العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الاقتصاد المعرفي ومستقبل الدول العربية

بقلم: محمد عيسى الكويتي

الخميس ١٨ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

بمناسبة‭ ‬يوم‭ ‬الأبحاث‭ ‬العلمية‭ ‬الطبية‭ ‬السنوي‭ ‬ننتهز‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭. ‬يتم‭ ‬تقييم‭ ‬الجامعات‭ ‬العالمية‭ ‬وفق‭ ‬قدراتها‭ ‬البحثية‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬المعرفة،‭ ‬فهذا‭ ‬ما‭ ‬يميز‭ ‬الجامعات‭ ‬العريقة‭ ‬عن‭ ‬الجامعات‭ ‬الأخرى‭. ‬للأسف‭ ‬في‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الإيفاء‭ ‬بمتطلبات‭ ‬هذه‭ ‬المعايير‭ ‬وقليل‭ ‬منها‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬أفضل‭ ‬500‭ ‬جامعة‭. ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬استطاعت‭ ‬جامعة‭ ‬الملك‭ ‬سعود‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬تحقيق‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬المعيار‭. ‬لكن‭ ‬الأهم‭ ‬أن‭ ‬يتوفر‭ ‬زخما‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ ‬العربية‭ (‬كتلة‭ ‬حرجة‭) ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬اختراق‭ ‬عالم‭ ‬إنتاج‭ ‬المعرفة‭ ‬والابتكار‭ ‬واللذين‭ ‬يعدان‭ ‬أساس‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وتحسين‭ ‬مستويات‭ ‬المعيشة‭. ‬فالإبداعات‭ ‬والاكتشافات‭ ‬لا‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬فراغ‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬العقول‭ ‬المنفردة‭ ‬المنعزلة‭. ‬إن‭ ‬حوار‭ ‬المبدعين‭ ‬من‭ ‬التخصصات‭ ‬المختلفة‭ ‬يمثل‭ ‬وقود‭ ‬الفكر‭ ‬النقدي‭ ‬ومولد‭ ‬للأفكار‭ ‬والابتكار‭. ‬مناسبة‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬اقتصاديات‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مازالت‭ ‬تعتمد‭ ‬في‭ ‬نشاطها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وإيرادات‭ ‬حكوماتها‭ ‬على‭ ‬عوائد‭ ‬المواد‭ ‬الخام‭ ‬النفطية‭ ‬أو‭ ‬السياحة‭ ‬ولم‭ ‬تدخل‭ ‬عالم‭ ‬الصناعة‭ ‬والإنتاج‭ ‬بعد،‭ ‬وربط‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بالميزانية‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ضرائب‭ ‬الدخل‭ ‬والثروة‭. ‬

السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يراود‭ ‬مفكري‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العربي‭ ‬والخليجي‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬ويدور‭ ‬في‭ ‬حوارات‭ ‬وكتابات‭ ‬المهتمين‭ ‬بالشأن‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والتنموي‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬هو‭: ‬‮«‬ماذا‭ ‬بعد‭ ‬النفط»؟‭. ‬يطرح‭ ‬البعض‭ ‬التغيرات‭ ‬الديمغرافية‭ (‬الزيادة‭ ‬السكانية‭) ‬والتضخم‭ ‬العالمي‭ ‬كعوامل‭ ‬ضغط‭ ‬لضرورة‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬بدائل‭ ‬قبل‭ ‬2050‭. ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬تبقى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تابعة‭ ‬اقتصاديا،‭ ‬ضعيفة‭ ‬المساهمة‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬مستقبلها؟‭! ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬مطروح‭ ‬ضمنيا‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬ما‭ ‬يكتب‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬وفي‭ ‬الحوارات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والرؤى‭ ‬الوطنية‭ ‬وفي‭ ‬الندوات‭ ‬العامة‭. ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬الدولة‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬اقتصاد‭ ‬الإنتاج‭ ‬واقتصاد‭ ‬المعرفة‭ ‬وبناء‭ ‬القدرات‭ ‬وعناصر‭ ‬النجاح‭ ‬فيه؟‭ ‬أم‭ ‬إنها‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬التحول؟

المحرك‭ ‬الأساسي‭ ‬للتقدم‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬متطلبات‭ ‬السؤال‭ ‬المطروح‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعليم‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬والتحرر‭ ‬الفكري‭ ‬والكفاءة‭ ‬المؤسسية‭ ‬والإصلاحات‭ ‬السياسية‭. ‬مالم‭ ‬تحقق‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تقدما‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المقومات‭ ‬فقد‭ ‬يستمر‭ ‬التراجع‭ ‬في‭ ‬مستويات‭ ‬المعيشة‭ ‬المادية‭ ‬والمعنوية‭ ‬وتضر‭ ‬بالأمن‭ ‬الوطني‭ ‬والعربي‭ ‬والدخول‭ ‬في‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬والاضطرابات‭. ‬فهل‭ ‬تحظى‭ ‬الجامعات‭ ‬العربية‭ ‬ومراكز‭ ‬الأبحاث‭ ‬فيها‭ ‬بالرعاية‭ ‬والدعم‭ ‬الكافيين‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها؟‭ ‬وهل‭ ‬تدرك‭ ‬القيادات‭ ‬المختلفة‭ ‬أهمية‭ ‬تنمية‭ ‬القدرات‭ ‬الإنتاجية‭ ‬والابتكارية‭ ‬والتنافسية‭ ‬وما‭ ‬تتطلبه‭ ‬من‭ ‬انفتاح‭ ‬واستقرار‭ ‬سياسي‭ ‬وتنوع‭ ‬فكري‭ ‬وتعددية‭ ‬اجتماعية‭ ‬وأمن‭ ‬اقتصادي؟

بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أداء‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬واقتصاد‭ ‬المعرفة‭ ‬هناك‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬النتيجة‭ ‬تحتاج‭ ‬مراجعة‭ ‬الموقف‭ ‬منها‭ ‬والسياسات‭ ‬المعتمدة‭ ‬لتنميتها‭. ‬فوفق‭ ‬مؤشر‭ ‬الابتكار‭ ‬ومؤشر‭ ‬اقتصاد‭ ‬المعرفة‭ ‬ومؤشر‭ ‬التنافسية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مؤشرات‭ ‬التنمية‭ ‬فإن‭ ‬التعليم‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬والانفتاح‭ ‬يأخذون‭ ‬مركز‭ ‬الصدارة‭. ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المؤشرات‭ ‬يمكن‭ ‬استنتاج‭ ‬العوامل‭ ‬المؤثرة‭ ‬والداعمة‭ ‬للتقدم‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬وبالتالي‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬وتحسين‭ ‬مستويات‭ ‬المعيشة‭ ‬وجودة‭ ‬الحياة‭ ‬للمواطنين‭.‬

فمثلا‭ ‬مؤشر‭ ‬المعرفة‭ ‬العالمي‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬سبع‭ ‬قطاعات‭ ‬وعناصر،‭ ‬ثلاثة‭ ‬منها‭ ‬تتعلق‭ ‬بالتعليم‭ ‬والرابع‭ ‬بالبحث‭ ‬العلمي‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الأهم‭ ‬والذي‭ ‬تتراجع‭ ‬معدلات‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬فيه‭ ‬هو‭ ‬عنصر‭ ‬‮«‬البيئة‭ ‬التمكينية‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬يشمل‭ ‬متغيرات‭ ‬مثل‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬وحرية‭ ‬الصحافة،‭ ‬ومستوى‭ ‬البطالة‭ ‬بين‭ ‬الشباب،‭ ‬ومستوى‭ ‬التمكين‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ (‬تشمل‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬الفعالة‭) ‬والمستوى‭ ‬الصحي‭ ‬والبيئي‭. ‬فهذه‭ ‬عناصر‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬البيئة‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬تحمل‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬المعرفية‭ ‬والاستثمارية‭. ‬نتيجة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العنصر‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬كانت‭ ‬48%‭ ‬بينما‭ ‬متوسط‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬82%‭.‬

بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬مؤشر‭ ‬الابتكار‭ ‬وبناء‭ ‬القدرة‭ ‬الابتكارية‭ ‬فيتكون‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬عناصر‭ ‬هي‭ ‬شبكات‭ ‬الريادة،‭ ‬الموارد‭ ‬المالية،‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية،‭ ‬الثقافة‭ ‬الوطنية،‭ ‬والكفاءة‭ ‬المؤسسية‭. ‬يضع‭ ‬المؤشر‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬للتعليم‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬ومستوى‭ ‬الإنفاق‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬على‭ ‬البحث‭ ‬ومدى‭ ‬التعاون‭ ‬بينهما،‭ ‬ونسبة‭ ‬المتعلمين‭ ‬والجامعيين‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬ونسبتهم‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬يشمل‭ ‬المؤشر‭ ‬الكفاءة‭ ‬المؤسسية‭ ‬والتي‭ ‬تتضمن‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬وحكم‭ ‬القانون‭ ‬ومستوى‭ ‬الفساد‭ ‬ومدى‭ ‬خضوع‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬للمساءلة‭. ‬غير‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يلفت‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬الابتكار‭ ‬ومؤشر‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المعرفي‭ ‬أهمية‭ ‬الثقافة‭ ‬الوطنية‭ ‬وما‭ ‬تتفرع‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬متغيرات‭ ‬تتعلق‭ ‬بمدى‭ ‬التشاركية‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬بجميع‭ ‬أنواعها،‭ ‬ونظرة‭ ‬المجتمع‭ ‬إلى‭ ‬الفردانية‭ ‬والاستقلال‭ ‬الفكري‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬الاختلاف‭ ‬والتعبير‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬خوف‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬المجتمع‭ ‬له‭ ‬أو‭ ‬تعرضه‭ ‬لإرهاب‭ ‬فكري‭ ‬يمنع‭ ‬الحرية‭ ‬الفكرية‭ ‬وحرية‭ ‬التعبير‭ ‬وحق‭ ‬الاختلاف‭. ‬فالحرية‭ ‬الفكرية‭ ‬وحرية‭ ‬التعبير‭ ‬وحرية‭ ‬الصحافة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مرتكزات‭ ‬هذه‭ ‬المؤشرات‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬مؤشر‭ ‬التنافسية‭ ‬العالمي‭. ‬فقد‭ ‬تُحقق‭ ‬الدولة‭ ‬مراكز‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬المؤشر‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬أدائها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الفعلي،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬حد‭ ‬أدنى‭ ‬في‭ ‬عناصر‭ ‬البيئة‭ ‬التمكينية‭ ‬من‭ ‬حريات‭ ‬عامة‭ ‬وكفاءة‭ ‬مؤسسية‭ ‬وتشاركية‭ ‬لكي‭ ‬يترجم‭ ‬الأداء‭ ‬إلى‭ ‬تقدم‭ ‬فعلي‭.‬

في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬متطلبات‭ ‬هذه‭ ‬المؤشرات‭ ‬من‭ ‬إصلاحات‭ ‬سياسية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وفكرية‭ ‬فإن‭ ‬الرؤية‭ ‬التعليمية‭ ‬التقليدية‭ ‬ووسائلها‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬لمعالجة‭ ‬تحديات‭ ‬المنطقة‭ ‬لإحداث‭ ‬هذا‭ ‬التحول،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬لمعالجة‭ ‬مشاكل‭ ‬آنية‭ ‬ومستمرة‭ ‬مثل‭ ‬تجويد‭ ‬مخرجات‭ ‬التعليم‭ ‬وبناء‭ ‬رأس‭ ‬مال‭ ‬بشري‭ ‬لتلبية‭ ‬متطلبات‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬نحو‭ ‬الدولة‭ ‬المنتجة‭ ‬وغير‭ ‬كافية‭ ‬لتأهيل‭ ‬المواطن‭ ‬والمجتمع‭ ‬والاقتصاد‭ ‬لضروريات‭ ‬التنافسية‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬المحلية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والعالمية‭.‬

التغيير‭ ‬يتطلب‭ ‬إحداث‭ ‬تحولات‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬لتواكب‭ ‬متطلبات‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الرابعة‭ ‬وما‭ ‬بعدها‭. ‬الفرضية‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬العربي‭ ‬غير‭ ‬مؤهل‭ ‬ثقافيا‭ ‬وفكريا‭ ‬لاستيعاب‭ ‬التحولات‭ ‬ومقتضياتها‭ ‬المعرفية‭ ‬والفكرية‭ ‬والثقافية‭ ‬والعلمية‭ ‬ليس‭ ‬صحيحا‭. ‬لكي‭ ‬ندحض‭ ‬هذه‭ ‬الفرضية‭ ‬على‭ ‬القيادات‭ ‬والشعوب‭ ‬العربية‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬من‭ ‬نظرتها‭ ‬إلى‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المجتمع‭ ‬والدولة‭ ‬وعدم‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬القيادات‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬برزت‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬مع‭ ‬الحركات‭ ‬القومية‭.‬

‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬اليوم‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬المجتمع‭ ‬وقرارات‭ ‬صادرة‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬تخضع‭ ‬للمساءلة‭ ‬والرقابة‭ ‬وتتعرض‭ ‬قراراتها‭ ‬للنقاش‭ ‬والحوار‭ ‬والنقد‭ ‬والتصحيح‭ ‬التلقائي‭ (‬أو‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬الابتكار‭ ‬power‭ ‬distance‭).‬

العالم‭ ‬العربي‭ ‬أمام‭ ‬تحدٍ‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭ ‬الداعمة‭ ‬للابتكار‭ ‬والإبداع‭ ‬والمشاركة‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬اقتصاد‭ ‬المعرفة‭ ‬والفاعلية‭ ‬في‭ ‬التنافسية‭ ‬العالمية‭. ‬من‭ ‬دون‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والفكرية‭ ‬سوف‭ ‬يستمر‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬تحت‭ ‬سلطة‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬التسلطية‭ ‬وضحية‭ ‬لصراعاتها‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬حاليا،‭ ‬وتحت‭ ‬هيمنة‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬واستغلالها‭ ‬لمواردها‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬زرع‭ ‬الفتن‭ ‬لإبقائه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الحراك‭ ‬ودخول‭ ‬المنافسة‭ ‬المتكافئة‭ ‬في‭ ‬اقتصاد‭ ‬إنتاجي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬الابتكار‭ ‬والإبداع‭. ‬

drmekuwaiti@gmail‭.‬com‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا