العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

500 عام تنتهي هنا

‭  ‬ليس‭ ‬جديدا‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬يمر‭ ‬بتغيرات‭ ‬كبيرة‭ ‬متسارعة‭ ‬وبعيدة‭ ‬المدى‭. ‬جوهر‭ ‬هذه‭ ‬التغيرات‭ ‬أننا‭ ‬نشهد‭ ‬انهيارا‭ ‬تدريجيا‭ ‬للنظام‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬على‭ ‬هيمنة‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب،‭ ‬ونشهد‭ ‬ميلادا‭ ‬تدريجيا‭ ‬لنظام‭ ‬عالمي‭ ‬جديد‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭.‬

في‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬ينشغل‭ ‬المفكرون‭ ‬والباحثون‭ ‬والكتاب‭ ‬بتأمل‭ ‬وتحليل‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭ ‬وبحث‭ ‬أسبابها‭ ‬والعوامل‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬إليها،‭ ‬وذلك‭ ‬سعيا‭ ‬إلى‭ ‬فهم‭ ‬أفضل‭ ‬للمستقبل‭.‬

هذا‭ ‬الجدل‭ ‬يهمنا‭ ‬أن‭ ‬نتابعه‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬وخصوصا‭ ‬إننا‭ ‬في‭ ‬القلب‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الجدل‭. ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬كيف‭ ‬يفكرون‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬فيما‭ ‬يجري‭ ‬من‭ ‬متغيرات‭.‬

من‭ ‬أهم‭ ‬التحليلات‭ ‬التي‭ ‬قرأتها‭ ‬مؤخرا‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬تحليل‭ ‬مطول‭ ‬نشرته‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬نيوزويك‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬عددها‭ ‬الأخير‭ ‬وكتبه‭ ‬توم‭ ‬أوكونور‭ ‬كبير‭ ‬كتاب‭ ‬المجلة‭. ‬التحليل‭ ‬عنوانه‭: ‬‮«‬نهاية‭ ‬القرن‭ ‬الأمريكي‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬يناقش‭ ‬جوهر‭ ‬التغير‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬القوى‭ ‬العالمي‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تراجع‭ ‬النفوذ‭ ‬الأمريكي‭ ‬وصعود‭ ‬الصين‭ ‬وقوى‭ ‬عالمية‭ ‬أخرى‭. ‬

أهمية‭ ‬التحليل‭ ‬إنه‭ ‬يعرض‭ ‬وبشكل‭ ‬رصين‭ ‬لآراء‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الساسة‭ ‬وكبار‭ ‬المحللين‭ ‬من‭ ‬أمريكا،‭ ‬والصين،‭ ‬والوطن‭ ‬العربي،‭ ‬أي‭ ‬يمثلون‭ ‬القوى‭ ‬الرئيسية‭ ‬المعنية‭ ‬بهذه‭ ‬التغيرات‭.‬

لنتابع‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬التحليل،‭ ‬ثم‭ ‬سأعلق‭ ‬عليه‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭.‬

يبدأ‭ ‬التحليل‭ ‬بمقولة‭ ‬شهيرة‭ ‬للرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‭ ‬أطلقها‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬وقال‭ ‬فيها‭: ‬‮«‬العالم‭ ‬يشهد‭ ‬تغيرات‭ ‬لم‭ ‬نشهدها‭ ‬منذ‭ ‬مائة‭ ‬عام‮»‬‭.‬

كاتب‭ ‬التحليل‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المقولة‭ ‬ليست‭ ‬مقولة‭ ‬دعائية‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬تقرير‭ ‬لما‭ ‬يحدث‭ ‬بالفعل‭ ‬وما‭ ‬يشهده‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬تغيرات‮»‬‭.  ‬أي‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يشهده‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬بالفعل‭ ‬منذ‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمن‭.‬

يقول‭ ‬الكاتب‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬يجري‭ ‬أمام‭ ‬أعيننا‭ ‬يتجلى‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وهي‭ ‬منطقة‭ ‬كانت‭ ‬تقليديا‭ ‬ساحة‭ ‬لنفوذ‭ ‬أمريكا‭. ‬ويدلل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬بما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬الماضي‭ ‬عندما‭ ‬توسطت‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬توقيع‭ ‬الاتفاق‭ ‬بين‭ ‬السعودية‭ ‬وإيران،‭ ‬وهذا‭ ‬دور‭ ‬كانت‭ ‬أمريكا‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تلعبه‭.‬

الكاتب‭ ‬يستطلع‭ ‬رأي‭ ‬شاس‭ ‬فريمان،‭ ‬وهو‭ ‬سياسي‭ ‬ودبلوماسي‭ ‬أمريكي‭ ‬مخضرم‭ ‬معروف‭ ‬في‭ ‬التغير‭ ‬الذي‭ ‬يشهده‭ ‬العالم‭ ‬وفي‭ ‬أسباب‭ ‬انهيار‭ ‬نفوذ‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭.‬

يقول‭ ‬فريمان‭: ‬‮«‬العالم‭ ‬يتغير‭.. ‬آلة‭ ‬التغير‭ ‬تعمل‭ ‬بسرعة‭. ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬الهدف‭ ‬الأساسي‭ ‬لسياساتنا‭ ‬الخارجية‭ ‬محاولة‭ ‬استعادة‭ ‬الهيمنة‭ ‬والسيطرة‭. ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬مستحيل‭. ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يدوم‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭. ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬قوة‭ ‬عظمى‭ ‬تبقى‭ ‬عظمى‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‮»‬‭.‬

ويقول‭ ‬إن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تتبع‭ ‬الآن‭ ‬طريقها‭  ‬الخاص،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬البعض‭ ‬‮«‬الاستقلال‭ ‬الاستراتيجي‮»‬‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬الهند‭  ‬مثلا،‭  ‬وحتى‭ ‬دول‭ ‬اعتبرت‭ ‬دائما‭ ‬من‭ ‬أقرب‭ ‬حلفاء‭ ‬أمريكا‭ ‬تفعل‭ ‬هذا‭ ‬مثل‭ ‬السعودية‭ ‬وفرنسا‭.‬

ويعتبر‭ ‬فريمان‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬تغيرات‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬عصر‭ ‬الهيمنة‭ ‬الأمريكية‭..  ‬عصر‭ ‬القرن‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬استمر‭ ‬خمسين‭ ‬عاما‭ ‬ينتهي‭. ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬500‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬الهيمنة‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬العالم‭ ‬تنتهي‭  ‬اليوم‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬هذا‭ ‬الانهيار‭ ‬الأمريكي‭ ‬الغربي،‭ ‬فيقول‭ ‬فريمان‭: ‬‮«‬إننا‭ ‬نتبجح،‭ ‬ونهدد،‭ ‬ونتوعد،‭ ‬ونعاقب،‭ ‬ونرسل‭ ‬قوات‭ ‬المارينز،‭ ‬ونلقي‭ ‬القنابل‭. ‬لكننا‭ ‬لم‭ ‬نعرف‭ ‬أبدا‭ ‬استخدام‭ ‬فنون‭ ‬الإقناع‮»‬‭. ‬ويضيف‭: ‬‮«‬إن‭ ‬لحظة‭ ‬العظمة‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬قد‭ ‬انتهت‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬طويل‭. ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬قدرة‭ ‬أمريكا‭ ‬على‭ ‬ممارسة‭ ‬الإكراه‭ ‬والفرض‭ ‬والإملاء‭ ‬قد‭ ‬انهارت‭. ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬فإننا‭ ‬نتعامل‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أننا‭ ‬مازلنا‭ ‬نتمتع‭ ‬بسلطة‭ ‬وقوة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحديها‭ ‬مثلما‭ ‬فعلنا‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‮»‬‭.‬

‭  ‬للحديث‭ ‬بقية‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التحليل‭ ‬المهم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا