العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

من ينقذ السودان من «الكابوس»؟

تحدثت‭ ‬أمس‭ ‬عن‭ ‬التقرير‭ ‬الذي‭ ‬أصدرته‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬عن‭ ‬السودان‭ ‬وما‭ ‬يجري‭ ‬فيه‭ ‬والذي‭ ‬حذر‭ ‬مما‭ ‬أسماه‭ ‬‮«‬سيناريو‭ ‬الكابوس‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتجه‭ ‬إليه‭ ‬السودان‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬القتال‭ ‬فورا،‭ ‬أي‭ ‬كابوس‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭ ‬مدمرة‭ ‬ممتدة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.‬

للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬التطورات‭ ‬والمواقف‭ ‬حاليا‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬احتمال‭ ‬تحقق‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬أصبح‭ ‬احتمالا‭ ‬كبيرا‭.‬

من‭ ‬جانب،‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬أيا‭ ‬من‭ ‬طرفي‭ ‬القتال،‭ ‬أي‭ ‬الجيش‭ ‬وقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع،‭ ‬لديه‭ ‬أي‭ ‬استعداد‭ ‬او‭ ‬رغبة‭ ‬لوقف‭ ‬القتال‭ ‬بإرادته‭. ‬الطرفان‭ ‬رفعا‭ ‬شعار‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬نهائيا،‭ ‬ويتصوران‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬القتال‭ ‬يمكنهما‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭.‬

وأكبر‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬القتال‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬اتفاقات‭ ‬الهدنة،‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الالتزام‭ ‬بأي‭ ‬منها‭. ‬الطرفان‭ ‬يعتبران‭ ‬الهدنة‭ ‬فرصة‭ ‬لالتقاط‭ ‬الأنفاس‭ ‬والاستعداد‭ ‬لمواصلة‭ ‬القتال‭.‬

ومن‭ ‬أخطر‭ ‬التطورات‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬حين‭ ‬دعا‭ ‬كل‭ ‬القادرين‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬إلى‭ ‬حمل‭ ‬السلاح‭ ‬وإلى‭ ‬التقدم‭ ‬للجيش‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬السلاح‭.‬

هذا‭ ‬قرار‭ ‬كارثي‭.‬

بداية،‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬الجيش‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬معناه‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬أي‭ ‬نية‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬لوقف‭ ‬القتال‭ ‬أو‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬حل‭ ‬ينهي‭ ‬المأساة‭. ‬معناه‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬إرادة‭ ‬لتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬القتال‭.‬

والقرار‭ ‬بمثابة‭ ‬دعوة‭ ‬لكل‭ ‬القوى‭ ‬والأفراد‭ ‬للاشتراك‭ ‬في‭ ‬القتال،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الجماعات‭ ‬والمليشيات‭ ‬المنظمة‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬السودان‭.‬

ولو‭ ‬حدث‭ ‬هذا‭ ‬فعلا‭ ‬فلن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬معنى‭ ‬سوى‭ ‬الفوضى‭ ‬العارمة‭ ‬والدمار‭ ‬الشامل‭.‬

إذا‭ ‬استمر‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬واتسع‭ ‬نطاق‭ ‬المعارك‭ ‬ودخلت‭ ‬أطراف‭ ‬أخرى‭ ‬فيه،‭ ‬فيعني‭ ‬هذا‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬فعلا‭.‬

إذا‭ ‬لا‭ ‬قدر‭ ‬الله‭ ‬حدث‭ ‬هذا‭ ‬فلنا‭ ‬أن‭ ‬نتخيل‭ ‬كم‭ ‬الدمار‭ ‬والخراب‭ ‬الذي‭ ‬سيحل‭ ‬بالسودان‭ ‬مقارنة‭ ‬بالخراب‭ ‬الذي‭ ‬حل‭ ‬به‭ ‬بالفعل‭ ‬والمأساة‭ ‬المروعة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬الشعب‭ ‬السوداني‭.‬

وإذا‭ ‬حدث‭ ‬هذا‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الفوضى‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬دعوات‭ ‬لتقسيم‭ ‬السودان‭ ‬وتفكيكه‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬حذر‭ ‬منه‭ ‬كثيرون‭ ‬بالفعل‭.‬

السؤال‭ ‬الآن‭ ‬هو‭: ‬من‭ ‬ينقذ‭ ‬السودان‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الكارثة‭ ‬التاريخية‭ ‬الكبرى؟‭ ‬من‭ ‬بمقدوره‭ ‬أن‭ ‬يجنب‭ ‬السودان‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬المفزع؟

إذا‭ ‬ترك‭ ‬أمر‭ ‬السودان‭ ‬للقوى‭ ‬المتقاتلة‭ ‬فيه،‭ ‬فلن‭ ‬يكون‭ ‬هاك‭ ‬أي‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬انقاذه‭. ‬لنلاحظ‭ ‬ان‭ ‬الذين‭ ‬يتقاتلون‭ ‬اليوم‭ ‬ويجرون‭ ‬السودان‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المصير‭ ‬المأساوي‭ ‬المفروض‭ ‬أنهم‭ ‬حكامه‭.. ‬المفروض‭ ‬أنهم‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يحكمون‭ ‬ويقررون‭ ‬مصير‭ ‬البلاد‭. ‬المطلوب‭ ‬إذن‭ ‬هو‭ ‬انقاذ‭ ‬السودان‭ ‬من‭ ‬‮«‬حكامه‮»‬‭ ‬هؤلاء‭.‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬أو‭ ‬دولة‭ ‬أجنبية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إنقاذ‭ ‬السودان‭. ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬والدول‭ ‬لا‭ ‬يعنيها‭ ‬كثيرا‭ ‬امر‭ ‬السودان‭ ‬وشعبه‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحل‭ ‬به‭. ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬ليس‭ ‬خافيا‭ ‬أن‭ ‬قوى‭ ‬ودولا‭ ‬كثيرة‭ ‬يسعدها‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬السودان،‭ ‬وأي‭ ‬بلد‭ ‬عربي،‭ ‬يغرق‭ ‬في‭ ‬الفوضى‭ ‬والدمار‭ ‬وأن‭ ‬يتفكك‭ ‬ويضيع‭.‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬وحدها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتحرك‭ ‬فورا‭ ‬وتنقذ‭ ‬السودان‭.‬

إن‭ ‬بلدا‭ ‬عربيا‭ ‬يضيع‭ ‬أمام‭ ‬أعيننا،‭ ‬ومن‭ ‬العار‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬متفرجة‭ ‬ولا‭ ‬تفعل‭ ‬شيئا‭.‬

مطلوب‭ ‬أن‭ ‬تجتمع‭ ‬كلمة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وتتفق‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬كي‭ ‬تجبر‭ ‬الطرفين‭ ‬المتحاربين‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬القتال‭ ‬فورا‭. ‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬هذا‭ ‬الآن‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا