العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

الاختلاف لا يفسد للوطن قضية

تحدثت‭ ‬أمس‭ ‬عن‭ ‬الحوار‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬انطلق‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وأهدافه‭ ‬والقضايا‭ ‬التي‭ ‬سيناقشها‭ ‬والآمال‭ ‬المعلقة‭ ‬عليه‭.‬

الحقيقة‭ ‬ان‭ ‬الفلسفة‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬عليها‭ ‬الحوار،‭ ‬والأسباب‭ ‬والمبررات‭ ‬التي‭ ‬دفعت‭ ‬الى‭ ‬تنظيمه‭ ‬تعطي‭ ‬لها‭ ‬أهمية‭ ‬عربية‭ ‬عامة‭. ‬أعني‭ ‬ان‭ ‬الحوار‭ ‬الوطني‭ ‬المصري‭ ‬هو‭ ‬تجربة‭ ‬تستحق‭ ‬المتابعة‭ ‬والدراسة‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها‭  ‬في‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

الحادث‭ ‬اليوم‭ ‬انه‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وكل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭  ‬ودول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬أصبحت‭ ‬الحكومات‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات‭ ‬هائلة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬فرضتها‭ ‬أزمات‭ ‬كبرى‭ ‬عصفت‭ ‬بالعالم‭ ‬كله‭ ‬وأثرت‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مناحي‭ ‬الحياة،‭ ‬من‭ ‬ازمة‭ ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬الى‭ ‬ازمة‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التطورات‭ ‬العالمية‭ ‬المتسارعة‭.‬

هذه‭ ‬الأزمات‭ ‬وما‭ ‬يرتبط‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬فرضت‭ ‬أوضاعا‭ ‬صعبة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬انعكست‭ ‬بالسلب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مجالات‭ ‬التنمية‭ ‬وكان‭ ‬لها‭ ‬انعكاسات‭ ‬اجتماعية‭ ‬قاسية‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬الشعوب‭.‬

‭ ‬وبالإضافة‭ ‬الى‭ ‬هذا‭ ‬فإن‭ ‬صورة‭ ‬المستقبل‭ ‬وما‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬تطورات‭ ‬وتحديات‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬واضحة‭ ‬وهو‭ ‬مفتوح‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الاحتمالات‭.‬

هذا‭ ‬الوضع‭ ‬والتعامل‭ ‬معه‭ ‬يتطلب‭ ‬بداهة‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬الاجتهاد‭ ‬والابتكار‭ ‬ووضوح‭ ‬الرؤية‭. ‬يتطلب‭ ‬خطوات‭ ‬مدروسة‭ ‬وسياسات‭ ‬رشيدة‭ ‬ووضع‭ ‬كل‭ ‬احتمالات‭ ‬المستقبل‭ ‬على‭ ‬الطاولة‭ ‬ووضوح‭ ‬رؤية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬احتمال‭ ‬ممكن‭.‬

نريد‭ ‬ان‭ ‬نقول‭ ‬ان‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬والأزمات‭ ‬الحالية‭ ‬عبء‭ ‬ثقيل‭ ‬جدا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يتحمله‭ ‬طرف‭ ‬واحد‭. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لطرف‭ ‬واحد‭ ‬ان‭ ‬يتحمل‭ ‬وحده‭ ‬مسئولية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للحكومات‭ ‬وحدها‭ ‬مثلا‭ ‬ان‭ ‬تتحمل‭ ‬المسئولية‭ ‬وحدها‭ ‬وان‭ ‬تنفرد‭ ‬وحدها‭ ‬بتقرير‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.‬

بعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬الصعبة‭ ‬تتطلب‭ ‬أوسع‭ ‬مشاركة‭ ‬ممكنة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬قوى‭ ‬المجتمع‭ ‬الرسمية‭ ‬وغير‭ ‬الرسمية‭. ‬تتطلب‭ ‬ان‭ ‬يساهم‭ ‬الكل‭ ‬في‭ ‬مناقشة‭ ‬الأوضاع‭ ‬الحالية‭ ‬وتقييم‭ ‬السياسات‭ ‬المتبعة‭ ‬وتقديم‭ ‬الرؤى‭ ‬والتصورات‭ ‬للأفضل‭ ‬والأنسب‭ ‬للعمل‭ ‬الوطني‭  ‬في‭ ‬الحاضر‭ ‬والمستقبل‭.‬

على‭ ‬ضوء‭ ‬هذا،‭ ‬فإن‭ ‬الحوار‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬انطلق‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬وأي‭  ‬حوارات‭ ‬شبيهة‭ ‬قد‭ ‬تجري‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بلد،‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬النتائج‭ ‬النهائية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تسفر‭ ‬عنها،‭ ‬مجرد‭ ‬تنظيمها‭ ‬بمشاركة‭  ‬مجتمعية‭ ‬واسعة‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬تطور‭ ‬ايجابي‭ ‬جدا‭ ‬وله‭ ‬مردود‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬امران‭:‬

الأول‭: ‬مجرد‭ ‬تنظيم‭ ‬الحوار‭ ‬يخلق‭ ‬مناخا‭ ‬وطنيا‭ ‬عاما‭ ‬إيجابيا‭ ‬جديدا‭. ‬الكل‭ ‬يشعر‭ ‬انه‭ ‬شريك‭ ‬في‭ ‬بحث‭ ‬قضايا‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬ومستقبله،‭ ‬وان‭ ‬رأيه‭ ‬وموقفه‭ ‬وتصوره‭ ‬له‭ ‬قيمة‭ ‬ودور‭.‬

بالطبع‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬ان‭ ‬يخفف‭ ‬من‭ ‬التوتر‭ ‬والاحتقان‭ ‬العام‭ ‬خاصة‭ ‬انه‭ ‬ليس‭ ‬خافيا‭ ‬ان‭ ‬الأزمات‭ ‬الراهنة‭ ‬وما‭ ‬ارتبط‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬أوضاع‭ ‬معيشية‭ ‬صعبة‭ ‬تثير‭ ‬عدم‭ ‬رضا‭ ‬او‭ ‬حتى‭ ‬غضبا‭ ‬عاما‭.  ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬انطلاق‭ ‬حوار‭ ‬مثل‭ ‬هذ‭ ‬ان‭ ‬يخفف‭ ‬هذا‭ ‬الاحتقان‭ ‬ويعطي‭ ‬املا‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

والثاني‭: ‬ان‭ ‬المشاركة‭ ‬الواسعة‭ ‬في‭ ‬الحوار‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬مختلف‭ ‬قوى‭ ‬المجتمع‭ ‬بكل‭ ‬توجهاتها‭ ‬وانتماءاتها‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬ان‭ ‬يضمن‭ ‬قدرا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الرشد‭ ‬فيما‭ ‬يتم‭ ‬التوصل‭ ‬اليه‭ ‬من‭ ‬تصورات‭ ‬واقتراحه‭ ‬من‭ ‬سياسات‭.‬

ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬فإن‭ ‬مشاركة‭ ‬القوى‭ ‬المعارضة‭ ‬ومن‭ ‬لهم‭ ‬آراء‭ ‬ومواقف‭ ‬وتصورات‭  ‬مخالفة‭ ‬له‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬اذ‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬اثراء‭ ‬الحوار‭ ‬وضمان‭ ‬وصوله‭ ‬الى‭ ‬نتائج‭ ‬ايجابية‭.‬

حين‭ ‬اعلن‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسي‭ ‬عن‭ ‬الحوار‭ ‬الوطني‭ ‬قال‭:‬

‮«‬الوطن‭ ‬يتسع‭ ‬لنا‭ ‬جميعا‭.. ‬والاختلاف‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬لا‭ ‬يفسد‭ ‬للوطن‭ ‬قضية‮»‬‭.‬

وهذا‭ ‬صحيح‭.‬

الوطن‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يتسع‭ ‬لكل‭ ‬أبنائه‭ ‬وكل‭ ‬قواه‭ ‬الوطنية‭ ‬الفاعلة‭ ‬سواء‭ ‬موافقة‭ ‬أو‭ ‬معارضة‭. ‬والاختلاف‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬والموقف‭ ‬والتوجه‭ ‬لا‭ ‬يفسد‭ ‬قضية،‭ ‬بل‭ ‬يثريها‭. ‬الاختلاف‭ ‬الوطني‭ ‬المسئول‭  ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الوطن‭ ‬وترشيد‭ ‬مسيرته‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا