يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
الاختلاف لا يفسد للوطن قضية
تحدثت أمس عن الحوار الوطني الذي انطلق في مصر وأهدافه والقضايا التي سيناقشها والآمال المعلقة عليه.
الحقيقة ان الفلسفة التي يقوم عليها الحوار، والأسباب والمبررات التي دفعت الى تنظيمه تعطي لها أهمية عربية عامة. أعني ان الحوار الوطني المصري هو تجربة تستحق المتابعة والدراسة والاستفادة منها في كل الدول العربية.
الحادث اليوم انه في مصر وكل الدول العربية ودول العالم في الحقيقة، أصبحت الحكومات تواجه تحديات هائلة على كل المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. هذه التحديات فرضتها أزمات كبرى عصفت بالعالم كله وأثرت على كل مناحي الحياة، من ازمة وباء كورونا، الى ازمة حرب أوكرانيا، وغيرها من التطورات العالمية المتسارعة.
هذه الأزمات وما يرتبط بها من تحديات فرضت أوضاعا صعبة على كل دول العالم انعكست بالسلب على كل مجالات التنمية وكان لها انعكاسات اجتماعية قاسية تعاني منها الشعوب.
وبالإضافة الى هذا فإن صورة المستقبل وما يحمله من تطورات وتحديات لا تبدو واضحة وهو مفتوح على كل الاحتمالات.
هذا الوضع والتعامل معه يتطلب بداهة أقصى درجات الاجتهاد والابتكار ووضوح الرؤية. يتطلب خطوات مدروسة وسياسات رشيدة ووضع كل احتمالات المستقبل على الطاولة ووضوح رؤية في التعامل مع كل احتمال ممكن.
نريد ان نقول ان مواجهة التحديات والأزمات الحالية عبء ثقيل جدا لا يمكن ان يتحمله طرف واحد. لا يمكن لطرف واحد ان يتحمل وحده مسئولية التعامل مع هذه الأوضاع. لا يمكن للحكومات وحدها مثلا ان تتحمل المسئولية وحدها وان تنفرد وحدها بتقرير كل شيء.
بعبارة أخرى هذه الأوضاع الصعبة تتطلب أوسع مشاركة ممكنة من كل قوى المجتمع الرسمية وغير الرسمية. تتطلب ان يساهم الكل في مناقشة الأوضاع الحالية وتقييم السياسات المتبعة وتقديم الرؤى والتصورات للأفضل والأنسب للعمل الوطني في الحاضر والمستقبل.
على ضوء هذا، فإن الحوار الوطني الذي انطلق في مصر، وأي حوارات شبيهة قد تجري في أي بلد، وبغض النظر عن النتائج النهائية التي يمكن ان تسفر عنها، مجرد تنظيمها بمشاركة مجتمعية واسعة هو في حد ذاته تطور ايجابي جدا وله مردود مباشر من زوايا كثيرة في مقدمتها امران:
الأول: مجرد تنظيم الحوار يخلق مناخا وطنيا عاما إيجابيا جديدا. الكل يشعر انه شريك في بحث قضايا العمل الوطني ومستقبله، وان رأيه وموقفه وتصوره له قيمة ودور.
بالطبع من شأن هذا ان يخفف من التوتر والاحتقان العام خاصة انه ليس خافيا ان الأزمات الراهنة وما ارتبط بها من أوضاع معيشية صعبة تثير عدم رضا او حتى غضبا عاما. ومن شأن انطلاق حوار مثل هذ ان يخفف هذا الاحتقان ويعطي املا في المستقبل.
والثاني: ان المشاركة الواسعة في الحوار من جانب مختلف قوى المجتمع بكل توجهاتها وانتماءاتها من شأنه في النهاية ان يضمن قدرا كبيرا من الرشد فيما يتم التوصل اليه من تصورات واقتراحه من سياسات.
ولهذا السبب فإن مشاركة القوى المعارضة ومن لهم آراء ومواقف وتصورات مخالفة له أهمية كبرى اذ من شأنه اثراء الحوار وضمان وصوله الى نتائج ايجابية.
حين اعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن الحوار الوطني قال:
«الوطن يتسع لنا جميعا.. والاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية».
وهذا صحيح.
الوطن يجب ان يتسع لكل أبنائه وكل قواه الوطنية الفاعلة سواء موافقة أو معارضة. والاختلاف في الرأي والموقف والتوجه لا يفسد قضية، بل يثريها. الاختلاف الوطني المسئول يسهم في بناء الوطن وترشيد مسيرته.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك