التمثيل هو الخروج عن طبيعة حياة مؤدي الدور (الممثل) وانسلاخ تام عن شخصيته في رهف الحياة والدخول في شخصية أخرى كتبها مؤلف في نص مسرحي (مسرحية) بفكرة وقصة وشخوص وربما زمن معين نبعت من جوف دماغه وهي في الحقيقة جزء خيالي محدد.. له بداية اقتطعت من زمن ما.. من حياة إنسان يتحدث بشخصيته الخيالية رسمها هو المؤلف بكيان مرئي ومسموع نابعة من فكره بمقومات وصفات مختلفة ذات معنى عاش معها يقلب في صفحات حياتها ذات اليمين وذات الشمال حتى تتلقف هذه الشخصية خشبة المسرح لتتحول إلى لحم وعظام ودم وما أن ينتهي عرض المسرحية حتى تصبح سرابا مرة ثانية، حروفا على ورق.
الفنان حسين عبد علي عندما يعرض عليه أي عمل مسرحي لأي مؤلف كان يتلقى من النص ومن المخرج ومن خياله المفتوح وما تفرض عليه الشخصية الروح الحقيقية للشخصية فيجمع كل ما تلقاه مسيطراً عليه بقدرته الفنية الإبداعية ليتحول إلى مخلوق كيميائي يصنع منها تركيبة وكياناً في أعماقه ويقدمها على خشبة المسرح وجبة فنية متكاملة الإبداع دسمة الشكل لذيذة المشاهدة جاذبة للسمع والأبصار ويقينيا بأن هذا الفنان بدأ مشواره الفني المسرحي مكتز الرغبة في التمثيل ومؤكدا أنه عمل على تكوين نفسه كممثل من خلال التدريب العالي المحترف والمتابعة والإصرار بهدف أن يتبوأ رصيداً محترماً ومتقناً في العروض التي يتلقاها بصفات الممثل المحترف والمتمكن من أدواته المسرحية وكان آخرها مسرحية طفل زائد عن الحاجة . جسد حسين عبد علي ومازال ينتظر من المخرجين أيضاً ما هو أقوى وأصعب في أداء دور يتحداه ليطلق عنان فنه المخزون في خلال هذا النص وأنا حقيقة أعرف أنه يتصف بالممثل والمحارب الشرس الذي يقف على الخشبة مواجهاً ومستعداً لتقديم أي نوع عليها يحاكي العرض الذى يقدمه للمشاهدين بحيلة الفنان المراوغ لهذا النص فنراه يفوز على شخصيته التي رشح لها، لقد استطاع حسين عبد علي أن يتلون كالحرباء ويمكر ويتحايل على أدواره ويوقعها في شباك إبداعه بل بؤرة الإبداع الذي يتصف به بسبب عقله الواعي وجسده المطواع وإيماءته وسرعة بديهيته على الخشبة وبجميع هذه الصفات يقودها كفارس ممتط دوره متمكن من خطته ماسك بعنان عربة خيوله في حلبة العرض التي تسمى خشبة المسرح. شارك الفنان حسين عبدعلي في كثير من المسرحيات حضرت معظمها وحتى تدريباته وكان ما توقعته لقد تابعته منذ أن كان في بدايته فرأيته أداة طوع غالباً ما كان تحت سيطرة الأستاذ القائد الفني عبدالله السعداوي والأستاذ المبدع إبراهيم خلفان وغيرهم من المخرجين المبدعين وهم الذين غرسوا في صدره سهام حب المسرح والتمثيل وولعه به ولم يتخلص منها، وها هو الآن في عمره هذا يقدم رحيق ما تعلمه وما تدرب عليه، فنستشعر ونحن نراه على الخشبة بأنه أداة تمثيلية ذهبية كتحفة لا ولن تتغير سوى إلى الأفضل دائماً.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك