يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
هذا أمر لا يعنيكم
أثار قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية مواقف وردود فعل متباينة على الصعيدين العربي والعالمي أكثرها مرحب وبعضها متحفظ أو رافض.
من بين المواقف المعلنة، هناك مواقف محددة تستحق التوقف عندها.
أول هذه المواقف، الموقف الذي أعلنته أمريكا والدول الأوروبية.
أمريكا أعلنت أن قرار جامعة الدول العربية بعودة سوريا قرار خاطئ. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن «سوريا لا تستحق إعادتها إلى الجامعة العربية في الوقت الحاضر». البيت الأبيض أعلن أن الولايات المتحدة «لن تطبع مع النظام السوري»، وأن العقوبات الأمريكية «ستظل سارية بالكامل» على دمشق.
قبل كل شيء، يجب ألا ننسى أن أمريكا لعبت دورا أساسيا في الحال الذي وصلت إليه سوريا في السنوات الماضية من غرق في الإرهاب والفوضى ومن دمار وخراب. لسنا هنا في صدد مناقشة تفاصيل هذا الدور، لكنه يعني مبدئيا أن أمريكا ليس من حقها أن تزعم حرصها على سوريا والشعب السوري وعلى إنهاء الأزمة السورية.
بالطبع من حق أمريكا أن تتخذ أي موقف تشاء يخصها هي من سوريا ومن النظام السوري. من حقها مثلا أن تؤكد كما أعلنت بالفعل أنها لن تقوم بالتطبيع مع النظام السوري وستواصل فرض العقوبات. ومن حق الكونجرس الأمريكي مثلا، كما أعلن نواب بالفعل، أن يناقش مشروع قانون يطالب الإدارة الأمريكية «بعدم الاعتراف ببشار الأسد رئيسًا لسوريا وبتعزيز قدرة واشنطن على فرض عقوبات».
لكن الذي ليس من حق أمريكا قطعا هو أن تقحم نفسها في قرار هو شأن عربي بحت بالرفض أو القبول.
قرار عودة سوريا هو قرار يخص الدول العربية واتخذته الجامعة العربية. ما هو دخل أمريكا بما تقرره الدول العربية نفسها؟ أمريكا ليست وصية على الدول العربية، وليست في موقع يتيح لها أن تحدد ما هي المصلحة العربية وما هي القرارات التي تخدمها.
الأمر الغريب أن البعض في أمريكا، وخصوصا في الكونجرس، لا يريدون أن يكتفوا بمثل هذ التدخل السافر في شأن عربي، بل وصل بهم الأمر إلى حد اقتراح أن تفرض أمريكا عقوبات على الدول العربية التي توافق على عودة سوريا إلى الجامعة. المشروع الذي من المفروض أن يناقشه الكونجرس يدعو وزارة الخارجية الأمريكية إلى «وضع استراتيجية لخمس سنوات حول كيفية مواجهة عمليات التطبيع مع النظام السوري». كما يدعو المشروع إلى «فرض عقوبات على الدول التي تسمح لشركة الطيران الرسمية السورية باستخدام مطاراتها».
باختصار كما نرى، هذا الموقف الأمريكي يبين أن المسؤولين والمشرعين الأمريكيين مازالوا يعيشون في العصر الذي كانوا فيه يتصرفون بمنطق أن من حقهم أن يفرضوا ما يشاؤون على الدول العربية. ولا يدركون أن هذا العصر انتهى.
الاتحاد الأوروبي كان موقفه أقل حدة واستفزازا وحاول مسك العصا من المنتصف، إذ أعلن المتحدث باسم الاتحاد أن المسؤولين سيقيّمون قرار قبول عودة سورية إلى جامعة الدول العربية و«تداعياته المحتملة» على السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وأنه سيتم إجراء محادثات «مع الشركاء في المنطقة لمعرفة أسباب هذا القرار أو التوقعات منه». في الوقت نفسه أكد أن الاتحاد الأوروبي يستبعد حاليا تطبيع العلاقات مع نظام الأسد ورفع العقوبات المفروضة عليه «ما لم يكن هناك تحرك نحو حل سياسي يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة» و«وقف اضطهاد وقمع السوريين».
الخلاصة فيما يتعلق بالموقف الأمريكي والأوروبي أمران يجب أن نقولهما لهم:
الأول: لا تتدخلوا في أمر لا يعنيكم. لستم أوصياء على الدول العربية.
والثاني: من المستفز أن تصوروا أنفسكم كما لو كنتم أكثر حرصا من الدول العربية على الشعب السوري ومصلحته ومستقبله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك