(68) مُحيط: كما في قوله تعالى (إنه بكل شيء محيط) فصلت (54).
والإحاطة تدل على وجهين:
أحدهما: في الأجسام نحو أحطت بمكان كذا، أو تستعمل في الحفظ نحو (إنه بكل شيء محيط) فصلت (54)، أي حافظ له من جميع جهاته، وتستعمل في المنع نحو (إلا أن يُحَاطَ بكم) يوسف (66)، أي إلا أن تُمنعوا، وقوله (وأحاطت به خطيئته) البقرة (81)، فذلك أبلغ استعارة، وذلك أن الإنسان إذا ارتكب ذنبا واستمر عليه استجرَّه إلى معاودة ما هو أعظم منه، فلا يزال يرتقي (في المعصية) حتى يُطبع على قلبه، فلا يمكنه أن يخرج عن تعاطيه.
الاحتياط: استعمال ما فيه الحياطة: أي الحِفْظ.
والوجه الثاني: في العِلْم نحو قوله تعالى: (أن الله قد أحاط بِكُلِّ شيء علما) الطلاق (12) وقوله عز وجل (إن رَبِّي بِمَا تعملون مُحِيط) هود (92). والإحاطة بالشيء علما هي أن تَعْلَم وجوده وجِنْسه وقدْره وكيفيته، وغرَضه المقصود به، وبإيجاده وما يكون به ومنه، وذلك ليس إلا لله تعالى، وقال عز وجل (بل كَذَّبُواْ بِمَا لم يُحِيطُواْ بعلمه) يونس (39)، فنفى ذلك عنهم، وقال صاحب موسى (وكيف تصبر عَلَى مَا لم تحط به خبرا) الكهف (68) تنبيها أن الصبر التام إنما يقع بعد إحاطة العلم بالشيء، وذلك صعب إلا بفيض إلهي (انتهى) (مفردات ألفاظ القرآن الكريم – الراغب الأصفهاني (مرجع سابق) (ص 266)).
(69) حَيْف: كما في قوله تعالى (أم يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ الله عليهم ورسوله بل أولئك هُمُ الظالمون) النور (50). والحيْفُ: الميل في الحكم، والجنوح إلى أحد الجانبين، أي يخافون أن يجور في حُكْمه، ويقال تحيَّفتُ الشيء أخذته من جوانبه. (المرجع السابق).
(70) دمدم: كما في قوله تعالى: (فدمدم عليهم رَبُّهُم بذنبهم فسواها) الشمس (14) أي: أهلكهم وأزعجهم وقيل الدَّمْدَمَةُ حكاية صَوْت الهدَّة ومنه دمدم فلان في كلامه، ودمَّمْتُ الثوب: طليته بصبغ ما، والدِّمام ما يُطلى به. (المرجع السابق، ص 317).
(71) رجس: كما في قوله تعالى (رجس من عَمَلِ الشيطان) المائدة (90).
الرجس: الشيء القذر، يقال: رَجُلٌ رجْس، ورجال أرْجاس قال تعالى (رجس من عمل الشيطان) المائدة (90).
والرجس يكون على أربعة أوجه:
إما من حيث الطبع، وإما من جهة العقل، وإما من جهة الشرع، وإما من كل ذلك، كالميتة، فإن الميتة تُعاف طبعا وعقلا وشرعا.
والرجس من جهة الشرع: الخمر والميْسر، وقيل: إن ذلك رجس من جهة العقل وعلى ذلك نبَّه تعالى: (وإثمهما أكبر مِن نفعهما) البقرة (219)، لأن كل ما يُوفي (يزيد) إثمه على نفعه فالعقل يقتضي تجنبه، وجَعَلَ الكافرين رجْسا من حيث إن الشرك بالعقل أقبح الأشياء، قال تعالى (وَأمَّا الذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فزادتهم رجسا إلَى رجسهم) التوبة (125) وقيل الرجس: النَّتْنُ، وقيل العذابُ وذلك كقوله: (إنَّمَا المشركون نَجَسٞ) التوبة (28) (أو لحم خِنزِيرٖ فإنه رجس) الأنعام (145) وذلك من حيث الشرع، وقيل رجْسٌ ورجزٌ للصوت الشديد. (مفردات ألفاظ القرآن، المرجع السابق، ص 342).
(72) رجال: كما في قوله تعالى (مِّنَ المؤمنين رِجَال) الأحزاب (23).
وكلمة الرجولة: أو الرجل أو الرجال لا تقتصر دلالتها على معناها اللغوي الأصلي أو الاصطلاحي فحسب، بل تفهمنا مدلولا عرفيا خاصا يراد به في كثير من الأحيان مجموعة من صفات القوة والشرف والكرم وحسن الخلق حتى صح لأبي حفص النيسابوري أن يجيب من سأله: من هم الرجال؟ بقوله: القائمون مع الله تعالى بوفاء العهود، قال الله تعالى: (مِّنَ المؤمنين رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَهَدُواْ اللهَ عليه) الأحزاب (23)، وقال النيسبوري أيضا: لكل وقت أدب، ولكل مقام أدب فمن لزم آداب الأوقات بلغ مبلغ الرجال.
من هنا صرنا نقول في مدح الشخص المتصف بالرجولة (إنه رجل)، ولا نريد به (الذكر) ضد الأنثى، بل نريد الثناء عليه ووصفه بأنه ذو نخوة وأريحية وكرم وشهامة، وأن عنده رجولية تدعو إلى مكارم الفعال وتصده عن مواطن الرذيلة (معالم الرجولة في القرآن الكريم، عبد الكريم صالح، دار المحدثين، القاهرة: مصر (د.ط.) (ص 14) (2004م)).
وليس كل ذكر رجلا إنما الرجولة كلمة لها وقعها (ومدلولاتها) وصفة من أعظم الصفات، وسلوك راق، وموقف إنساني ينبع من (دين الله) الإسلام، ويترجم أحكامه ومبادئه إلى واقع ملموس مشاهد (المرجع السابق، ص 20).
(73) الصَلَاحْ: كما في قوله تعالى (وَلَا تفسدوا فِي الأرض بعد إصلاحها) الأعراف (56).
الصلاح ضد الفساد: وهما مختصان في أكثر الاستعمال بالأفعال، وقوبل في القرآن تارة بالفساد، وتارة بالسيئة قال تعالى: (خَلَطُواْ عملا صالحا وآخر سَيِّئًا) التوبة (102) (وَلَا تفسدوا فِي الأرض بعد إصلاحها) الأعراف (56) (والذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات) البقرة (82) في مواضع كثيرة، والصلح يختص بإزالة النفار بين الناس، يقال منه، اصطلحوا وتصالحوا قال: (أن يصلحا بينها صلحا والصلح خير) النساء (128) (وَإن تصلحوا وَتَتَّقُواْ) النساء (129) (فأصلحوا بينهما) الحجرات (9) (فأصلحوا بين أخويكم) الحجرات (10).
وإصلاح الله تعالى الإنسان يكون تارة بخلقه إياه صالحا، وتارة بإزالة ما فيه من فساد بعد وجوده، وتارة يكون بالحكم له بالصلاح، قال تعالى: (وأصلح بالهم) محمد (2)، (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) الأحزاب (71)، (وأصلح لِي فِي ذريتي) الأحقاف (15)، (إنَّ الله لَا يصلح عَمَلَ المفسدين) يونس (81) أي المفسد يضادُّ الله في فعله، فإنه يفسد والله تعالى كل أفعاله صلاح فهو إذا لا يصلح (عمل المفسد). (مفردات الفاظ القرآن (مرجع سابق) (ص 490).
والحمد لله رب العالمين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك