بقلم: مريم سليمان
باحثة مصرية في الفكر الإسلامي وفلسفة القانون
عن عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: «عَينانِ لا تمَسَّهما النَّارُ عينٌ بكت من خشيةِ اللهِ، وعينٌ باتت تحرسُ في سبيل اللهِ) (أخرجه الترمذي في سننه) هذا عن قول النبي في البكاء، فماذا عن فعله (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وآلِه وسلَّمَ)، فكان بكاؤه مِن جنس ضحكه، لم يكن بشهيقٍ ورفع صوت، كما لم يكن ضحكه بقهقهة، ولكن كانت تدمَعُ عيناه حتى تَهْمُلا، ويُسمع لِصدره أزيزٌ. وكان بكاؤه تارة رحمة للميت، وتارة خوفًا على أمته وشفقة عليها، وتارة مِن خشية اللّه، وتارة عند سماع القرآن، وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال، مصاحبٌ للخوف والخشية. ولما مات ابنُه إبراهيم، دمعت عيناه وبكى رحمة له، وقال: «...تَدْمَعُ العَيْنُ وَيَحْزَنُ القَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَي رَبَّنَا، وَاللَّهِ يا إبراهيم إنَّا بكَ لَمَحْزُونُونَ) (أخرجه الإمام مسلم).
وبكى لما شاهد إحدى بناتِه وَنَفْسُها تَفِيضُ، وبكى لما قرأ عليه ابنُ مسعود سورة النساء، وانتهى فيها إلى قوله تعالى: (فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىَ هَؤُلاءِ شَهِيدًا) (النساء: 41). وقيل إنه بكى لما مات عثمان بن مظعون. وعن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) أن النبي (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ) بَكى لمَّا كَسَفَتِ الشمسُ، وصلَّى صلاةَ الكسوفِ، وجعَلَ يَبْكي في صلاتِه، وجعَلَ يَنفُخُ ويقولُ: (ربِّ ألمْ تَعِدْني ألَّا تُعذِّبَهم وأنا فيهم، وهم يَستَغفِرونَ ونحن نَستَغفِرُكَ) (أخرجه شعيب الأرناؤوط في تخريج زاد المعاد بإسناد صحيح). وبكى لما جلس على قبر إحدى بناته، وكَانَ يَبكي أحيانًا في صلاة اللَّيلِ.
من فوائد البكاء:
- خروج الدموع التي تعزز صحة العين وتنظفها وتطرد السموم والبكتيريا الضارة منها.
- يحسن عملية التواصل مثل ما يفعله الرضيع مع أمه.
- البكاء أثناء الأحداث السعيدة يساعد على استرخاء الجسم.
- البكاء قد يحسن المزاج.
- قد ينشط الدورة الدموية.
- يسهم في توسيع الرئتين.
- يرطب العينين بسبب الدموع ويمنع جفافهما.
- يطرد الأجسام الغريبة التي تسبب تهيج العينين، مثل الغبار، وشعر الجفون.
- قد يهدئ الأعصاب لاسيما إذا كان من فرح وسرور.
- يسهم في التخلص على المشاعر السلبية مثل الغضب.
- يسهم في ترقيق قلوب الآخرين وكسب تعاطفهم؛ لاسيما إذا كان البكاء بصدق.
من أضرار البكاء:
- قد يؤدي إلى الإصابة بالصداع
- قد يسهم في تهييج القولون العصبي
- يؤدي إلى احمرار لون العينين وتعكرها
- انتفاخ الجفون وتورمها
- تزايد عدد نبضات القلب وتسارعها
- الشعور بالقلق والأرق والتوتر
- العصبية والانفعال
- الإصابة بالاكتئاب.. وغيره من الأضرار
هذه بعض من آثار البكاء على النفس والجسم.. وهكذا يبقى البكاءُ فطرةٌ بشريّةٌ، كما قال الله تعالى: (وأنّه هُوَ أَضْحَكَ وَأبْكَى).. وبالله التوفيق.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك