلبات الاثبات أو النفي أو إحالة الدعوى إلى الخبير أمام المحكمة، وبذلك فإن المحكمة ستصدر حكمها بناء على ما تم تحضيره في مكتب إدارة الدعوى.
الإعلان بالوسائل الإلكترونية
وأردف المستشار القانوني سلام عبدالقادر أن هناك إشكالية أخرى تزامنت مع صدور قرار وزير العدل رقم 89 لسنة 2018 المتعلق بتنظيم الإعلان بالوسائل الإلكترونية، إذ اعتمد البريد الإلكتروني والرسائل النصية القصيرة لإعلان الأوراق القضائية في الدعاوى المدنية والتجارية والجنائية، مشيرا إلى أن أغلب الشركات لديها إيميلات وأرقام هواتف للأشخاص الذين أسسوا الشركة فحسب، ويتم الإعلان عليها، ما يحول دون حضور المدعى عليه، وتتحول القضية إلى المحكمة، وعندما يعلم بالصدفة بوجود دعوى ضده ويسعى لتقديم دفوع أو طلبات اثبات فإن المحكمة لا تقبلها.
وشدد على أنه لا يوجد مدعى عليه أو مكتب محاماة لم يتضرر من هذه المسألة، لافتا إلى أنه طعن بعدم دستورية المادة السابعة لقانون مكتب إدارة الدعوى، ولكن محكمة الموضوع دفعت بعدم جدية الطعن، ولم ترفعه إلى المحكمة الدستورية.
وعقب الأستاذ أنور عبدالرحمن متسائلا عن عدم تنفيذ الأحكام الصادرة من المحاكم؟
وأوضح المستشار القانوني سلام عبدالقادر أن حق التقاضي له جوانب عديدة أبسطها الحق في اللجوء إلى القضاء بطرق سهلة وميسرة، من ناحية الإجراءات والكلفة، وحق التقاضي يشمل حق الدفاع.
وأضاف أن قانون التنفيذ الحالي غير مُجدٍ، ومحكمة التنفيذ تخلت عن دورها في تنفيذ الأحكام، وأحالت التنفيذ إلى المنفذ الخاص تحت إشراف قضاء التنفيذ، وهذا أمر مرهق للمتقاضي؛ إذ بات عليه سداد رسوم مصاريف القضية، وأتعاب للمحامي، وسداد رسوم التعاقد مع الخبير، إضافة إلى رسوم المنفذ الخاص التي تصل إلى 5% من قيمة المبلغ المحكوم به.
فمثلا إذا كان هناك شخص يطالب بمبلغ 1000 دينار، فإن عليه أن يسدد 100 دينار كمصاريف للقضية، و200 دينار للمحامي، و200 دينار للخبير، بالإضافة إلى 100 دينار كرسوم للمنفذ الخاص، أي يخسر 600 دينار وأكثر من أجل الحصول على 1000 دينار.
وعلق جعفر الدرازي أن هناك عدة أمور مهمة في القضاء خلال المرحلة التي أعقبت جائحة كورونا، منها أنه لا يمكن الالتقاء بالقاضي، وبات كل شيء يتم تقديمه إلكترونيا، والمشكلة الكبيرة في قانون التنفيذ الجديد، حيث في السابق كان يمكن اصدار قرار بمنع السفر ضد المحكوم عليه، اليوم لك الحق بمنعه من السفر 3 مرات فقط، فإذا كان المحكوم ضده أجنبيا فكيف نضمن إلزامه بتنفيذ الحكم الصادر ضده، بالإضافة إلى أنه يجب أن تكون رسوم المنفذ الخاص محكومة، لذلك فإن القانون الجديد يواجه إشكالية عند المحامين بسبب ارتفاع قيمة الرسوم، كما تم إلغاء أحكام الحبس في قضايا الديون.
وأشار الدرازي إلى أن قانون التنفيذ الجديد يحتاج إلى شرح وتنسيق بين وزارة العدل والمحامين.
إشكاليات قانون الخبراء
بدوره قال المحامي عقيل موسى إن قانون التنفيذ الجديد يأتي ضمن سلسلة من القوانين التي صدرت في البحرين منذ 2009 مع إنشاء غرفة تسوية المنازعات بغرض تخفيف الضغط عن المحاكم، وبعد ذلك صدر قانون الموثق الخاص الذي أسهم في تخفيف الضغط عن مكاتب التوثيق وخاصة للشركات، وقانون إدارة الدعوى العمالية وصولا إلى المنفذ الخاص.
وتطرق إلى أن قانون «الخبراء» الحالي أثار الكثير من الإشكاليات في التطبيق، وخاصة أنه أتاح لطرفي النزاع أن يعين كل منهما خبيرا.
وأشار المحامي عقيل موسى إلى أن قانون «المنفذ الخاص» صدر قبل عام تقريبا لكنه لم يتم تفعيله بالكامل، وتلقى المحامون الأسبوع الماضي تعميما بأن جميع ملفات التنفيذ سوف توزع على المنفذين الخاصين، وأي ملفات جديدة سوف تحال إليهم، موضحا أنه يجب تفعيل المتابعة والرقابة على المنفذين الخاصين، مشددا على أن القوانين التي تطبق في دول أخرى قد لا تصلح لمجتمعنا.
وقال إن القوانين تطبق ثم تصدر عليها التعديلات بعد رصد الثغرات التي تحدث خلال سريان القانون، مشيرا إلى أن المنفذين الخاصين يبالغون حاليا في الرسوم رغم أن القانون حدد نسبا معينة لهذه الرسوم، مشيرا إلى أن المتابع للجريدة الرسمية يرصد صدور قرارات بالتعديل لسد الهفوات الموجودة في القانون.
إلغاء القبض والحبس
وبشأن أسباب تأخير تنفيذ الأحكام أوضح المستشار القانوني سلام أحمد عبدالقادر أن القصور في قانون التنفيذ أنه ألغى القبض والحبس، وهذه ثغرة يجب تلافيها، لأن صدور أمر القبض على المنفذ ضده كان أحد العوامل التي تسهم في تنفيذ الأحكام وخاصة المتعلقة بسداد المديونيات، لافتا إلى أن هذا القانون لا يوجد مثيل له في الدول العربية، ولكنه مطبق في بعض الدول الأوروبية.
وتابع عبدالقادر أنه فيما يتعلق بالمنع من السفر فإن القانون حدد قرار المنع بثلاثة أشهر ويجدد ثلاث مرات فقط، والخطورة أنه يرفع تلقائيا إذا لم يجدد في الميعاد أو انتهت فترات المنع الثلاث؛ أي أن صاحب الحق عليه أن يتابع إجراءات المنع من السفر حتى لا يحرم من الحصول على حقه.
وحول قانون «الخبراء» رقم 28 لسنة 2021، أوضح المستشار سلام أحمد عبدالقادر أن الخصوم لهم الحق في التعاقد مع الخبراء لتقديم التقارير عند رفع الدعوى؛ أي أن المحكمة لا تنتدب خبيرا بشأن أي دعوى، لافتا إلى أن 98% من تقارير الخبراء تأتي لصالح الطرف المتعاقد معه، مضيفا أنه صارت هناك مبالغات في أتعاب الخبراء التي سيتحملها الخصم في النهاية.
وشدد على ضرورة إعادة النظر في هذه القوانين، على رأسها مكتب إدارة الدعوى التي تضرر منها الكثيرون، لافتا إلى ضرورة إنشاء مكتب للخبراء تابع لوزارة العدل؛ حتى نضمن استقلالية تقارير الخبراء، وكذلك يجب أن يكون تعيين الخبير من قبل المحكمة.
وعلق المحامي عقيل موسى أن تقرير الخبير هو رأي استشاري يتم رفعه إلى القاضي وهو غير ملزم به، ولكن السلبية الوحيدة أنه في حال تعيين أحد الخصوم خبيرا فيما لم يقم الطرف الآخر بذلك أثناء تحضير الدعوى فسيحرم من فرصة الاستعانة بخبير، كما أن هناك مبالغات في كتابة التقارير من بعض الخبراء، لذلك يجب تشديد الرقابة، مشيرا إلى أن الخبير إذا التزام الحياد وكتب تقريرا ضد الشخص الذي تعاقد معه فقد لا يحصل على فرصة للتعاقد في المستقبل من المتقاضين الراغبين في الحصول على تقارير لصالحهم.
وعقب الأستاذ أنور عبدالرحمن قائلا: إن ما تقولونه الآن أمر مخيف، وكيف يمكن تلافي السلبيات التي تم ذكرها؟
وقال المستشار سلام عبدالقادر إنه يمكن تجاوز هذه الأخطاء، فمثلا في مكتب إدارة الدعوى يمكن أن نتيح للطرف الذي لم يتمكن من الحضور في هذا المكتب أن تقبل الدفوع والمستندات التي يقدمها أمام المحكمة، وخاصة أنه قد يكون تم إعلانه بالقضية على إيميل أو هاتف لا يخصه.
وأشار إلى أن هذا يتطلب تعديلا تشريعيا لتحقيق ذلك، وهذا سوف يخدم 95% من المتقاضين.
وأضاف عبدالقادر أنه يجب أن يعود إلى محكمة التنفيذ الحق في إصدار أوامر القبض على المنفذ ضده وألا يكون هناك تحديد لقرارات منع السفر ولا تلغى تلقائيا.
وأوضح المحامي عقيل موسى أن الذين يصدرون القوانين يدركون كل هذه الإشكاليات، ونحن ننتظر التعديلات التي تسد الثغرات الحالية.
وتساءل رئيس التحرير لماذا لا يرفع المحامون هذه السلبيات إلى وزير العدل؟
وأوضح المحامي عقيل موسى أن جمعية المحامين تقوم بشكل سنوي برصد الملاحظات أثناء تطبيق القوانين ويتم رفعها إلى وزير العدل ووكيل الوزارة اللذين يفتحان مكتبيهما لهذا الأمر، لكن النتيجة مازالت دون المرجو.
وحول إلغاء المنع من السفر الذي كان مطلبا حقوقيا في السابق، تساءل الأستاذ أنور عبدالرحمن: أين حقوق الأطراف الأخرى المضارة من عدم الحصول على حقوقها من المحكوم عليهم؟!
وأجاب المستشار سلام عبدالقادر أن عدم تعديل هذه القوانين سوف يؤدي إلى إهدار الكثير من الحقوق.
وكشف جعفر الدرازي عن أن مركز عبدالرحمن كانو سوف يستضيف ندوة حوارية لشرح قانون التنفيذ الجديد في الثالث من مايو القادم، بمشاركة المحامي عبدالله الشملاوي وعدد من القانونيين والمحامين والمختصين في شؤون العمل القضائي بالمملكة.
البيروقراطية والروتين
بدوره حذر المهندس عبدالستار السامرائي من أن البيروقراطية والروتين تضر الاستثمار، مشيرا إلى أن دورة العمل إذا طالت تؤثر سلبا على أصحاب الأعمال من خلال زيادة الكلفة للرواتب وغيرها من التكاليف، وهذا يشكل بيئة طاردة للعمل الإبداعي، مشيرا إلى أن البحرين فريدة وتستحق المزيد من الخطوات لتشجيع التنفيذ.
وعقب الأستاذ أنور عبدالرحمن قائلا إن الأداء في الوزارات متباين؛ إذ إن كل وزارة تختلف عن غيرها في الأداء، ولدينا في البحرين وزارات خدمية متقدمة حتى على الدول الأوروبية، مشيرا إلى أننا نحرص من خلال المجالس على توصيل صوت الشارع إلى صناع القرار، ونرجو من أصحاب الشأن الالتفات إلى الملاحظات التي تنشرها الصحافة بصورة جدية.
العريض يتحدث
في الختام تحدث ناصر العريض مع «أخبار الخليج»، مؤكدا أن المجالس الرمضانية تعكس الترابط بين كل مكونات الشعب البحريني، والبحرين تتميز بفتح أبواب المجالس للجميع الذين كانوا مشتاقين لعودة هذه المجالس بعد جائحة كورونا.
وقال إن المجالس فرصة لتقوية الروابط بين أبناء الوطن، وهذا نهج تعلمناه من القيادة الحكيمة لجلالة الملك المعظم الذي يحرص على التواصل مع الجميع، من خلال سياسة الباب المفتوح التي شهدناها خلال شهر رمضان المبارك، وكذلك الزيارات الكريمة التي قام بها صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء للمجالس.
وأضاف العريض أن المجالس الرمضانية تطرح مختلف القضايا والموضوعات في أجواء تسودها المودة والحب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك