يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
الصحافة تحت الحصار
والعالم يحتفل هذه الأيام باليوم العالمي لحرية الصحافة، كيف حال صحافة العالم اليوم؟
صحافة العالم تعيش أسوأ أوقاتها على الاطلاق. هذا امر يجمع عليه الكل في العالم.
محنة الصحافة في العالم بدأت منذ سنين طويلة لكنها تتفاقم يوما بعد يوم حتى وصلت إلى مستوى الأزمة الخانقة بكل معنى الكلمة. ينطبق هذا على حال الصحافة في كل دول العالم.
الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش في كلمته التي وجهها بمناسبة يوم حرية الصحافة العالمي لخص بشكل دقيق أبعاد أزمات الصحافة اليوم. قال: «حرية الصحافة تتعرض للهجوم في كل ركن من أركان العالم. فالحقيقة مهددة بالمعلومات المضللة وخطاب الكراهية وكلاهما يسعى إلى طمس الفرق بين الحقيقة والوهم، وبين العلم والمؤامرة.
إن ازدياد تمركز وسائل الإعلام في أيدي قلة قليلة والانهيار المالي لعشرات المؤسسات الإخبارية المستقلة، وزيادة القوانين واللوائح الوطنية التي تخنق الصحفيين، كل ذلك يزيد من تضييق طوق الرقابة ويهدد حرية التعبير».
بهذا الشكل المركز حدد الأمين العام الأسباب الرئيسية لأزمة الصحافة الحرة اليوم.
والحقيقة ان الصحافة اليوم تحت الحصار. هذا الحصار متعدد الأسباب والجوانب، لكن هناك ثلاثة مصادر وجوانب كبرى لهذا الحصار هي على النحو التالي:
الجانب الأول: ان المقومات الأساسية لحرية الصحافة غير متوفرة في كثير ان لم يكن اغلب دول العالم، بما في ذلك الدول الغربية التي تزعم ريادتها في مجال حرية الصحافة.
القضية هنا ليست فقط ان دولا تفرض قيودا مباشرة على حرية الصحافة وتكبلها لكنها أبعد من ذلك.
يكفي ان نشير هنا إلى ان أحد أكبر أركان حرية الصحافة الحق في الحصول على المعلومات الصحيحة الموثوقة.
تكاد تكون أغلب صحافة العالم محرومة اليوم من هذا الحق. الأمر ليس فقط أن دولا تحجب المعلومات لكن المناخ العالمي العام في مجال السياسة والاعلام يحجب هذا الحق.
المعلومات المزيفة المضللة أصبحت صناعة كبرى تجتاح العالم وخصوصا عبر الانترنت ومواقع التواصل. والكارثة الكبرى ان حكومات كثيرة أصبحت هي التي تروج للمعلومات المضللة. يكفي ان نتأمل المعلومات المتعلقة بحرب اوكرانيا وتطوراتها والكم الهائل من التزييف والتضليل الرسمي في هذه المعلومات.
الجانب الثاني يتعلق بالخطر الذي تواجهه الصحافة من الانترنت ومواقع التواصل. سبق للأمم المتحدة ان أصدرت تقريرا مطولا بهذا الشأن تحت عنوان «الصحافة تحت الحصار الرقمي».
القضية باتت أبعادها معروفة، وتتلخص في ان قطاعا كبيرا من القراء انصرفوا عن الصحافة إلى الانترنت والمواقع الإلكترونية. كما سحبت هذه المواقع قطاعا مهما من المعلنين التقليديين للصحف.
الجانب الثالث يتعلق بالطبع بالأزمات المالية الطاحنة التي تعاني منها كل صحف العالم للأسباب المعروفة من تراجع الإعلانات إلى تراجع الإقبال على الصحافة الورقية. الخ.
معروف ان هذه الأزمات المالية دفعت آلاف الصحف في العالم إلى ان تتوقف عن الصدور وآلافا أخرى إلى التحول إلى مجرد مواقع الكترونية.
الحديث يطول حول حصار الصحافة في العالم وما تواجهه من أزمات. لكن هناك اجماع في العالم كله على ان استمرار أزمات الصحافة على هذا النحو خطر يهدد الأمن القومي والديمقراطية والمجتمعات.
بالطبع هناك جدل طويل جدا حول الحلول الممكنة المطروحة لهذه الأزمات، لكن الحل الأكبر الذي يجمع عليه الكثيرون في العالم هو ان الحكومات يجب ان تبادر بدعم الصحف بكل سبل الدعم الممكنة واخراجها من أزماتها. وبالفعل بادرت كثير من دول العالم بتقديم الدعم للصحف بأشكال مختلفة.
المهم ان بقاء الصحافة تحت الحصار على هذا النحو يعني ان الديمقراطية والتجارب التنموية والمجتمعات نفسها تحت الحصار أيضا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك