يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
عودة سوريا.. هل انتهت المهزلة؟!
وزراء الخارجية العرب قرروا في اجتماعهم في القاهرة أمس عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.
بهذا القرار تنتهي واحدة من أكبر المهازل العربية التي استمرت 12 عاما
كاملة.. مهزلة إبعاد سوريا عن الجامعة.
حتى هذه اللحظة لا يستطيع المرء أن يفهم ماذا كان المنطق أو الحكمة من وراء اتخاذ قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة عام 2011.
في ذلك الوقت اندلعت الأحداث الداخلية المعروفة في سوريا وعدد من الدول العربية. اجتمع وزراء الخارجية العرب وناقشوا الوضع في سوريا ووضعوا ما أسموه خطة لوقف العنف والحوار بين الحكومة السورية والمعارضة والتوصل إلى حل سياسي للأزمة الداخلية. وبعد فترة وجيزة قيل إن الجهود العربية وصلت إلى طريق مسدود وفشلت في وقف العنف، ومن ثم قرروا تجميد عضوية سوريا في الجامعة وفتح حوار مع المعارضة السورية.
نتذكر أن الأحداث في الدول العربية في عام 2011 كانت متلاحقة ومتفجرة، وكان هناك قدر كبير من الارتباك والتخبط وعدم وضوح الرؤية على كل المستويات العربية الرسمية وغير الرسمية.
في ظل هذا المناخ المضطرب تم اتخاذ قرار تجميد عضوية سوريا بشكل متعجل وغير مدروس وبضغط شديد من دول عربية معروفة.
كان من الغريب أن يتم تجميد عضوية سوريا لهذه الأسباب التي أعلنت في ذلك الوقت؛ أي بسبب اندلاع أعمال احتجاجات داخلية وبحجة ضرورة وقف العنف وإيجاد حل سياسي لأزمة داخلية.
لو كانت هذه أسباب مقبولة لتجميد العضوية، فإن دولا عربية كثيرة معروفة كان من المفروض أن يتم تجميد عضويتها في الجامعة في ذلك الوقت أو حتى الآن.
عموما لم يمض وقت طويل بعد اتخاذ قرار تجميد عضوية سوريا حتى اتضحت نتائجه الكارثية على سوريا والدول العربية كلها.
من جانب لم تستطع الدول العربية أن تفعل شيئا لمعالجة الأزمة الداخلية في سوريا وتخبطت مختلف الدول في مواقف متناقضة.
ومن جانب آخر تركت الدول العربية الساحة السورية خالية، وكان من الطبيعي أن تملأها القوى الإقليمية والدولية بشكل مباشر. وهكذا أصبحت سوريا ساحة للوجود الإيراني والتركي والأمريكي والروسي.
وقد تابعنا في السنوات الماضية كيف أن حتى أدق القضايا الداخلية السورية مثل إعداد دستور جديد يتم مناقشتها في اجتماعات تضم إيران وتركيا وروسيا في ظل غياب عربي كامل.
كل هذا كان نتيجة قرار إبعاد سوريا عن الجامعة وسحب السفراء العرب.
ورغم اتضاح نتائج القرار على هذا النحو ظلت الدول العربية 12 عاما كاملة عاجزة عن تصحيح الوضع وإلغاء القرار.
حقيقة الأمر أن موضوع سوريا برمته على هذا النحو هو تجسيد لحالة الجمود والعجز التي يعاني منها النظام الرسمي العربي. القضية تجسد عجز النظام الرسمي العربي عن معالجة أي أزمة عربية في الوقت المناسب وبشكل رشيد فعّال يحفظ المصالح العربية العامة.
قضية سوريا نتاج لقرار عربي خاطئ اتخذ بشكل غير مدروس.
وحين اتضحت الآثار والنتائج الكارثية للقرار عجز النظام العربي عن تصحيحه، واحتاج إلى 12 عاما كي يدرك أن ثمة قرارا خاطئا تم اتخاذه ويجب تصحيحه.
والأمر العجيب أنه حتى حين اتخذ الوزراء العرب قرارا بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، فإنهم وضعوا شروطا ومتطلبات تثير الدهشة، هي نفسها بحاجة إلى نقاش.
لكل هذا نقول إنه صحيح أن قرار عودة سوريا وضع نهاية للمهزلة في حد ذاتها، لكن القضية برمتها كشفت عن مهازل أخرى وأوجه عجز للنظام الرسمي العربي لم تنته وتتجلى في قضايا أخرى كثيرة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك