(74) فسق: كما في قوله تعالى (فَفَسَقَ عَن أَمرِ ربّه) الكهف (50)، فسق فُلان: خرج عن حَجْر الشرع، وذلك من قولهم فسق الرطب: إذا خرج عن قشره، وهو أعم من الكفر، والفسق يقع بالقليل من الذنوب وبالكثير، لكن تعُورف فيما كان كثيرا، وأكثر ما يقال الفاسق لمن التزم حكم الشرع وأقرّ به، ثم أخل بجميع أحكامه أو ببعضها، وإذا قيل للكافر الأصلي: فاسق، فلأنه أخلّ بحُكم ما التزمه العقل واقتضته الفطرة، قال الله تعالى: (فَفَسَقَ عَن أَمر ربه) الكهف (50) (فَفَسَقُوا فِيهَا) الإسراء (16) (وَأَكثَرُهُمُ الفَاسِقُونَ) آل عمران (110). (وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفسِقونَ) النور (55) أي: من يستر نعمة الله فقد خرج عن طاعته، والفاسق أعم من الكافر والظالم أعم من الفاسق «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» النور (4)، وسميت الفأرة فويسقة لما اعتقد فيها من الخبث والفسق. وقيل لخروجها من بيتها مرة بعد مرة أخرى (مفردات ألفاظ القرآن (مرجع سابق) (ص 636)).
(75) الكُفْر: كما في قوله تعالى: (فَأَبَى أَكثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورا) الفرقان (50).
الكفر في اللغة: سَتْرُ الشيء، ووصف الليل بالكافر لستره الأشخاص، والزرَّاع لستره البذر (والحب) في الأرض. وكُفر النعمة وكفرانها: سترها بترك أداء شكرها، قال تعالى: (فَلَا كُفرَانَ لسعيه) الأنبياء (94) وأعظم الكفر: جحود الوحدانية أو الشريعة أو النبوة، والكفران في جحود النعمة أكثر استعمالا، والكُفر في الدين أكثر، والكفور فيهما جميعا (فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورا ) الإسراء (99) (فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا) الفرقان (50)، ويقال منها: كَفَر فهو كافر. قال في الكُفران: (لِيَبلُوَنِي ءَأَشكُرُ أَم أَكفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشكُرُ لِنَفسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيّ كَرِيم) النمل (40) وقال: (وَاشكُرُوا لِي وَلَا تَكفُرُونِ) البقرة (152)، وقوله: (وَفَعَلتَ فَعلَتَكَ الَّتِي فَعَلتَ وَأَنتَ مِنَ الكَافِرِينَ ) الشعراء (19) أي: تحرَّيت كفران نعمتي، وقال: (لَئِن شَكَرتُم لَأَزِيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد) إبراهيم (7)، ولما كان الكُفران يقتضي جحود النعمة صار يستعمل في الجحود، قال: (وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِر بِهِ) البقرة (41) أي: جاحد له وساتر، والكافر على الإطلاق متعارف فيمن يجحد الوحدانية أو النبوة أو الشريعة أو ثلاثتها، وقد يقال: كفَر لمن أخلّ بالشريعة وترك ما لزمه من شكر الله عليه. (مفردات ألفاظ القرآن (مرجع سابق) (ص 714)).
(76) مصر: كما في قوله تعالى (اهبِطُوا مِصرا) البقرة (61).
والمِصرُ اسم لكل بلد مَمْصُور أي محدود ويقال مَصت مصِراً أي: بنيته، والمِصْر الحد، وكان من شروط هَجَر: اشترى فلان الدار بِمُصُرها أي حدودها. وأما قوله تعالى (اهبِطُواْ مِصرا) البقرة (61)، فهو البلد المعروف، وصرفه لخِفَّته، وقيل بل عنى بلدا من البلدان. والماصر: الحاجزُ بين الماءين، ومَصَرْتُ الناقة: إذا جمعت أطراف الأصابع على ضرعها فحلبتها، ومنه قيل لهم غلةٌ يمتصرونها، (والتمصر: حلب بقايا اللبن في الضرع بعد الدَّر) أي: يحتلبون منها قليلا (المرجع السابق (ص 769)).
(77) الموت: كما في قوله تعالى: (كُلُّ نَفس ذَائِقة المَوتِ) آل عمران (185).
ينقسم الموت بحسب أنواع الحياة إلى:
الأول: ما هو بإزاء القوة النامية الموجودة في الإنسان والحيوان والنبات (والكائنات الحية الدقيقة) نحو قوله تعالى (وَيُحي الأَرضَ بَعدَ مَوتِهَا) الروم (19)، (وَأَحيَينَا بِهِ بَلدَة مَّيتا) ق (11).
الثاني: زوال القوة الحاسَّة. قال: (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذَا) مريم (23)، (أَئذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) مريم (66).
الثالث: زوال القوة العاقلة، وهي الجهالة، نحو (أَوَمَن كَانَ مَيتا فَأَحيَينَاه) الأنعام (122) وإياه قصد بقوله (إِنَّكَ لَا تُسمِعُ المَوتَى) النمل (80).
الرابع: الحُزن المكدِّرُ للحياة، وإياه قصد بقوله: (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ) إبراهيم (17).
الخامس: المنام، فقيل: النوم موت خفيف، والموت نوم ثقيل وعلى هذا النحو سماها الله تعالى توفيا فقال: (وَهُوَ اَّلذِي يَتَوَفّاكُم بِاللّيلِ) الأنعام (60) (اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوتِهَا وَالّتِي لَم تَمُت فِي مَنَامِهَا) الزمر (42). وقوله (وَلَا تَحسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَموَاتَا بَل أَحيَاءٌ) آل عمران (169). فقد قيل: نفى الموت عن أرواحهم فإنه نبه على تنعُّمهم، وقيل: نفى عنهم الحُزن المذكور في قوله (وَيَأتِيهِ المَوتُ مِن كُلِّ مَكَان) إبراهيم (17) وقوله (كُلُّ نَفس ذَائِقَةُ المَوتِ) آل عمران (185) فعبارة عن زوال القوة الحيوانية وإبانة الروح من الجسد وقوله (إِنَّكَ مَيِّت وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ) الزمر (30) فقد قيل معناه: ستموت، تنبيها أن لا بد لأحد من الموت.
والميتة من الحيوان: مازال رُوحه بغير تذكية قال (حُرِّمَت عَلَيكُمُ المَيتَةُ) المائدة (3) (مفردات ألفاظ القرآن (مرجع سابق) (ص 782)).
(78) النَّظَر: كما في قوله تعالى (قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ) يونس (101).
النظر: تقليب البصر والبصيرة لإدراك الشيء ورؤيته، وقد يراد به التأمل والفحص وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص وهو الرؤية. يقال: نظرتَ فلم تَنْظُرْ: أي لم تتأمل ولم تترَوَّ، وقوله تعالى: (قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ) يونس (101) أي: تأملوا، واستعمال النظر في البصر أكثر عند العامة، وفي البصيرة أكثر عند الخاصة قال تعالى (وُجُوه يَومَئِذ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة) القيامة (22-23). ويقال نظرت إلى كذا: إذا مددت طرفك إليه رأيته أو لم تَرَهُ، ونظرت فيه: إذا رأيته وتدبرته قال: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيفَ خُلِقَت) الغاشية (17)، نظرت في كذا: تأملته قال تعالى (فَنَظَرَ نَظرَة فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيم) الصافات (88-89). وقوله تعالى (أَوَلَم يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالَأرضِ) الأعراف (185) فذلك حث علي تأمل حكمته في خلقها.
ونظر الله تعالي إلى عباده: هو إحسانه إليهم وإفاضة نعمه عليهم قال تعالى (وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِليهِم يَومَ القِيَامَةِ) آل عمران (77) (المرجع السابق) (ص 812).
(79) النفاق: كما في قوله تعالى: (إِنَّ المُنَافِقِينَ هُمُ الفاسِقُونَ) التوبة (67) والنفق الطريق النافذ، والسَّرَبُ في الأرض النافذ فيه قال: (فَإِنِ استَطَعتَ أَن تَبتَغِيَ نَفَقا فِي الأَرضِ) الأنعام (35) ومنه: نافقاء اليربوع، وقد نافق اليربوع، ونفَّق، ومنه النفاق، وهو الدخول في الشرع من باب والخروج عنه من باب، وعلى ذلك نَبَّه بقوله (إِنَّ المُنَافِقِينَ هُمُ الفَاسِقُونَ) التوبة (67) أي: الخارجون من الشرع، وجعل الله المنافقين في الدرْك الأسفل من النار فقال: (إِنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّركِ الأَسفَلِ مِنَ النَّارِ) النساء (145). (المرجع السابق) (ص 819).
(80) إسلام: كما في قوله تعالى: (إنَّ الدِّينَ عِندَ الله الِإسلَامُ) آل عمران (19). مفهوم كلمة الإسلام بمعناها الشامل يعني الاستسلام والانقياد للخالق جل وعلا، فهو بهذا اسم للدين الذي جاء به جميع الأنبياء والمرسلين.
والمعنى الخاص لكلمة الإسلام يعني الشريعة التي جاء بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين إلى العالمين والتي لا تقتصر على جنس أو قوم، ولكن للناس كافة وهي بهذا شريعة عالمية كاملة (الموسوعة الإسلامية العامة، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وزارة الأوقاف (مصر) (ب ط ) (ص 139) (2003م)).
أو هو دين الله الواحد، الذي أوحاه الله إلى رسله وأنبيائه منذ بدأت الرسالات السماوية وحتى خاتمها بمحمد صلى الله عليه وسلم وفيه اتحدت العقيدة مع تمايز الشرائع عبادات ومعاملات (معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام، محمد عمارة، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة: مصر (ب ط) (ص 193) (1996م)).
والإسلام في الشرع علي ضربين: أحدهما: دون الإيمان وهو الاعتراف باللسان، وبه يحقن الدم، حصل معه الاعتقاد أو لم يحصل، وإياه قصد بقوله: (قَالَتِ الأَعرابُ ءَامَنَّا قُل لَّم تُؤمِنُواْ ولكن قولُوا أَسلَمنَا ) الحجرات (14)، والثاني: فوق الايمان وهو أن يكون مع الاعتراف (باللسان) اعتقاد بالقلب، ووفاء بالفعل، واستسلاما له في جميع ما قضى وقدر، كما ذكر عن إبراهيم في قوله (إِذ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسلِم قَالَ أَسلَمتُ لِرَبِّ العَالَمِينَ) البقرة (131) وقوله تعالى: (إنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسلَامُ) آل عمران (19) وقوله: (تَوَفَّنِي مُسْلِمًا) يوسف (101): أي اجعلني ممن أسلم لرضاك (مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني (مرجع سابق) (ص 423)).
والحمد لله رب العالمين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك