«أخبار الخليج» تنشر تفاصيل الدليل البرلماني لإدماج احتياجات المرأة البحرينية في التنمية الوطنية
هالة الأنصاري: البحرين حرصت على توفير بيئة مؤسسية متجانسة لدعم قضايا المرأة والأسرة
مسؤول برلماني دولي: ضرورة تقاسم تجربة البحرين في البرلمانات العربية
أصدر الاتحاد البرلماني الدولي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة خريطة المرأة في السياسة، مؤكدا أن النساء يشغلن عددًا أكبر من أي وقت مضى مناصب صنع القرار السياسي في جميع أنحاء العالم، لكن التكافؤ بين الجنسين لا يزال بعيدًا، حيث تعرض الخريطة أحدث التصنيفات والتوزيع الإقليمي للمرأة في المناصب التنفيذية والبرلمانات الوطنية خلال العام الحالي، وتُظهر البيانات أن عدد النساء في مناصب القيادة السياسية، في الحكومة والبرلمان، قد ازداد بشكل عام، ولكن في بعض المناطق متخلفة عن الركب.
وقالت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة سيما بحوث: «تخبرنا هذه البيانات أن النساء مازلن يمثلن أقلية في رؤساء الدول والحكومات. لا يزال تمثيلهن ناقصًا إلى حد كبير في القيادة الحكومية، في أقل من واحد من كل أربعة وزراء في مجلس الوزراء، مع استمرار سيطرة الرجال على المناصب المهمة مثل الاقتصاد والدفاع والطاقة. تتطلب الديمقراطية الكاملة المشاركة المتساوية للمرأة في جميع عملياتها. ومع ذلك، فإن استمرار العنف والتهديدات -عبر الإنترنت وغير متصل- ضد القيادات النسائية والمرشحات والناخبين يفسد إمكانات أصواتهن ومعرفتهن لإحداث التغيير المطلوب بشكل عاجل لتحقيق الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي. لا يستطيع العالم تحمل استمرار هذا الظلم. نحن بحاجة إلى نقلة نوعية تحقق المساواة الحقيقية».
وقال الأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي مارتن تشونغونغ: «إننا نشهد تقدمًا مستمرًا في عدد النساء في السياسة هذا العام، وهو أمر مشجع. ومع ذلك، لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه للوصول إلى المساواة بين الجنسين عندما نرى معدلات النمو الحالية. مع الأزمات المترابطة لتغير المناخ والتوترات الجيوسياسية وعدم الاستقرار الاقتصادي وعدم المساواة الاجتماعية، يحتاج العالم إلى تسخير مواهب النساء بشكل أفضل وتشجيعهن على دخول السياسة عاجلاً وليس آجلاً».
وتظهر البيانات الجديدة أن عدد النائبات في البرلمان قد ارتفع إلى 22.7% مقارنة بـ20.9% في عام 2021. وتأتي الخريطة بعد إصدار تقرير المرأة في البرلمان السنوي للاتحاد البرلماني الدولي، والذي يظهر أن النسبة العالمية للنساء البرلمانيات قفزت إلى 26.5% مقارنة بـ25.5% في عام 2021.
وتكشف بيانات الاتحاد البرلماني الدولي حول النساء في البرلمان عن تفاوتات عالمية واسعة تحتل دول الشمال الأوروبي أعلى الترتيب الإقليمي (45.7% من أعضاء البرلمان من النساء) بينما تظل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في أسفل الترتيب (17.7% من أعضاء البرلمان هم من النساء).
الدليل البرلماني البحريني
وبهذه المناسبة تنشر «أخبار الخليج» تفاصيل الدليل البرلماني لإدماج احتياجات المرأة البحرينية في التنمية الوطنية، والذي أعده المجلس الأعلى للمرأة وتم عرضه من خلال الأستاذة هالة الأنصاري الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة خلال جلسة خاصة على هامش اجتماعات الجمعية العامة الـ146 للاتحاد البرلماني الدولي التي استضافتها مملكة البحرين الشهر الماضي.
وأكد الدليل أنه في إطار سعي المجلس الأعلى للمرأة بالشراكة مع كافة القطاعات على المستوى الوطني لإدماج احتياجات المرأة البحرينية في التنمية الوطنية وضمان عدالة إتاحة الفرص بين الجنسين، وذلك استنادا إلى الالتزامات والضمانات الدستورية التي قررت وضمنت مبدأ المساواة بين حقوقهم وواجباتهم كمواطنين ومواطنات، يعمل المجلس على اقتراح ووضع الآليات اللازمة لمتابعة تنفيذ «النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين» كآلية معتمدة لمتابعة إدماج احتياجات المرأة واستدامة مشاركتها في الحياة العامة، من خلال إجراء التعديلات اللازمة على التشريعات والقوانين والسياسات والموازنات وبما يتوافق مع الأولويات الوطنية.
وأضاف أنه بالنظر إلى ما تضطلع به السلطة التشريعية بمجلسيها من مسؤولية ودور مهم في كفالة وضمان ومراقبة ومتابعة تطبيق وإنفاذ الأحكام والالتزامات الدستورية من خلال مباشرة اختصاصاتها التشريعية والرقابية بما يكفل ويحقق العدالة والإنصاف بين المرأة والرجل، يأتي هذا الدليل كإحدى أدوات التنسيق بين المجلس الأعلى للمرأة والسلطة التشريعية لتوضيح دور البرلمانيات والبرلمانيين في نطاق الاستفادة من منهجية عمل «النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين» في مجالات عملهم، لتعزيز المنظومة التشريعية العادلة للمرأة البحرينية في كافة مراحلها العمرية وظروفها الاجتماعية.
ويعدّ الدليل خارطة إرشادية لسبل توظيف الصلاحيات التشريعية والرقابية بما يتفق مع غايات «النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين»، باعتباره نظاما متكاملا يعمل على حوكمة التطبيقات الوطنية في مجال تمكين وتقدم المرأة البحرينية وتحقيق التوازن بين الجنسين، فلا يمكن أن تحقق أي استراتيجية أو خطة مهما بلغت جودتها ومتانتها الأهداف الاستراتيجية المتوخاة منها ما لم يسندها ويعضدها المشرع بالتدابير التشريعية اللازمة، وهو ما يعول عليه من قبل البرلمانيات والبرلمانيين.
وشدد الدليل على أنه تم اعتماد النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين لحوكمة عمليات إدماج احتياجات المرأة في التنمية الوطنية على أسس عدالة إتاحة الفرص بين الجنسين، وللسلطة التشريعية دور مهم في متابعة تنفيذ النموذج على المستوى الوطني من خلال صلاحياته التشريعية الدستورية واختصاصاته.
وتضمن الدليل تحديدا لآليات تنفيذ محاور النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين ذات العلاقة بالسلطة التشريعية، والمتمثلة في السياسيات عبر مجالات اعتماد معيار إدماج احتياجات المرأة وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص لتحقيق التوازن بين الجنسين ضمن المعايير البرلمانية عند مناقشة واعتماد برنامج الحكومة، والمراجعة الدورية للقوانين لإزالة الفجوات التشريعية في القضايا ذات الأولوية للمرأة، وذلك يتحقق من خلال مؤشرات للأداء تتركز حول عدد البرامج التي تراعي احتياجات المرأة، عدد التشريعات التي تم تعديلها لتكون داعمة للتوازن بين الجنسين، عدد التشريعات الصادرة والتي تدعم تحقيق التوازن بين الجنسين، معدل التشريعات المراعية/ الداعمة للتوازن بين الجنسين، قياس تأثير التشريعات حيز التنفيذ الفعلي على المرأة المستفيدة، بالإضافة إلى القرارات التنفيذية الصادرة لدعم التوازن بين الجنسين بناء على متابعة السلطة التشريعية.
أما بشأن الموازنات فقد حدد الدليل البرلماني مجالاتها في اعتماد معايير احتياجات المرأة في التنمية الوطنية لتحقيق التوازن بين الجنسين كأحد المعايير الأساسية لإقرار الموازنة العامة، وفق مؤشرات أداء تتمثل في عدد الجهات التي التزمت بتعاميم وزارة المالية بشأن الموازنات المستجيبة لاحتياجات المرأة، عدد الجهات التي تخصص المؤشرات الرئيسية أو الأهداف الاستراتيجية للقضايا ذات الأولوية للمرأة ضمن موازنتها، حجم الميزانية «المعتمدة» المستجيبة لإدماج احتياجات المرأة، حجم الميزانية «المصروفة» المستجيبة لإدماج احتياجات المرأة، عدد الجهات التي التزمت بتضمين معيار احتياجات المرأة في موازناتها لثلاث سنوات أو أكثر، معدل الارتفاع في عدد الجهات التي قامت بإعداد موازنات مستجيبة لاحتياجات المرأة، مع قياس أثر تطبيق الموازنات المستجيبة على وضع المرأة العاملة/المستفيدة، من خلال قياس حجم الإنفاق والإسهام في الاقتصاد الوطني.
وخصص الدليل بندا لإدارة المعرفة تركزت مجالاته حول توظيف الثقافة المؤسسية لتكافؤ الفرص والتوازن بين الجنسين في العمل البرلماني، وتعزيز الخبرات ذات العلاقة بالمجال، توثيق وإبراز العمل البرلماني الداعم لإدماج احتياجات المرأة في التنمية وتحقيق التوازن بين الجنسين محليا وعلى المستوى الإقليمي والدولي، تطوير وبناء قواعد بيانات مصنفة بحسب الجنس فيما يخص أعضاء السلطة التشريعية والتشريعات الداعمة لإدماج احتياجات المرأة في التنمية لتحقيق التوازن بين الجنسين، الاطلاع على الدراسات والأدلة الإرشادية وتوظيف نتائجها، وتوظيف المؤشرات الكمية والنوعية لرصد إدماج احتياجات المرأة في التنمية لتحقيق التوازن بين الجنسين وفق مجال الاختصاص، وذلك وفق مؤشرات أداء تتمثل عــدد المقترحــات والقــرارات التــي نفــذت بتوصيــة مــن التقريــر الوطنــي للتــوازن بيــن الجنســين، عــدد المقترحــات والقــرارات التــي نفــذت بتوصيــة مــن دراســة أو تقريــر مختــص فــي شــأن المــرأة، عـدد الدراسـات المنفـذة مـن قبـل السـلطة التشـريعية فـي مجـال مـن مجالات متابعـة تنفيـذ النمـوذج، ومعدل الزيادة في نقل المعرفة للبرلمانات الدولية/الإقليمية.
وأفرد التقرير بندا حول التدقيق والرقابة وقياس الأثر حدد من خلاله مجالات توظيــف الأدوات البرلمانيــة لمراقبــة أوجــه تنفيــذ برنامــج عمــل الحكومــة والموازنــة العامــة للخطــط والبرامــج والمــوارد المخصصــة لتلبيــة احتياجــات المــرأة، وذلــك بالاستناد إلــى التقاريــر الدوريــة كالحسـابات الختاميـة وتقريـر ديـوان الرقابـة الماليـة والإدارية، ومراقبـة التـزام الجهـات بالقـرارات المتعلقـة بتطبيـق مبـدأ التـوازن بيـن الجنسـين، بالإضافة إلى رصـد وقيـاس أثـر تفعيـل صلاحيـات وأدوات السـلطة التشـريعية لإدماج احتياجـات المـرأة فـي التنميـة.
بيئة مؤسسية متجانسة
وفي تصريح خاص لـ«أخبار الخليج» أكدت هالة الأنصاري الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة أن البحرين بات لديها تجربة ناضجة في مجال المشاركة السياسية للمرأة البحرينية، حيث لا يوجد ارتباط مباشر بين زيادة أعداد المرأة في مراكز صنع القرار بواقع الحياة اليومية للمرأة العادية في منزلها ومجتمعها، لذلك حرصت مملكة البحرين على أن تسير المرأة في مسارين متوازيين، الأول أن يكون لديها صوت مسموع على طاولة صنع القرار، والثاني أن يكون هناك بيئة مؤسسية متجانسة مع متطلبات المرأة والأسرة، حيث يجب أن يكون هناك قناعة مشتركة حول الموضوعات المطروحة تحت قبة البرلمان.
واكدت التحدي هو بناء قناعات قبول الرأي والرأي الآخر، بحيث يجب أن يكون الرجل البرلماني على قناعة بالموضوعات ذات العلاقة بالمرأة والأسرة المطروحة للمناقشات داخل أروقة السلطة التشريعية، حتى نصل إلى مسطرة واحدة في تطبيق التشريعات.
لا عنف سياسي
وشددت دلال الزايد رئيسة لجنة الشؤون القانونية والتشريعية بمجلس الشورى على أهمية توثيق التجربة البحرينية في مجال تمكين وتقدم المرأة، وخاصة أن لدى المملكة تجربة متأصلة في هذا الشأن، لافتة إلى أن ما حققته المملكة لم يكن عشوائيا ولكنه تم بشكل مؤسسي عبر المجلس الأعلى للمرأة.
وأكدت الزايد أن المجلس الأعلى للمرأة قدم آلية لممارسة إدماج احتياجات المرأة في التنمية الوطنية، موضحة أن الجهود في المملكة تتم بصورة مؤسسية منظمة، وتشاركية بين المؤسسات سواء التشريعية أو التنفيذية أو الأهلية.
وأشارت دلال الزايد رئيسة لجنة الشؤون القانونية والتشريعية إلى أن المرأة البحرينية لم تعان من العنف السياسي، ولا يوجد شكوى واحدة بهذا الخصوص، ولم تسحب أي امرأة أي اقتراح برغبة أو بقانون في المجلسين بسبب ضغوط من بقية الأعضاء الرجال، بل على العكس فإن المبادرات تتميز بها النساء البرلمانيات في البحرين، وجهود المرأة البرلمانية مقدرة ليس على مستوى المجلس فحسب ولكن على مستوى الرأي العام والصحافة والإعلام.
وشددت دلال الزايد على أنه على مدار تاريخ العمل البرلماني في البحرين لم نشهد أي عنف سياسي من البرلمانيين الرجال، من خلال التأثير على آراء النساء البرلمانيات، بل هناك تشارك بيننا في المناقشات البرلمانية، كما هو الحرص على تمثيل المرأة في لجان مجلسي الشورى والنواب.
تقاسم تجربة البحرين
مع البرلمانات العربية
وقال نجيب الخدي رئيس جمعية الأمناء العامين للبرلمانات الوطنية إننا اطلعنا عن كثب على الإنجازات والتراكمات الإيجابية التي حققتها المرأة البحرينية في مسار تحقيق التوازن بين الجنسين وإدماج المرأة في الحياة العامة، وهناك الكثير من الممارسات الفضلى التي يمكن تقاسمها مع البرلمانات العربية والدولية، حيث إنجازات مملكة البحرين في مجال تمكين المرأة والتوازن بين الجنسين مشرفة.
وأكد أهمية العمل على تمكين المرأة إذ هو أجندة عالمية طبقا لأهداف التنمية المستدامة، والهدف الخامس منها مخصص للمساواة بين الجنسين، وهذه المساواة تسهم في تحقيق جميع الأهداف الأخرى، مؤكدا أهمية تسليط الضوء على التوازن بين الجنسين وتمكين المرأة في جميع المجالات، منها العمل السياسي والبرلماني.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك