بقلم: د. أحمد علي سليمان
أخلاق النبي (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وآله وسلَّمَ) كالماء العذب السلسبيل، الطاهر المطهِر، الذي يُطهر القلوبَ، والعقول، والوجدانَ، والأجسامَ مِن الأدرانِ، والعوالق، والعوائق التي تعيق طريق الإيمان وسبيل الإحسان.
وأخلاق النبوة في كل وقت كالغيث النافع أينما حلَّ نفع، وكلما طوفنا شرقًا وغربًا، شمالا وجنوبًا، طولا وعرضًا وعمقًا، بل كلما مرت الأيام والشهورُ والسنونُ والدهورُ ازدادت حاجتنا وحاجة البشرية إليها، وازددنا تعلقا بصاحبها، صاحب الخُلُق العظيم، ولعل هذا ما يفسر الحب العميق اللامتناهي لسيدنا محمد (صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم)، وازدياد المنتسبين إليه، والمتسمين باسمه في شتى أنحاء المعمورة، ولمَ لا وهو رحمة الله للعالمين، والسراج المنير، الهادي إلى طريق الله المستقيم.
إنه النور المبين الذي أضاء الله تعالى به العقول والقلوب والدروب... يقول الحق سبحانه وتعالى: (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ) (المائدة: 15)، فالمراد بالنور - كما قال كثير من العلماء والمفسرين - هو سيدنا محمد (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وآله وسلَّمَ)، الذي أنار الله تعالى به الحقَّ، وأظهر به الإسلام، ومحق به الشرك، فهو نور لمن استنار به، يُبِين الحقَّ، ويقضي على الباطلِ، ويُعلم الجاهلَ، ويُرشد الحائرَ، ويهدى الضَّالَّ إلى طريق الله...
وإذا كان الشاعر العربي الكبير كعب بن زهير، قد قال -منذ أكثر من أربعة عشر قرنا - هذه الحقيقة، التي كُتب لها الخلود:
إِنَّ الرَّسُولَ لَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ مَسْلُولُ
فإن هذه الحقيقة ستظل شامخةً، باذخةً، حاضرةً، ماثلةً على عروش القلوب، وعلى صفحات الكونِ والحياةِ، أكدتها وتؤكدها ألسنةُ الخلق، وأسَلاتُ الكون - الأَسَلَة: طرف الشّيء، والمراد أطراف ألسنة الكون - وأفواهُ الحياة على الدوام. ومن هنا نعلنها للعالمين:
استعينوا على عظائم الأمور بكثرة الصلاة على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهيا بنا نتلمَّسُ هذا النور في حياتنا، وعندها سنفرح ونسعد ونرقى ونرتقي.
فاللهم نَوِّر قلوبَنا، وعقولَنا، ودروبَنا، وحياتنا من نورِ نورِك، ومن نورِ كتابِك الكريم، ومن النور الذي أفضت به على نبيكِ العظيم، ووضئنا بأخلاقه... اللهم رضه عنَّا، وارض عنَّا برضاه عنَّا، واجعلنا أهلا للتقلي عنه والأخذ منه.. اللهم وضئنا بأخلاقه العظيمة، وحقق أمانينا برؤيته وزيارته وشفاعته، يا رب العالمين.
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك